حيفا تتذكّر زيتونة الجليل: تأبين الشاعر والمربّي حنّا أبو حنّا

شارك حشد غفير من الحضور في أمسية شعرية تأبينية، نُظِّمت أمس الأربعاء، تكريما لزيتونة الجليل، الشاعر والقائد الراحل حنّا أبو حنّا، تكريما لعطائه ومسيرته ومساهمته في صناعة الثقافة وهويتها الوطنية في الداخل الفلسطيني، من خلال مساهماته الغنية في الأدب، والتعليم،

حيفا تتذكّر زيتونة الجليل: تأبين الشاعر والمربّي حنّا أبو حنّا

صورة لـ"زيتونة الجليل"، الراحل أبو حنا

شارك حشد غفير من الحضور في أمسية شعرية تأبينية، نُظِّمت أمس الأربعاء، تكريما لزيتونة الجليل، الشاعر والقائد الراحل حنّا أبو حنّا، تكريما لعطائه ومسيرته ومساهمته في صناعة الثقافة وهويتها الوطنية في الداخل الفلسطيني، من خلال مساهماته الغنية في الأدب، والتعليم، والصحافة، والمسرح، والموسيقى.

وشهدت الأمسية مشاركة واسعة من أصدقاء ومحبي وتلامذة الشاعر الراحل، بالإضافة إلى عدد من النواب العرب، والشخصيات السياسية والاجتماعية والأكاديمية، فضلا عن وزير الثقافة الفلسطيني، عاطف أبو سيف.

وافتُتحت الأمسية بنبذة عن حياة الشاعر، وأهم المحطات في مسيرته التعليمية التي تنقل خلالها بين مسقط رأسه قرية الرينة، مرورا برام الله والقدس والناصرة وجفنا وأسدود ونجد وصولا إلى حيفا، ومن ثمّ استُعرِضت مسيرة الراحل في سلك التعليم ومبادراته الثقافية إلى جانب عمله في الكلية الأرثوذكسية، ومساهماته في رفع مكانة اللغة العربية، ومن ثم زواجه من سامية أمين فرح ابنة مدينة شفاعمرو عام 1960، وانتهاء بإصداراته الشعرية العديدة والمتنوعة والتي مُنح لأجلها وسام منظمة التحرير الفلسطينية تقديرا لجهوده في نشر وتثبيت الأدب العربي الفلسطيني. كما نال وسام "القدس" من وزارة الثقافة الفلسطينية عام 1999، وجائزة محمود درويش عام 2013.

وتحدث في الأمسية د. جوني منصور، عضو مجلس إدارة جمعية الثقافة العربية عن حنا أبو حنا الثائر في وجه الظلم، ونضاله من أجل بقاء اللغة العربية ورفع مكانتها، أمام محاولات طمسها.

وتوجّه منصور بالشكر لجميع المؤسسات الراعية لحفل تأبين وتكريم الشاعر أبو حنا، وهي لجنة المتابعة العليا، والمجلس الملّي الأرثوذكسي ولجنة المعارف الأرثوذكسية، والكلية الأرثوذكسية العربية ونادي حيفا الثقافي و"مدى الكرمل" وجمعية التطوير الاجتماعي.

جانب من الأمسية

وقال المؤرخ والباحث، د. جوني منصور إن "ما يستحقه حنا أبو حنا كثير، ونحاول هنا أن نفيه بعضه".

وأضاف أن "الكلمة التي سطّرها بحبر فكره باقية بيننا لأجيال وأجيال، وأتمنى أن تكون هذه الأمسية لذكراه مصدر تأمل وتذكّر وذاكرة ترافقنا لسنوات طويلة".

وقال منصور: "حين يصبح الوطن تهويمة في البال، يأتي عطاؤك ليعيد ما انهرق، وليرجع وطنا يعشش في الذاكرة، ويثبت أننا هنا... نرنو إلى الآتي الجميل، فلأنك محبة دائمة وعطاء، ولتكاتفك معنا؛ مؤسسةً ورؤيةً وقضيةً، نرفع إليك آيات الامتنان والعرفان".

وتخلل الأمسية قراءة من سيرته الذاتيّة ظلّ الغيمة، بمرافقة موسيقيّة من حبيب حنّا شحادة.

المؤرخ، د. منصور

بدوره، قال رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، إن حنا أبو حنا أبدى خلال مسيرته بطولة استثنائية في جدلية الاضطهاد والمقاومة. وانتقد بشدة ما آلت اليه اللغة العربية من خلال ما وصفها بـ"وسائل التباعد الاجتماعي"، مشيرا إلى أن "الإخفاق ليس في حنا أبو حنا الذي كان مدافعا عن مكانة اللغة العربية، والإخفاق ليس في اللغة ولا في الثقافة، بل فينا نحن.. هذه ليست حداثة، وإنما هي ركاكة من شأنها أن تسمح لروايات أخرى التسلل إلينا والقضاء على روايتنا".

رئيس لجنة المتابعة، بركة

أما وزير الثقافة الفلسطينية، عاطف أبو سيف، فوصف الراحل بأنه من الآباء المؤسسين لفكرة أن فلسطين واحدة لا تتجزأ، وقال: "أُريدَ لنا أن نُكنس من هنا، لكننا باقون هنا بسبب أمثال الراحل حنا أبو حنا من الشعراء الثائرين الذين حملوا راية فلسطين".

