هدد دونالد ترامب باتخاذ خطوة غير مسبوقة تتمثّل بإقالة رئيس "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي"، وهي مؤسسة تحظى باستقلالية تامة.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
ودعا الرئيس الأميركي مرارًا إلى خفض معدلات الفائدة لتساهم في تحفيز النمو الاقتصادي مع إطلاق خططه المرتبطة بالرسوم الجمركية، مهددًأ بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، ما لم يمتثل، واضعًا المصرف والبيت الأبيض على مسار تصادمي يحذّر المحللون من أنه قد يزعزع استقرار أسواق المال الأميركية.
تقرير لوكالة "أ.ب"، اليوم السبت، نقل عن ترامب قوله، الخميس، في إشارة إلى باول الذي تنتهي ولايته الثانية لأربع سنوات على رأس الاحتياطي الفدرالي في أيار/مايو 2026 "إذا أردتُ طرده فسيخرج بشكل سريع جدًا، صدقوني".
من جانبه، أكد باول أنه لا ينوي التنحي مبكرًا، مضيفًا، هذا الأسبوع، أنه يعتبر استقلال المصرف في تقرير السياسة النقدية "مسألة مرتبطة بالقانون".
كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "كاي بي إم جي"، دايان سوونك، تنقل عنها وكالة "فرانس برس" قولها إنه "من الواضح أن إحساس رئيس الاحتياطي الفيدرالي بأن عليه التطرق إلى الأمر يعني أنهم جديّون"، في إشارة إلى البيت الأبيض.
وأما كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "وولف ريسرتش"، ستيفاني روث، فعبرت، بحسب المصدر، عن اعتقادها بأن الجانبين "سيصطدمان" لكنها استبعدت أن "يستسلم الاحتياطي الفيدرالي للضغط السياسي".
ويتفق معظم خبراء الاقتصاد، يلفت تقرير وكالة "أ.ب"، على أن خطط الإدارة الأميركية المرتبطة بالرسوم والتي تشمل فرض تعرفة "أساسية" عامة نسبتها 10 في المئة على الواردات من معظم البلدان، "ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو الاقتصادي، على الأقل في الأمد القصير".
ومن شأن ذلك، يتابع التقرير، أن يؤدي إلى تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار، ما سيبعد إمكانية تحقيق هدف الاحتياطي الفيدرالي الطويل الأمد القاضي بنسبة تضخم قدرها 2 في المئة، ويمنع على الأرجح صانعي السياسات من خفض المعدلات خلال الشهور القليلة المقبلة.
ستيفاني روث توضح في المقابلة أنه "لن يستجيبوا لمجرد أن ترامب قال في منشور إن عليهم خفض" المعدلات، مضيفة أنه إن أقدم المصرف المركزي على خطوة من هذا النوع، فسيقود ذلك إلى "كارثة" بالنسبة للاقتصاد الأميركي.
يشير العديد من خبراء القانون إلى أن الرئيس الأميركي لا يملك سلطة إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي أو أي من زملائه في لجنة تحديد معدل الفائدة التابعة للمصرف والتي تضم 19 شخصًا، لأي دافع باستثناء وجود سبب وجيه لذلك.
ونظام الاحتياطي الفيدرالي الذي وُضع قبل أكثر من قرن، مصمم أيضا لحماية البنك المركزي الأميركي من التدخلات السياسية.
وبحسب روث "الاستقلال بالغ الأهمية بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي"، وأن "البلدان التي لا تملك مصارف مركزية مستقلة لديها عملات أضعف بشكل لافت ومعدلات فائدة أعلى بشكل لافت أيضًا".
بدوره، أوضح كبير خبراء الاقتصاد لدى "موديز أناليتكس" مارك زاندي، لفرانس برس أنه "لدينا أدلة قوية على أن إضعاف استقلال البنك المركزي فكرة رديئة حقًا".
وينبع أحد التهديدات الأخطر لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي من قضية قائمة أشارت إدارة ترامب في إطارها إلى أنها ستسعى للطعن في قرار صدر عام 1935 عن المحكمة العليا يحرم الرئيس الأميركي من حق إقالة رؤساء الوكالات الحكومية المستقلة.
تداعيات خطيرة
يمكن أن تكون لهذه القضية تداعيات خطيرة على الاحتياطي الفيدرالي، نظرًا إلى وضعه كوكالة مستقلة يعتقد قادتها أنه لا يمكن للرئيس حاليًا فصلهم من العمل لأي سبب باستثناء وجود سبب وجيه. لكن حتى وإن نجحت إدارة ترامب قضائيًا، فقد تصطدم سريعًا بجدار الحماية الأخير لاستقلالية الاحتياطي الفدرالي: أسواق السندات.
خلال فترة الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها الأسواق نتيجة خطط ترامب المرتبطة بالرسوم الجمركية، ارتفعت عائدات السندات الحكومية وتراجع الدولار، ما يشير إلى أن المستثمرين قد لا يرون في الولايات المتحدة ملاذا آمنًا للاستثمار كما كانت في الماضي.
وفي مواجهة الارتفاع الكبير في عائدات سندات الخزينة الأميركية، علقت إدارة ترامب خططها لزيادة الرسوم الجمركية على واردات عشرات البلدان، وهو ما ساهم في تهدئة أسواق المال.
وإذا اعتقد المستثمرون، يتابع التقرير، أن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي في التعامل مع التضخم تعرّضت إلى الخطر، فسيؤدي ذلك على الأرجح إلى رفع العائدات على السندات الحكومية الطويلة الأجل بناء على الافتراض بأن التضخم الطويل الأجل سيكون أعلى، ويفرض ضغوطا على الإدارة.
وقالت سوونك "لا يمكن السيطرة على سوق السندات. هذا هو المغزى من القصة.. لذلك ينبغي أن يكون الاحتياطي الفيدرالي مستقلا".
التعليقات