بابا الفاتيكان من كندا: الكنيسة "تعاونت" في "تدمير" ثقافة الشعوب الأصليّة

اعتذر البابا فرنسيس، اليوم الإثنين عن تعامل المسيحيين مع الشعوب الأصلية في كندا وعن "الطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة" في "المشاريع المدمّرة للثقافات".

بابا الفاتيكان من كندا: الكنيسة

بابا الفاتيكان يتوسّط الصورة (Getty Images)

اعتذر البابا فرنسيس، اليوم الإثنين عن تعامل المسيحيين مع الشعوب الأصلية في كندا وعن "الطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة" في "المشاريع المدمّرة للثقافات".

وقال البابا خلال خطاب ألقاه أمام أفراد من شعوب "الأمم الأولى" و"ميتيس" و"أينويت" في ماسكواسيس في ألبيرتا: "أطلب المغفرة، لا سيّما للطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة والجماعات الرهبانية، وأيضًا اللامبالاة التي أظهروها، في تلك المشاريع المدمّرة للثقافات وفي الاستيعاب القسري الذي لجأت إليه حكومات ذلك الوقت، والذي بلغ ذروته في نظام المدارس الداخلية الإجبارية".

سكّان بالزيّ التقليديّ لشعبهم (Gettyimages)

وأكّد بابا الفاتيكان أن "تغيير ثقافة الأطفال قسرا بالمدارس الداخلية في كندا، أدى لتداعيات كارثية على السكان الأصلييين".

وتحدّث عن "كيف أدّت سياسات الاستيعاب إلى تهميش الشعوب الأصلية بصورة ممنهجة"، بالإضافة إلى "تشويه وإلغاء" لغات وثقافات الشعوب الأصلية "من خلال نظام المدارس الداخلية الإجبارية".

وتطرّق أيضًا إلى "تعرّض الأطفال إلى اعتداءات جسدية ولفظية ونفسية وروحية، وكيف تمّ اختطافهم بعيدًا عن بيوتهم وأهلهم عندما كانوا صغارًا".

وألقى خطابه الذي تُرجم إلى الإنجليزية على وقع التصفيق، خصوصا بعدما اعتذر ثلاث مرّات.

ووصل البابا البالغ من العمر 85 عاما إلى إدمنتون في مقاطعة ألبرتا، أمس الأحد، في زيارة تستمر ستة أيام في البلاد والتي كانت تنتظرها منذ سنوات الشعوب الأميركية الهندية التي تضم الشعوب الأولى والإنويت.

وتتمحور رحلة "التوبة" هذه، على الفصل المؤلم من تاريخ "المدارس الداخلية" لأطفال السكان الأصليين، وهو نظام دمج ثقافي تسبب في وفاة ستة آلاف شخص على الأقل بين نهاية القرن التاسع عشر والتسعينات وأحدث صدمة استمرت لأجيال.

واعتذرت الحكومة الكندية التي دفعت مليارات الدولارات كتعويضات لتلاميذ سابقين، بشكل رسمي قبل 14 عاما عن إنشاء هذه المدارس التي أقيمت "لقتل الهندي في قلب الطفل".

(Gettyimages)

ثم حذت حذوها الكنيسة الأنغليكانية. لكن الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تدير أكثر من 60 في المئة من هذه المدارس الداخلية، كانت ترفض على الدوام القيام بذلك.

لكن في نيسان/ أبريل، تغيّر كل شيء مع اعتذار البابا فرنسيس الذي وعد بالمجيء إلى كندا.

وفي محمية ماسكواسيس للسكان الأصليين التي تقع على مسافة 100 كيلومتر جنوب إدمنتون والتي زارها البابا اليوم، تجمع مئات الأشخاص قبل ساعتين من وصوله، فيما ارتدى البعض الزي التقليدي.

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن غيلدا سوساي (50 عاما) وهي من سكان المحمية التي ستكون ضمن المجموعة التي ستتمكن من لقاء البابا، قولها: "أنا سعيدة للغاية. أشعر بسعادة غامرة وأتمنى لو كانت والدتي هنا لترى هذا الحدث". وأضافت: "سأطلب منه الدعاء من أجلي ومن أجل عائلتي وشعبي".

وقال الرئيس الأكبر لـ"اتحاد الشعوب الأولى في كونفدرالية المعاهدة 6"، جورج أركاند جونيور، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي في إدمنتون إن "هذه الرحلة التاريخية جزء مهم من رحلة الشفاء".

وفي نيسان/ أبريل، اعتذر الحبر الأعظم للمرة الأولى في الفاتيكان عن الدور الذي كان للكنيسة في 130 مدرسة داخلية في البلاد، منتقدا "الاستعمار الأيديولوجي" الذي "وقع الكثير من الأطفال ضحية له".

(Gettyimages)

وسجّل نحو 150 ألف طفل من أبناء الشعوب الأصلية قسرا في هذه المدارس، حيث فُصلوا عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم وغالبا ما تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي والجنسي.

وشيئًا فشيئًا، تنظر كندا إلى هذا الماضي الذي وُصف اليوم بـ"الإبادة الجماعية الثقافية"، في بلد أثار فيه اكتشاف أكثر من 1300 قبر لمجهولين في 2021 صدمة ودفع السلطات إلى إعلان "يوم مصالحة".

وقد يقوم البابا بمبادرات رمزية من بينها إعادة عدد من أعمال وقطع للشعوب الأصلية معروضة في متاحف الفاتيكان منذ عقود.

وسيترأس البابا فرنسيس، غدا الثلاثاء، قداسا في ملعب الكومونولث في إدمنتون، قبل أن يتوجه إلى بحيرة سانت آن التي تشكل موقع حج سنوي. وبعد ذلك، سينتقل إلى كيبيك الأربعاء قبل المحطة الأخيرة الجمعة في مدينة إيكالويت (نونافوت) التي تقع في أقصى شمال كندا في أرخبيل القطب الشمالي.

وظهر البابا الأرجنتيني على كرسي متحرك، أمس، بسبب معاناته آلاما في الركبتين، إلا أنه كان يبتسم عندما وصل إلى إدمنتون. وتم تخفيف برنامجه للحد من تنقلاته.

التعليقات