الكشف عن مسودة للاتفاق النووي: إعفاء من العقوبات لا رفعها

تقترب الولايات المتحدة وإيران والدول الكبرى من التوصّل إلى اتفاق نووي جديد، يستند إلى الاتفاق النووي السابق الذي وُقّع عام 2015، وفق ما بيّنت مسودّة حصلت عليها "رويترز"، الخميس.

الكشف عن مسودة للاتفاق النووي: إعفاء من العقوبات لا رفعها

من مكان انعقاد الاجتماعات (أ ب)

تقترب الولايات المتحدة وإيران والدول الكبرى من التوصّل إلى اتفاق نووي جديد، يستند إلى الاتفاق النووي السابق الذي وُقّع عام 2015، وفق ما بيّنت مسودّة حصلت عليها "رويترز"، الخميس.

وقال دبلوماسيون إن الاتفاق الجديد يرسم خطوات متبادلة من الجانبين على مراحل وصولا إلى الامتثال الكامل، لكن أولى هذه الخطوات لا تتضمن إعفاءات من عقوبات النفط.

ولا يزال المبعوثون من إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتفاوضون على التفاصيل، وسط تحذيرات غربية من أن الوقت ينفد قبل أن يصبح الاتفاق الأصلي شيئا من الماضي ويتجاوزه الزمن. ويقول المبعوثون إن قسما كبيرا من نص المسودة تمت تسويته، لكن بعض القضايا الشائكة ما زالت قائمة.

ويتمثّل الهدف العام في العودة إلى الاتفاق الأصلي الذي يقايض رفع العقوبات، بما فيها قيود تقلص مبيعات النفط المهمة لإيران، مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية. وتطيل القيود النووية الأمد وتطيل الوقت الذي تحتاجه طهران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية، إذا اختارت ذلك.

وانتهكت إيران الكثير من هذه القيود وابتعدت عنها بصورة كبيرة، ردًّا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، وإعادة فرض العقوبات في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب. وبينما حدّت اتفاقية 2015 تخصيب اليورانيوم عند درجة نقاء 3.67 بالمئة، تقوم إيران الآن بالتخصيب لما يصل إلى 60 بالمئة، وهو حد قريب من المستوى المطلوب لصنع الأسلحة.

وتؤكّد إيران أن أهدافها سلمية بالكامل، وأنها تريد التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية. من جانبها، تشير القوى الغربية إلى أنه لا توجد دولة وصلت إلى هذا المستوى من التخصيب دون تطوير أسلحة نوويّة، وإن التقدم الذي أحرزته إيران منذ انسحاب الولايات المتحدة يعني أن اتفاق 2015 سيصبح فارغا من مضمونه في القريب العاجل.

وتنصّ مسودة الاتفاق، التي يزيد طولها عن 20 صفحة، على مجموعة من الخطوات واجبة التنفيذ بمجرد إقرارها، بدءا بمرحلة تتضمن تعليق إيران للتخصيب فوق 5 بالمئة، حسبما يقول ثلاثة دبلوماسيين مطلعون على المفاوضات.

ويتضمن النص، أيضًا، إشارات إلى إجراءات أخرى يقول الدبلوماسيون إنها تشمل رفع التجميد عن حوالي 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الكورية الجنوبية بموجب عقوبات أميركية، بالإضافة إلى إطلاق سراح سجناء غربيين محتجزين في إيران، وهو إجراء يشير إليه كبير المفاوضين الأميركيين، روبرت مالي، باعتباره شرطا لإبرام اتفاق.

وبمجرّد تنفيذ هذه المجموعة الأولية من الإجراءات والتأكيد منها، تبدأ المرحلة الرئيسية لرفع العقوبات، وتبلغ ذروتها عند ما يسميه كثير من الدبلوماسيين بـ"يوم إعادة التطبيق".

ويقول دبلوماسيون إنه لم يتم الاتفاق على أمد هذه المراحل، وإن النص يتضمن العلامة x في موضع الإشارة للفترة بين الأيام الهامة مثل يوم إعادة التطبيق. ويقدر مسؤولون المدة الزمنية من يوم الاتفاقية حتى يوم إعادة التطبيق بما يتراوح بين شهر واحد وثلاثة أشهر.

وقال دبلوماسيون إن إيران ستعود إلى الحدود الأساسية، مثل الحد الأقصى للتخصيب عند درجة نقاء 3.67 بالمئة.

إعفاءات نفطية

ومثلما كان الحال في الاتفاق الأصلي، الذي يُطلق عليه رسميا اسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، يستلزم الاتفاق الجديد أن تمنح الولايات المتحدة قطاع النفط، وهو شريان حياة في إيران، إعفاءات من العقوبات المفروضة عليه، وليس رفعها تماما. ويستلزم هذا تجديد الإعفاءات كل بضعة أشهر.

وقال دبلوماسي من الشرق الأوسط مطلع على المحادثات "في ما يتعلّق بصادرات النفط، بموجب الاتفاق، كان (لرئيسان الأميركيان السابقان، باراك أوباما وترامب يصدران إعفاءات مدتها من 90 إلى 120 يوما مع تجديدها باستمرار، إلى حين توقف ترامب عن ذلك بعد الخروج من الاتفاق".

ويقول دبلوماسيون مشاركون في المحادثات، التي بدأت قبل عشرة أشهر، إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل لاتفاق بالفعل، مستشهدين بمقولة لا اتفاق على شيء إلى حين الاتفاق على كل شيء.

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، أمس، الأربعاء، إنّ على إيران أن تقرّر "في غضون أيام" ما إذا كانت ستنتهز الفرصة، وقال مسؤولون آخرون إن اليومين المقبلين سيكونان حاسمين.

ومن بين القضايا الأخرى، التي لا تزال تستعصي على الحلّ، طلب إيران الحصول على ما يضمن عدم انسحاب الولايات المتحدة مرّة أخرى. ويقول المسؤولون الغربيون إن من المستحيل إعطاء ضمانات قوية نظرا لصعوبة إلزام الحكومات في المستقبل.

ورغم ذلك، أشار الدبلوماسي الشرق أوسطي ومسؤول إيراني إلى أن طهران مستعدة لقبول إجراء أخف من خلال النص على أنه في حالة انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق، يُسمح لإيران بالتخصيب بدرجة نقاء حتى 60 بالمئة مرة أخرى.

ووقع خلاف في السابق بين إيران والقوى الغربية حول ما إذا كان الانسحاب الأميركي يمنح إيران الحق في انتهاك الاتفاق بموجب النص الأساسي، مثلما فعلت طهران، وأيضا بخصوص تعريف ما هو الانتهاك.

وقال عدد من الدبلوماسيين إن رفع بعض العقوبات الحساسة على نحو خاص قد يتطلب أيضًا لقاء مباشرا بين مسؤولين إيرانيين وأميركيين. وترفض إيران حتى الآن عقد اجتماعات مباشرة. وقال المسؤولون من إيران ومنطقة الشرق الأوسط إن تحركا من هذا القبيل سيحدث في نهاية المفاوضات.

التعليقات