واشنطن تغلق سفارتها في كييف: "القوات الروسية تتوجه لمواقع هجومية"

قررت الولايات المتحدة الأميركية، اليوم الإثنين، إغلاق سفارتها في العاصمة الأوكرانية كييف، والاستعاضة عنها ببعثة دبلوماسية غربي أوكرانيا، وسط تقارير عن تحرك القوات الروسية من نقاط تجمعها إلى مواقع هجومية.

واشنطن تغلق سفارتها في كييف:

(أ ب)

تصاعدت التحذيرات الأميركية، مساء الإثنين، من هجوم روسي وشيك على أوكرانيا، وذلك عبر تصريحات تصدر عن مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين على حد سواء، تشكك بنوايا الكرملين مواصلة الجهود الدبلوماسية لخفض التصعيد، مقابل مواصلة موسكو تعزيزاتها العسكرية ونقل قواتها إلى مواقع هجومية قرب الحدود مع أوكرانيا.

وفي آخر التطورات الميدانية، أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء الإثنين، أن بلاده قررت نقل سفارتها لدى أوكرانيا من كييف إلى لفيف في غرب البلاد، في مواجهة "التسارع اللافت" لانتشار القوات الروسية عند الحدود.

جاء ذلك فيما نقلت قناة "سي بي إس" عن مسؤول أميركي، قوله إن "صور الأقمار الاصطناعية تظهر تحرك القوات الروسية من نقاط تجمعها إلى مواقع هجومية". وبحسب المسؤول فإن "صور الأقمار الصناعية تظهر نقل الجيش الروسي وحدات مدفعية وقاذفات صواريخ لمواقع هجومية".

ونقلت محطة "سي إن إن" التلفزيونية عن مصادر استخباراتية أميركية، قولها إن "القوات الروسية دخلت في مرحلة الإعداد النهائي لاستخدام خيار عسكري ضد أوكرانيا"، فيما قال البيت الأبيض إن "الهجوم الروسي على أوكرانيا قد يبدأ خلال نهاية الأسبوع".

الأقمار الصناعية تظهر تجمع للمعدات العسكرية الروسية بالقرب من ييلنيا (أ ب)

وأعلن البيت الأبيض أن واشنطن ستكون "مستعدة" لأي قرار يتخذه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ولكننا "نفضل الدبلوماسية"، وأضاف "شهدنا زيادة في القوات الروسية على الحدود الأوكرانية"، مكررًا أن "الرئيس جو بايدن أوضح لبوتين أن عواقب غزو أوكرانيا ستكون وخيمة وحاسمة وتشمل عقوبات اقتصادية" قاسية.

وقال بلينكن في بيان إن "السفارة ستبقى على تواصل مع الحكومة الأوكرانية" لكن "نناشد كل مواطن أميركي لا يزال في أوكرانيا على مغادرة البلاد فورًا". وأضاف "نحن بصدد نقل عمليات" السفارة في كييف "إلى لفيف موقتا"، مؤكدًا أن واشطن تريد ضمان "أمن الأميركيين".

وأوضح بلينكن أو بلاده تعتزم "إعادة موظّفينا إلى السفارة ما إن تسمح الظروف بذلك"، مشيرا إلى مواصلة العمل "من أجل (التوصل إلى) حل دبلوماسي للأزمة" على ضوء مكالمة الرئيسين بايدن وبوتين. وشدد على أن "قنوات الحوار تبقى مفتوحة".

ووفقا للتقارير التي أوردتها وسائل إعلام أميركية، فإن وزارة الخارجية الأميركية أوعزت لموظفي السفارة في كييف، بإتلاف الحواسيب والأجهزة الإلكترونية والوثائق الموجودة في السفارة، قبل التوجه إلى لفيف.

البنتاغون: بوتين لم يتخذ أي قرار نهائي بشأن أوكرانيا

وعشية توجه وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إلى أوروبا، أعلن البنتاغون، مساء الإثنين، أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر أن بوتين لم يتخذ أي "قرار نهائي" بشأن غزو أوكرانيا من عدمه.

وأوضح الناطق باسم البنتاغون، جون كيربي، في مؤتمر صحافي، أنه "لا نظن أن قرارا نهائيا اتخذ لكن تحركا عسكريا قد يحصل في أي وقت". وأعلن أن أوستن سيزور، الثلاثاء، مقر حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل ومن ثم بولندا وليتوانيا.

وتحدث كيربي عن "احتمال وارد جدا" بأن يطلق بوتين الغزو "من دون أي إنذار" مسبق؛ فيما وجّه انتقادات للصين على خلفية "دعمها الضمني" لموسكو في الأزمة مع أوكرانيا. وقال إن "دعم الصين الضمني" لروسيا "يثير قلقا كبيرا وبصراحة يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار الأمني في أوروبا".

