12/01/2023 - 21:30

حيوت عن خطة ليفين: تسييس للجهاز القضائي وتهديد للحقوق الفردية

رئيس المحكمة الإسرائيلية العليا تهاجم خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإضعاف الجهاز القضائي وتسخر من تسميتها "إصلاح قضائي" وتقول إنها معدة لـ"سحق النظام القضائي وتحويله إلى سلطة صامتة".

حيوت عن خطة ليفين: تسييس للجهاز القضائي وتهديد للحقوق الفردية

رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا، القاضية إستر حيوت (Getty Images)

شنت رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا، القاضية إستر حيوت، مساء اليوم، الخميس، هجوما حادا على خطة إضعاف جهاز القضاء، التي تنفذها حكومة بنيامين نتنياهو بقيادة وزير القضاء، ياريف ليفين، ووصفتها بأنها معدة لـ"سحق النظام القضائي"، فيما رد الأخير على خطاب حيوت واعتبر أنه يحمل "أجندة سياسية".

وقالت حيوت إن الخطة التي تدفع بها الحكومة الإسرائيلية تستهدف "توجيه ضربة قاضية لاستقلال وعدم تبعية القضاء وتحويله إلى سلطة صامتة"، مشددة على أن تغيير تشكيلة لجنة اختيار القضاة، يهدف إلى "تسييس الجهاز القضائي".

وفي خطاب لها خلال مشاركتها في مؤتمر لجمعية القانون الجماهيري في إسرائيل، اعتبرت حيوت أن خطة ليفين لتقويض المحكمة العليا "هجوم منفلت على النظام القضائي وكأنه عدو يجب مهاجمته وإخضاعه".

وأضافت أن "الأشخاص الذين يقفون وراء الخطة يسمونها بشكل ساخر خطة لـ‘إصلاح‘ النظام القضائي، وأقول إنها خطة لسحق نظام العدالة"، وتابعت أنه دون استقلال القضاء "لن يكون القضاة قادرين على أداء دورهم".

وفي معرض هجومها الحاد على خطة ليفين، شددت رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا على أن تنفيذ الخطة المطروحة سيُعرّض "الهوية الديمقراطية للدولة لضربة قاصمة"، موضحة أن "حكم الأغلبية هو مبدأ أساسي يقوم عليه النظام الديمقراطي، لكن الديمقراطية ليست حكم الأغلبية فقط".

وأضافت أن "أي شخص يدعي أن الأغلبية التي انتخبت ممثليها في الكنيست، أعطتهم ‘شيكا مفتوحًا‘ للقيام بأي شيء، يدعي الديمقراطية زورا". وتابعت "تتمثل إحدى الوظائف الواضحة للمحكمة في بلد ديمقراطي في توفير الحماية الفعالة لحقوق الإنسان والمواطنين".

وقالت إن "استقلالية المحكمة والجهاز القضائي هي من أهم الضمانات لحرية الفرد، وهي الضمان بألا يتحول حكم الأغلبية إلى استبداد الأغلبية"؛ مشددة على أن الخطة "تسعى إلى نزع الأدوات القانونية التي يستخدمها القضاة لحماية الحقوق الفردية وسيادة القانون".

وأضافت أن الخطة "تتحدث عن ‘فقرة تغلب‘ (على المحكمة العليا) يحرم المحكمة من إمكانية إلغاء القوانين التي تضر بشكل غير متناسب بحقوق الإنسان الدستورية، بما في ذلك الحق في الحياة والملكية وحرية التنقل والخصوصية، وكذلك الحق الأساسي في الكرامة، وما يشتق منه مثل الحق في المساواة، والحق في حرية التعبير، وغير ذلك".

وتابعت "تسمح فقرة التغلب للكنيست، بدعم من الحكومة، بسن قوانين من شأنها الإضرار بهذه الحقوق دون عائق. لذلك، من يعتقد أن بند تغلب ‘يتغلب‘ على المحكمة فهو مخطئ. في الواقع، يتعلق الأمر بالتغلب على حقوق الإنسان لكل فرد في المجتمع الإسرائيلي".

وعن تغيير تشكيلة لجنة اختيار القضاة، قالت حيوت إن "المزاعم التي لا أساس لها تهدف للتغطية على الهدف الحقيقي الذي يعمل من أجله معدو الخطة، وهو الرغبة في إحداث تسييس كامل لعملية تعيين القضاة، من خلال لجنة بأغلبية تلقائية (مضمونة لصالح الحكومة)".

وختمت حيوت خطابها بالتأكيد على أن خطة الحكومة الإسرائيلية تسلب الجهاز القضائي أدواته الرقابية وتهدد بالإضرار بحقوق الفرد الأساسية، وقالت: "لذلك فإنه معنى هذه الخطة السيئة هو تغيير الهوية الديمقراطية للدولة بشكل لا يمكن تصوره؛ سيدي الوزير، ليس هذا هو الطريق".

ليفين: القضاة يتحولون إلى حزب سياسي

وفي خطاب تلفزيوني بثه بمجرد نزول حيوت عن المنصة، قال ليفين: "تبين لنا هذا المساء أن هناك حزبًا آخر في إسرائيل لم يخوض الانتخابات ووضَع نفسه فوق الكنيست وفوق إرادة الشعب"، وأضاف "لقد سمعنا الليلة خطابًا مكررا من احتجاجات الرايات السوداء. إنها نفس الأجندة السياسية، إنها نفس الدعوة لإضرام النار في الشوارع".