وألقى كلمة للكلية الأرثوذكسية الأستاذ شحادة شحادة رفيق درب الشاعر الراحل، قال فيها إنه "مهما قلنا عنه فإننا نعجز عن إيفائه حقه، فقد أبدع في كل مجال خاضه بإخلاص ومرره عبر الأجيال. ونحن في الكلية سنواصل نهج حنا أبو حنا ونسير في نفس الاتجاه".

وألقى حفيدا الراحل؛ سامي عبده وديمة عبده قصيدة "أحبك" التي كتبها الراحل لزوجته سامية، والدة أبنائه أمية وأمين ورباب.

من جانبها، تحدّثت أمية عن الجوانب المشرقة في حياة والدها الراحل الذي كان متفائلا حتى في أحلك الظروف التي خيمت على الوطن. وقالت إنه "كان يبغض الذكورية ويقدس الكرامة والحرّية، لكن أهم إرث حمله فهو حماية فلسطين والدفاع عن كل فلسطيني وأن نحب كل شيء جميل في فلسطين".

وكانت كلمة مصوّرة عبر الشاشة للكاتب الروائي إبراهيم نصرالله، التي كرّر فيها أمنيته بأن يجلس بين يدي الراحل حنا أبو حنا وهو في السادسة من عمره، لكنه لم يلتق به إلا في سن الساسة والستين.

وأُطلق على فقرة القراءات الشعرية: "تسير بنا الطرقات"، وهو اسم إحدى قصائد الشاعر الراحل، أداها علي مواسي بمرافقة موسيقى العود مع العازف حبيب حنا شحادة.

واختتمت الأمسية بكلمة هشام عبده باسم عائلة الراحل، والذي توجّه بالشكر لجميع المساهمين والمشاركين في الأمسية التأبينية تكريما للشاعر الكبير حنا أبو حنا.

وحضر الأمسية كتّاب وشعراء وشخصيات اجتماعية وسياسية. وتضمنت الأمسية التي تشارك فيها إلى جانب جمعية الثقافة العربية، كل من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد، والمجلس الملي الأرثوذكسي، ولجنة المعارف الأرثوذكسية، والكلية العربية الأرثوذكسية، ونادي حيفا الثقافي، ومدى الكرمل، وجمعية التطوير الاجتماعي، الأمسية فقرة للشعر والموسيقى والغناء وكلمات لمُحبيه وتلاميذه.

وغيّب الموت، المربيّ والشاعر الأديب المناضل حنّا أبو حنّا، مساء يوم 2 شباط/ فبراير 2022، عن عمر ناهز 94 عاما، بعد سنوات طويلة أسهم فيها بتشكيل المشهد الثقافي بأبعاده المختلفة في فلسطين، وبصَوْن الهوية الوطنية. وشُيّع، بعد ظهر اليوم التالي، جثمانه إلى المقبرة البروتستانتية في كفر سمير بمدينة حيفا.

صورة الراحل قبل بدء الأمسية

وولد أبو حنا في قرية الرينة عام 1928، وهو ينتمي إلى الجيل الأول من شعراء المقاومة العرب في الداخل الفلسطيني.

وعمل حنا مديرًا للكلية الأرثوذكسية العربية في حيفا حتى عام 1987، ومُحاضرًا في جامعة حيفا وكلية إعداد المعلمين عام 1973.

وشارك الراحل أبو حنا في إصدار مجلة "الجديد" عام 1951، و"الغد" عام 1953، و"المواكب" عام 1984 و"المواقف" عام 1993. كما ساهم بتأسيس جوقة الطليعة، وكان عضوا في الهيئة الإدارية لـ"المسرح الناهض"، و"مسرح الميدان" في حيفا.

خلال إلقاء قصائد للراحل

كما شارك في تحرير وإعداد برامج الطلبة في إذاعتَي القدس والشرق الأدنى.

وتنقَّل أبو حنا بين القدس، ورام الله، وجفنا، وأسدود، وقرية نجد، وحيفا، والناصرة، والرينة، وكانت السلطات الإسرائيلية قد اعتقلته في سجن الرملة عام 1958.

إبراهيم نصر الله شارك افتراضيا

وفي الصِّغَر، تعلّم أبو حنا في الكُتاب في قرية أسدود التي دُمرت بالنكبة، ليلتحق بعد ذلك بالمدرسة الابتدائية "المدرسة الأميرية - مدرسة المعارف للبنين" في حيفا.

بعد ذلك، وبعد إقامة لم تطل كثيرا في حيفا، انتقل الراحل إلى الناصرة وكان من بين الطلبة المشاركين في ثورات عام 1936. ثم التحق بمدرسة اللاتين في الرينة مدة من الزمن، انتقل بعدها لينهي دراسته الثانوية في مدرسة المعارف في الناصرة.

وأبو حنّا حاصل على الماجستير في الأدب، التي نالها بعد نيْل درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة حيفا.

وظلّ أبو حنا بعد احتلال الناصرة يعلّم في مدرستها إلى أن فصله الحكم العسكريّ لنشاطه السياسيّ.

يُذكر أن الراحل، قد تقاعد من "الكلية الأرثوذكسية العربية" عام 1987، وعمِل في "كلية إعداد المعلمين العرب" في حيفا حتى سنة 1995. وأصدر العديد من الأعمال الشعرية والدراسات.

التعليقات