بريطانيا تتجنب الركود دون تجاوز الصعوبات إثر ارتفاع التضخم

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة إلى 10,5% في كانون الأول/ديسمبر لكنه ما زال عند مستويات هي الأعلى منذ 40 عاما وما زال أعلى بأكثر من خمس مرّات من هدف بنك إنجلترا المحدد عند 2%.

بريطانيا تتجنب الركود دون تجاوز الصعوبات إثر ارتفاع التضخم

(Gettyimages)

تجنّب الاقتصاد البريطاني الدخول في ركود بعدما بقيت نسبة النمو صفرا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022، لكن وزير المال جيريمي هانت حذّر الجمعة من أن المملكة "لم تتجاوز الصعوبات بعد" على خلفية ارتفاع معدلات التضخم.

وسجّل إجمالي الناتج الداخلي نموّا نسبته صفر في الفصل الرابع بما يتوافق مع التوقعات بعدما انكمش بنسبة 0,3% في الأشهر الستة السابقة، وفق ما أفاد المكتب الوطني للإحصاءات في بيان.

ويتناقض النمو البالغة نسبته صفرا في الفصل الرابع مع وضع ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا التي انكمش إجمالي الناتج الداخلي فيها بنسبة 0,2% في الفترة ذاتها على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبالمجمل، تحسّن اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 4,1% العام الماضي بعد نمو نسبته 7,4% في 2021، بحسب بيان المكتب الوطني.

لكن أسعار السلع الاستهلاكية المرتفعة بشكل كبير أثارت أزمة تكاليف معيشة في بريطانيا وأدت إلى إضرابات واسعة النطاق.

والجمعة، نفّذ العاملون في خدمة الإسعاف وموظفو الجامعات إضرابات للمطالبة بزيادة أجورهم.

وشارك في الإضراب حوالي 15 ألفا من أعضاء "يونيسون" (أكبر نقابة عمالية تمثّل موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية) في خمس مناطق في إنجلترا.

وأظهرت البيانات أن الإضرابات في قطاع النقل أثّرت سلبا على الناتج في كانون الأول/ديسمبر.

وقال هانت "لم نتجاوز الصعوبات بعد، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بالتضخم"، لكنه أشار إلى أن "اقتصادنا أكثر صمودا مما كان يخشاه كثيرون".

يُعَرّف الركود تقنيا على أنه نمو سلبي مدى فصلين متتاليين.

وقالت المحللة لدى "أي جي بل" لورا سوتر "بينما لا يمكننا وضع علامة ركود على الاقتصاد، إلا أنه من الواضح أن المملكة المتحدة تعاني ويشعر الجميع بالضائقة في اقتصاد البلاد".

وأضافت أن "هذه المنطقة المحايدة حيث لم يسجّل أي انكماش أو نمو لن تؤدي إلى احتفال الناس في الشارع".

وأعرب حاكم بنك إنجلترا، آندرو بيلي، الخميس عن قلقه حيال التضخم المرتفع بشكل مستمر حتى وإن كان ذلك في ظل مؤشرات على تراجع حدة معدّل ازدياد الأسعار.

وعززت التصريحات التي أدلى بها أمام لجنة نيابية من مختلف الأحزاب التوقعات بشأن إمكان رفع المملكة المتحدة معدلات الفائدة مجددا، بحسب المحللين.

وفي آخر اجتماع بشأن سياسته النقدية عقد الأسبوع الماضي، رفع "بنك إنجلترا" معدل الفائدة للمرة العاشرة على التوالي فيما تسارع السلطات في مختلف بلدان العالم للسيطرة على التضخم الجامح.

ورفع المصرف تكاليف الاستدانة بنصف نقطة إلى 4%، وهو أعلى مستوى منذ أواخر العام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية.

أدى ذلك إلى ازدياد قيمة الرهون العقارية وغيرها من عمليات سداد القروض، ما يؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي ويفاقم أزمة تكاليف المعيشة.

لكن الأشخاص الذين يملكون ما يكفي من المبالغ النقدية للادّخار يستفيدون من رفع المعدّلات.

وتباطأ التضخم في المملكة المتحدة إلى 10,5% في كانون الأول/ديسمبر لكنه ما زال عند مستويات هي الأعلى منذ 40 عاما وما زال أعلى بأكثر من خمس مرّات من هدف بنك إنجلترا المحدد عند 2%.

وتعهّدت حكومة رئيس الوزراء المحافظ، ريشي سوناك، التي تدعم جزئيا فواتير الطاقة للأعمال التجارية والمنازل خفض التضخم في المملكة المتحدة إلى نصف معدّله هذه السنة، رغم أن الجزء الأكبر من القرار يعود إلى سياسة البنك المركزي وقوى السوق.

ويسعى سوناك لإحداث تغيّر في ثروات حكومته المتراجعة بشدة حاليا قبل الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل.

وتظهر الاستطلاعات أن حزب العمال المعارض يتقدّم بفارق كبير على المحافظين الذين يتولون السلطة منذ العام 2010.

وما زال شبح الركود يخيّم على المملكة إذ أفاد بنك إنجلترا الأسبوع الماضي بأن الاقتصاد البريطاني سينكمش في كل فصل من العام 2023.

وقال المحلل لدى "كابيتال إيكونوميكس" بول ديلز الجمعة "نقدر أن تداعيات التضخم المرتفع ومعدلات الفائدة المرتفعة ستتسبب بركود هذا العام".

وسدد صندوق النقد الدولي ضربة أخرى لسوناك عندما توقّع أن تكون المملكة المتحدة الدولة الوحيدة ضمن بلدان مجموعة السبع التي تسجّل نموا سلبيا في 2023.

وسجّلت المملكة المتحدة عام 2020 أكبر انكماش ضمن مجموعة السبع جرّاء تداعيات كورونا. وما زالت البلد الوحيد في المجموعة الذي لم يعد الناتج فيه بعد إلى مستويات ما قبل الوباء.

وأكد مكتب الإحصاءات الجمعة أن النشاط الاقتصادي البريطاني أقل بنسبة 0,8% من المستويات التي سجّلها في 2019.

التعليقات