أزمة الغواصات: إلغاء اجتماع فرنسيّ - بريطانيّ واتصال مرتقب بين بايدن وماكرون

أُلغي اجتماع كان مقررا أن يعقد خلال الأسبوع الجاري بين وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي ونظيرها البريطاني، بين والاس، بناء على طلب باريس، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس"، الأحد، نقلا عن مصدر لم تسمّه، قالت إنّه مقرّب من الوزارة

أزمة الغواصات: إلغاء اجتماع فرنسيّ - بريطانيّ واتصال مرتقب بين بايدن وماكرون

الرئيسان ماكرون وبايدن (أ ف ب)

أُلغي اجتماع كان مقررا أن يعقد خلال الأسبوع الجاري بين وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي ونظيرها البريطاني، بين والاس، بناء على طلب باريس، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس"، الأحد، نقلا عن مصدر لم تسمّه، قالت إنّه مقرّب من الوزارة الفرنسية.

ويأتي إلغاء الاجتماع في خضم أزمة بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، بعدما أعلنت الدول الثلاث، الأربعاء الماضي، إطلاق شراكة إستراتيجية لمواجهة الصين تتضمن تزويد كانبيرا بغواصات تعمل بالدفع النووي، وبالتالي انسحاب الجانب الأسترالي من اتّفاق لشراء غواصات فرنسية.

أستراليا ترفض اتهامات باريس

بدوره، رفض رئيس الحكومة الأسترالية، سكوت موريسون، الأحد، الاتهامات الفرنسية لبلاده بـ"الكذب" بشأن خططها إلغاء عقد لشراء غواصات فرنسية، في حين سيتباحث الرئيسان الفرنسي والأميركي هاتفيا حول الملف في الأيام المقبلة.

وتمسّكت كانبيرا بموقفها فيما اتّهمتها فرنسا بالخيانة. وأصر موريسون على أنه سبق أن طرح مخاوف مع فرنسا حيال غواصاتها.

وقال موريسون للصحافيين في سيدني: "أعتقد أنه كان لديهم جميع الأسباب ليعرفوا أن مخاوف جدّية وعميقة راودتنا بأن الإمكانات التي تملكها غواصات من فئة ’أتاك’ لن تتوافق مع مصالحنا الإستراتيجية، وأوضحنا بشكل تام أننا سنتّخذ قرارا مبنيا على مصلحتنا الوطنية".

وجاءت تصريحات موريسون بعدما خرج وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان عن الأعراف الدبلوماسية في تصريحات موجّهة إلى كل من أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، المنضوية كذلك في الاتفاق الأمني الثلاثي.وقال لودريان في تصريحات لقناة "فرانس2" التلفزيونية: "لقد حصل كذب، حصلت ازدواجية، حصل تقويض كبير للثقة، حصل ازدراء، لذا فإن الامور بيننا ليست على ما يرام".

وأضاف أن استدعاء السفيرين للمرة الأولى في تاريخ العلاقة بين البلدان الثلاثة "له دلالة كبيرة" وللتأكيد على "أننا نشعر باستياء كبير وأن هناك فعلا أزمة خطيرة بيننا".

اتصال مرتقب بين ماكرون وبايدن

من جانبه، أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، الأحد، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن طلب التحدث إلى نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد إلغاء صفقة الغواصات، لافتا إلى أن "مكالمة هاتفية ستجري (بينهما) في الأيام المقبلة".

وقال المتحدث لقناة "بي إم إف تي في" إن ماكرون "سيطلب توضيحا"، مضيفا: "نريد تفسيرات حول ما يبدو تقويضا كبيرا للثقة"، وذلك بعدما استدعت فرنسا، الجمعة، سفيريها في الولايات المتحدة وأستراليا، ردا على قرار كانبيرا.

وكانت قيمة العقد الفرنسي لتزويد أستراليا بغواصات تقليدية تبلغ 50 مليار دولار أسترالي؛ أي ما يعادل 36,5 مليار دولار أميركي، عندما تم التوقيع عليه العام 2016.

وبينما أشار موريسون إلى أنه يتفهم خيبة أمل فرنسا، وقال: "لست نادما على قرار تغليب مصلحة أستراليا الوطنية ولن أندم إطلاقا عليه".

بدوره، أكد وزير الدفاع الأسترالي، بيتر دوتون لـ"سكاي نيوز أستراليا" أن حكومته كانت "صريحة وواضحة وصادقة" مع فرنسا بشأن ترددها حيال الصفقة.

وأفاد دوتون بأن كانبيرا، لم تتمكن من شراء الغواصات الفرنسية بسبب عمليات الصيانة التي يجب أن تتم كل عشر سنوات، والتي تشمل إعادة شحن الوقود النووي، وهو ما لا ينطبق على الغواصات الأميركية، كما أن أستراليا ليس لديها أي محطة للطاقة النووية.

وقال دوتون إنه أعرب شخصيا عن هذه المخاوف لنظيرته الفرنسية، فلورنس بارلي. لكن الأخيرة ردت على هامش رحلتها إلى عاصمة النيجر نيامي قائلة: "لم نتبلغ أبدا بالنوايا الأسترالية. تأكيداته غير دقيقة".

أما وزير المال الأسترالي، سايمن برمنغهام، فشدّد على أن بلده أبلغ الحكومة الفرنسية بالأمر "في أقرب فرصة ممكنة، قبل أن تصبح المسألة علنية".

