حمدوك يلتقي بعثة أمميّة: أي تراجع عن المسار الديمقراطي هو تهديد لاستقرار السودان

التقت بعثة الأمم المتحدة، والتي تشمل سفراء من فرنسا وألمانيا والنرويج وبريطانيا وأميركا والاتحاد الأوروبي، بالرئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك في مقر إقامته.

حمدوك يلتقي بعثة أمميّة: أي تراجع عن المسار الديمقراطي هو تهديد لاستقرار السودان

إشعال إطارات في شارع بالخرطوم (أ ب)

التقت بعثة الأمم المتحدة، والتي تشمل سفراء من فرنسا وألمانيا والنرويج وبريطانيا وأميركا والاتحاد الأوروبي، بالرئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك في مقر إقامته، والذي أكّد أن "أي تراجع عن المسار الديمقراطي هو تهديد للاستقرار والأمن والتنمية" في البلاد.

وكانت الأمم المتحدة قد دعت في وقت سابق الأربعاء، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إلى إطلاق سراح حمدوك "بشكل كامل"، إذ "لا يزال تحت نوع ما من الإقامة الجبرية"، و"لا يملك حرية الحركة".

وقالت البعثة الأممية بالسودان في تغريدة عبر "تويتر"، إن مبعوث الأمم المتحدة للسودان الألماني فولكر بيرتس، وسفراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والنرويج وبريطانيا والاتحاد الأوروبي التقوا حمدوك في مقر إقامته في العاصمة بالخرطوم.

وأوضحت أنه "سرّهم (أعضاء البعثة) أنّه (حمدوك) بصحة جيدة. نستمر ّ بالدعوة إلى استعادة كامل حريته".

فيما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مصدر مقرب من حمدوك، القول، إنه "أكد الالتزام بأهداف الثورة والانتقال المدني الديمقراطي في السودان".

وقال حمدوك وفق الوكالة إن "أي تراجع عن المسار الديمقراطي هو تهديد للاستقرار والأمن والتنمية في السودان"، وحذّر "من استخدام العنف ضد المدنيين".

وفجر الإثنين، اعتقل الجيش قيادات حزبية ووزراء وحمدوك وزوجته اللذين أطلق سراحهما الثلاثاء، وأعلن البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وتعهد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، كما أعلن حالة الطوارئ وإقالة الولاة وعدم الالتزام ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية.

رئيس الوزراء السودانيّ، حمدوك (أ ب)

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق الأربعاء، إن "فولكر بيرتس، ممثل الأمين العام في السودان، التقى رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، حيث يقيم حاليا في مكان يحيط به الحرس".

وأضاف: "أولا وقبل كل شيء نريد أن نري إطلاق سراح كامل لحمدوك.. هو لا يزال تحت نوع ما من الإقامة الجبرية، ولم يطلق سراحه بشكل كامل". وأوضح أن "حمدوك لا يملك حرية الحركة، وهو ينبغي أن يتمتع بها".

وأفاد دوجاريك بأن بيرتس التقى أيضا الأربعاء، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، حيث تم نقل الرسالة نفسها التي كررها الأمين العام، أنطونيو غويتريش، وهي ضرورة عكس المسار الحالي، والعودة إلى العملية الدستورية في السودان.

كرّ وفرّ بين المحتجين والأمن ودعوات لـ"مليونية 30 أكتوبر"

وفي سياق ذي صلة، شهدت شوارع الخرطوم، الأربعاء، أعمال كر وفر بين المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة السودانية.

وظهرت دعوات من نشطاء سودانيين وتجمعات مهنية ونقابية في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الخروج بـ"مليونية" يوم 30 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، رفضا لما وصفوه بـ"الانقلاب العسكري".

وخرج عشرات السودانيين في تظاهرات متفرقة بأنحاء الخرطوم، خلال اليوم، رفضا لقرارات البرهان التي اعتبروها "انقلابا عسكريا".

كما شهدت شوارع العاصمة عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الجيش و"الدعم السريع" والشرطة.

وأفادت وكالة "الأناضول" للأنباء بأنه بينما كانت قوات الجيش والشرطة تعمل على إزالة المتاريس لإعادة فتح الطرقات الرئيسية، كان المحتجون يعيدوا إغلاقها بعد رحيل العناصر الأمنية.

كما أحرق المتظاهرون الإطارات في مناطق متفرقة من الخرطوم، خلال ساعات النهار، قبل أن ينسحبوا مع دخول الليل، حسب الشهود.

وعلى الصعيد ذاته، نشر "تجمع المهنيين السودانيين" عبر حسابه على موقع "فيسبوك" صورا لتظاهرات قال إنها "ترفض وتقاوم الانقلاب العسكري".

وظهر في الصور منشورات ورقية تدعو السودانيين لـ"الخروج في مليونية 30 أكتوبر الرافضة للانقلاب العسكري".

كما تداولت حسابات نشطاء سودانيين مقاطع فيديو لمتظاهرين في الخرطوم، يوجهوا دعوات للمشاركين في الاحتجاجات للخروج في "مليونية 30 أكتوبر".

وفي السياق ذاته، جدد بيان مشترك لمنظمات مهنية في السودان، الدعوات لمواصلة الاحتجاجات والعصيان المدني رفضا لخطوات البرهان.

ووقع على البيان 20 منظمة مهنية من أبرزها التحالف الديمقراطي للمحامين، ولجنة أطباء السودان المركزية، ونقابة أطباء السودان الشرعية، ولجنة المعلمين، وتجمع المهندسين السودانيين.