(أ ب)

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن الولايات المتحدة لم "ترَ مؤشرات ملموسة تدل على احتواء التصعيد" عند الحدود بين روسيا وأوكرانيا. لكنه شدد على أن الولايات المتحدة تعتقد أن النهج الدبلوماسي لا يزال خيارا قائما. وقال: "نعتقد أنه لا تزال هناك فرصة لحل الأزمة عبر الحوار والدبلوماسية".

روسيا تعزز قواتها

وفي وقت سابق، الإثنين، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، كيربي، إن روسيا عززت انتشارها العسكري عند الحدود مع أوكرانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، رغم إعلان موسكو انتهاء بعض المناورات العسكرية.

وأضاف كيربي في تصريحات لـ"سي إن إن"، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "يتمتع بقدرات واسعة. ويستمر في إرسال قوات إضافية على طول هذه الحدود مع أوكرانيا حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع (الماضي) ولديه أكثر من مئة ألف (جندي)".

وتابع "هي ليست فقط مسألة أعداد. الأمر يتعلق أيضا بالقدرات، قدرات على صعيد الأسلحة. من المصفحات إلى وحدات المشاة مرورا بالقوات الخاصة والهجمات الالكترونية والدفاعات الجوية والصاروخية".

أوكرانيا تستبعد الغزو

يأتي ذلك فيما رأى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في تصريحات صدرت عنه في وقت سابق، اليوم، أن قرار دول غربية من بينها الولايات المتحدة وكندا، نقل سفاراتها من كييف إلى غرب أوكرانيا، "خطأ فادح".

وقال الرئيس الأوكراني، خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، إنّ "نقل بعض السفارات إلى غرب أوكرانيا خطأ فادح، لكنّ القرار عائد لهم (..) أوكرانيا موحّدة وإن حصل شيء فسيكون في كل مكان".

وأعلن زيلينسكي، الأربعاء المقبل، "يوم وحدة" للشعب الأوكراني، بعدما أشارت وسائل إعلام عدة إلى احتمال أن يشهد هجومًا روسيًا. وقال: "يُقال لنا إن 16 شباط/ فبراير سيكون يوم الهجوم. سنجعله يوم الوحدة"، داعيًا الأوكرانيين إلى رفع الأعلام الوطنية وإبراز لونيه الأزرق والأصفر في ذلك اليوم.

واتّهم زيلينسكي روسيا أيضًا بـ"شنّ حرب" على أوكرانيا "على كل الجبهات" وبـ"السعي لزرع الهلع في صفوف الأوكرانيين والمستثمرين". وقال: "دولتنا قوية أكثر من أي وقت مضى" و"نحضّر ردودًا مناسبة لكل الاعتداءات المحتملة".

وفيما لا تكفّ روسيا عن اتهام كييف بالتحضير لهجوم على الانفصاليين الموالين لموسكو الذين تدعمهم في شرق أوكرانيا، أكد زيلينسكي أن بلاده "تتطلع إلى السلام ولا تريد سوى حلّ كل المسائل عبر المسار الدبلوماسي".

(أ ب)

وعلى صلة، أعرب رئيس مجلس الأمن والدفاع الأوكراني، أولسكي دانيلوف، عن اعتقاده بأن روسيا لن تشن هجومًا واسع النطاق على أوكرانيا في 16 شباط/ فبراير الجاري.

وأوضح دانيلوف، في تصريحات صحافية صدرت عنه مساء الإثنين، أن الجانب الأوكراني "مدرك للتطورات والمخاطر المحيطة بأراضي البلاد"، وأكد أن الوضع تحت السيطرة، مضيفًا: "لا نتوقع هجومًا واسع النطاق من روسيا في 16 أو 17 شباط/ فبراير".

واستدرك بالقول: "ولكن قد يقوم الجانب الروسي باستفزاز، ونحن مستعدون له".

وأجلت عدة دول دبلوماسييها، كما حثت مواطنيها على مغادرة أوكرانيا. وسبق أن خُفّض واشنطن عدد موظفي السفارة في العاصمة الأوكرانية إلى الحدّ الأدنى بعدما أمرت في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بمغادرة جميع الموظفين غير الأساسيين وتعليق القسم القنصلي في كييف.

وأبقت واشنطن على تواجد قنصلي محدود في لفيف على بعد حوالى 70 كيلومترا من الحدود البولندية للاستجابة لحالات طارئة.

وفي هذا السياق، قال حارس أمني أوكراني في السفارة الأميركية في كييف، إن جميع الأميركيين غادروا وأن المبنى بات الآن مغلقًا. وتعذر رؤية أي علم أميركي.

كما أغلقت كندا سفارتها موقتًا في كييف ونقلت أنشطتها الدبلوماسية إلى لفيف، وكذلك أستراليا.كما نقلت ألمانيا قنصليتها من دنيبرو في شرق أوكرانيا إلى لفيف.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، قد أعلن، الأحد، أنه توصل إلى تفاهمات مع نائبة وزير الخارجية الأوكراني، حول إمكانية فتح ممثلة رسمية إضافية للحكومة الإسرائيلية في مدينة لفيف في الغرب الأوكراني، بعيدا عن مناطق التصعيد المحتمل.

التعليقات