كذلك، ردّ لودريان بشكل لاذع على سؤال بشأن السبب الذي دفع فرنسا إلى عدم استدعاء سفيرها من بريطانيا، المنضوية في الاتفاق الأمني الثلاثي.

وقال: "استدعينا سفيرينا من (كانبيرا وواشنطن) لإعادة تقييم الوضع. مع بريطانيا، لا حاجة لذلك. نعلم انتهازيتهم الدائمة، ولذا فلا حاجة لإعادة سفيرنا ليفسّر" الوضع.

وفي تعليقه على دور لندن في الاتفاقية، قال باستخفاف: "بريطانيا ليست إلا طرفا زائدا (أي بلا قيمة) في كل هذه" المعادلة.

من جهتها، دافعت وزيرة الخارجية البريطانية الجديدة، ليز تراس، الأحد في مقال عن موقف لندن، مؤكدة عزم بلادها على "التزام الحزم دفاعا عن مصالحنا".

وأشار لودريان إلى أنه سيتعيّن على حلف شمال الأطلسي أخذ ما حصل في الاعتبار لدى إعادته النظر في استراتيجيته خلال قمة مرتقبة في مدريد العام المقبل. ولفت أيضا إلى أن فرنسا ستمنح أولوية من الآن فصاعدا لتطوير إستراتيجية الاتحاد الأوروبي الأمنية، عندما تتولى رئاسة التكتل مطلع 2022.

وقلل رئيس اللجنة العسكرية في حلف شمال الأطلسي، روب باور في وقت سابق من أهمية المخاطر، قائلا إنه يستبعد أن تؤثر القضية على "التعاون العسكري" بين دول الحلف.

وأعلن بايدن عن التحالف الدفاعي الأسترالي-الأميركي-البريطاني الجديد، الذي يأتي ضمن اتفاقية شراكة ينظر إليها على أنها تهدف لمواجهة صعود الصين. وتقدّم اتفاقية الشراكة تكنولوجيا الغواصات النووية الأميركية إلى أستراليا، إضافة إلى إمكانيات لصد الهجمات الإلكترونية وتطبيق الذكاء الاصطناعي وغيرها.

واتهمت فرنسا أستراليا بـ"طعنها في الظهر"، واتهمت واشنطن بمواصلة السلوك الذي انتهجته خلال عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب الذي كانت سياساته تثير سخط حلفاء بلاده الأوروبيين.

وأثار الخلاف الأخير انقسامات عميقة في أقدم تحالف للولايات المتحدة، وقضى على أي آمال حيال إمكانية إعادة إحياء العلاقات بين باريس وواشنطن في عهد بايدن.

وشدد الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، السبت، على التزام الولايات المتحدة "الراسخ" حيال تحالفها مع فرنسا. وقال: "نأمل أن نواصل مناقشة هذه المسألة على أعلى مستوى في الأيام المقبلة، بما في ذلك خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل"، وهي مناسبة سيحضرها كل من لودريان ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

وفي السياق ذاته، قللت أستراليا من أهمية غضب الصين حيال قرارها شراء الغواصات العامل بالدفع النووي متعهّدة الدفاع عن سيادة القانون جوا وبحرا، حيث تسعى بكين للهيمنة على مناطق متنازع عليها.

ووصفت بكين التحالف الجديد بالتهديد "غير المسؤول إطلاقا" للاستقرار الإقليمي، مشككة بالتزام أستراليا منع الانتشار النووي ومحذرة الحلفاء الغربيين من أنهم يعرّضون نفسهم للخطر.

نفي فرنسيّ حول إلغاء اجتماع للرئيس السويسري مع ماكرون

ونفت باريس ما ورد في تقارير إعلامية سويسرية الأحد، عن إلغاء لقاء كان مقررا منذ مدة طويلة بين رئيسي البلدين، وذلك بسبب غضب فرنسا من قرار برن شراء طائرات مقاتلة أميركية.

وذكرت صحيفتا "لوماتان ديمانش" و"سونتاغ تسايتونغ" السويسريتان أن الفرنسيين ألغوا اللقاء المقرر عقده في تشرين الثاني/ نوفمبر بين الرئيس السويسري غي بارمولان مع نظيره ماكرون.

وأضافت الصحيفتان نقلا عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، أن فرنسا اختارت إلغاء اللقاء لغضبها من الطريقة التي أدار بها السويسريون المفاوضات معهم قبل اتخاذهم القرار في حزيران/ يونيو بشراء 36 طائرة من طراز "أف-35 آي" من لوكهيد مارتن.

وبحسب المصادر اتهمت باريس وزارة الدفاع السويسرية بمواصلة التفاوض مع الشركات الأخرى بما فيها "داسو" الفرنسية المصنعة لطائرة "رافال"، بعدما كانت قد توصلت بالفعل الى قرار شراء المقاتلات الأميركية. لكن الحكومة الفرنسية ومكتب بارمولان نفيا إلغاء الاجتماع رسميا، مؤكدين أنه لم يتم الانتهاء بعد من جدولة المواعيد.

وقال قصر الإليزيه في باريس: "لم يتم إلغاء الاجتماع أبدا ولاسيما للأسباب المذكورة". وأوضح أن ماكرون وافق من حيث المبدأ بداية العام على لقاء نظيره السويسري، وأن السويسريين اقترحوا موعدا في تشرين الثاني/ نوفمبر.

وأضاف الإليزيه: "أبلغناهم هذا الصيف أن شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سيكون معقدا"، مضيفا أن الموعد النهائي للاجتماع "لم يتحدد بعد".

التعليقات