وجاء فيه: "شعبنا العظيم نؤكد لكم أن خروجكم المهيب والعظيم بعد الإعلان الذي أقدم عليه الانقلابيين كان ملهما وبات أثره واضحا، وأن العصيان والإضراب العام كان ناجحا بنسب تفوق توقع الجلاد وحاشيته".

وأضاف: "نحن الموقعون أدناه نتعهد أمامكم بمواصلة الالتحام معكم في التتريس والمظاهرات الليلية داخل الأحياء ومواصلة عصياننا وإضرابنا العام والتجهيز لموكب الثلاثين من أكتوبر والذي ستنشر مساراته لاحقا".

وحاول البرهان تبرير قراراته بالقول، الإثنين، إن "التحريض على الفوضى من قوى سياسية دفعنا للقيام بما يحفظ السودان"، معتبرا أن "ما تمر به البلاد أصبح يشكل خطرا حقيقيا".

ضغط دولي يتصاعد وحملة توقيفات مستمرّة

وكثفت القوى الأمنية الأربعاء حملة التوقيفات التي تستهدف ناشطين ومتظاهرين محتجين على الانقلاب، وانتشرت في كل أنحاء الخرطوم لمحاولة وضع حد للتحركات الشعبية الرافضة لقرارات البرهان.

وفي الخارج، تتصاعد الضغوط. إذ أعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية السودان فيه، بينما جمّد البنك الدولي مساعداته إلى البلد الغارق في أزمة اقتصادية خانقة.

في الوقت نفسه، فإن محاولة إسكات المعارضة مستمرة. فقد تمّ توقيف مساعد رئيس حزب الأمة صديق المهدي، نجل رئيس الحكومة الراحل، صادق المهدي، وأحد قيادي ائتلاف قوى الحرية والتغيير المطالب بتسلم المدنيين السلطة، وفق ما أفادت أسرته.

وشهدت شوارع العاصمة السودانية الأربعاء، انتشارا أمنيا مكثفا من الجيش وقوات "الدعم السريع"، لا سيما في شارع المطار.

وشوهد مئات المتظاهرين وهم يرشقون قوات الأمن بالحجارة أثناء محاولتها إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون من شارع الستين، أحد أبرز الشوارع في شرق العاصمة، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس"، فيما أطلق عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على عشرات المتظاهرين.

وخارج العاصمة، واصل المتظاهرون احتجاجاتهم الرافضة للانقلاب العسكري وأقاموا حواجز في بورتسودان شرقي البلاد، وواد مدني جنوبيّها، وعطبرة شمالا.

وفي بيان مشترك الأربعاء، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم ومجموعة دول الترويكا في السودان والتي تضم بريطانيا والنروج والولايات المتحدة بدعم من سفارة سويسرا "التمسك بالاعتراف برئيس الوزراء وحكومته كقادة دستوريين للحكومة الانتقالية".

وطالبوا "بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين".

متظاهرون سودانيون، الأربعاء (أ ب)

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن بيرتس، التقى الأربعاء، البرهان وكذلك حمدوك.

وأضاف خلال مؤتمره الصحافي اليومي أن المبعوث "التقى الفريق أول البرهان للبحث في التطورات الأخيرة" في السودان، ردا على أسئلة حول الانقلاب العسكري.

وقال دوجاريك إنه "أكد له" على التطورات التي تطالب بها الأمم المتحدة وهي "العودة إلى العملية الانتقالية" بموجب الوثائق الدستورية و "بالطبع الإفراج الفوري عن جميع الذين اعتقلوا تعسفيا".

كما قال أيضا إن المبعوث الأممي أتيحت له "الفرصة منذ بعض الوقت للقاء رئيس الوزراء حمدوك في مقر إقامته حيث لا يزال تحت الحراسة".

وقال المتحدث "إنه قيد الإقامة الجبرية نوعا ما. ليس حرا في التحرك ويجب أن يكون حرا".

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن، أجرى محادثة هاتفية مع حمدوك الثلاثاء، رحّب فيها بإطلاق سراحه.

ويقول المتظاهرون السودانيون الرافضون للانقلاب، إنهم لن يتركوا الشارع قبل عودة الحكم المدني للبلاد. وعاش السودان منذ استقلاله قبل 65 سنة، بشكل شبه مستمر تحت سيطرة العسكر.

وكان الجيش تسلم السلطة بعد أن أطاح في نيسان/ أبريل 2019 بنظام عمر البشير الذي حكم السودان أكثر من 30 عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا. لكن الاحتجاجات الشعبية تواصلت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلالها أكثر من 250 قتيلا.

وفي آب/ أغسطس 2019، وقّع العسكريون والمدنيون في ائتلاف قوى الحرية والتغيير اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين (مجلس سيادة يرأسه عسكري، وحكومة يرأسها مدني)، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.

اقرأ/ي أيضًا | السودان: مطالبة أميركية - أوروبية بالإفراج الفوري عن المعتقلين ولقاء حمدوك

ورفضا لما أقدم عليه الجيش، قرر الاتحاد الإفريقي، الأربعاء، تعليق مشاركة السودان في أنشطه، وجمد البنك الدولي مساعداته للبلاد، ودعت دول ومنظمات إقليمية ودولية إلى ضرورة استكمال عملية الانتقال الديمقراطي.

التعليقات