وتابع أنه "لم نسمع في هذا المساء (في خطاب حيوت) موقفا محايدا أو موقفا قانونيا متزنا، سمعنا تصريحات ساسة تثير وتؤجح المتظاهرين. إن انضمام رئيسة المحكمة العليا التلقائي، عبر استخدام نفس الكلمات والمصطلحات، إلى خطاب (رئيس المعارضة) يائير لبيد، هو خير دليل على أن القضاء ضل طريقه وهناك ضرورة لإعادته إلى الطريق السليم".

وأضاف أنه "في الدول الديمقراطية لا يختار القضاة أنفسهم ويتدخلون في قوانين الأساس من تلقاء أنفسهم. ولا يوجد مستشارون قانونيون في أي دولة ديمقراطية أخرى فوق الحكومة ويتخذون القرارات عوضا عنها. الإصلاح يشمل منح سلطة للمحكمة العليا في إبطال القوانين بأغلبية خاصة وإعطاء القضاة التمثيل المناسب في لجنة اختيار القضاة".

حيوت تتعرض لهجوم غير مسبوق من ائتلاف نتنياهو

وفي أعقاب خطابها، تعرضت حيوت لهجوم حاد من قبل وزراء وأعضاء كنيست عن ائتلاف نتنياهو الحاكم، فيما في ذلك وزيرة المواصلات، ميري ريغيف، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ورئيس الائتلاف في الكنيست، أوفير كاتس، وعضو الكنيست، دافيد أمسالم.

واعتبرت ريغيف أن خطاب إستر "أسقط الأقنعة" في الجهاز القضائي، فيما اتهمها أمسالم أنها تعمل كجزء من المعارضة وتمثل المتظاهرين الذين خرجوا في الشوارع مؤخرا اعتراضا على خطة ليفين، فيما قال وزير المالية إن خطاب حيوت "يؤكد ضرورة خطة الإصلاح القضائي، لتعزيز الديمقراطية في إسرائيل".

وعمم ليفين، مساء أمس، مذكرات القوانين التي تشملها خطة إضعاف جهاز القضاء. والإجراءات المتبعة بهذا الخصوص هي أن مذكرات القوانين الحكومية تصاغ في دائرة الاستشارة والتشريع الخاضعة للمستشارة القضائية للحكومة، كي لا تكون منحازة ولا تخضع لنقد معين. إلا أنه لم يمرّ على تنصيب حكومة نتنياهو سوى أسبوعين، ما يعني أن مذكرات القوانين هذه صيغت بسرعة كبيرة تدل على أن صياغتها لم تجر في وزارة القضاء. وطالب محللون ليفين بالكشف عن الجهة التي صاغت هذه المذكرات.

وفي وقت سابق، اليوم نشر المستشارون القضائيون السابقون، الذين تولوا المنصب في الخمسين عاما الماضية، عريضة شديدة اللهجة ضد خطة ليفين لإضعاف جهاز القضاء، ووصفوها بأنها "تهدد بتدمير جهاز القضاء".

ووقع على العريضة المستشارون القضائيون السابقون: أهارون باراك، القاضي السابق في المحكمة العليا يتسحاق زامير، إليكيم روبنشطاين، ميني مازوز، ميخائيل بن يائير، دوريت بينيش، عيدنا أربل، وجميعهم تولوا مناصب قضاة في المحكمة العليا. كما وقع على العريضة المستشارون القضائيون السابقون: عيران شندر، موشيه لادور، يهودا فاينشطاين وأفيحاي مندلبليت.

وجاء في العريضة: "نحن، الذين تولينا وظيفة المستشار القضائي للحكومة أو وظيفة المدعي العام، منذ العام 1975، صُدمنا لدى سماعنا بخطة وزير القضاء ياريف ليفين، لإحداث تغييرات في جهاز القضاء. ونحن مقتنعون بأن هذه الخطة لا تبشر بتحسين الجهاز وإنما تهدد بتدميره"

وأضافت العريضة أن "الخطة تقترح تغيير طريقة تعيين القضاة، وبذلك تحويل المحكمة العليا من مؤسسة مستقلة، تحكم دون خوف ولا نفاق، إلى هيئة شبه سياسية ستكون مشتبهة بالانحياز للحكم؛ وتقيّد الخطة بشكل كبير صلاحيات المحكمة بممارسة الرقابة القضائية الناجعة على الحكم كي لا يستخدمه بشكل سلبي؛ وهي تسمح للأغلبية الائتلافية بشرعنة أي خطوة سلطوية، مهما كانت مرفوضة وضارة، بواسطة قانون عدم المعقولية؛ ومن شأنها أن تمنع أداء المستشارين القضائيين في الوزارات كحراس العتبة الذين مهمتهم التحذير من قرارات غير قانونية".

وطالبت العريضة "الحكومة بالتراجع عن الخطة التي تم نشرها، ومنع الاستهداف الشديد لجهاز القضاء وسلطة القانون، من أجل الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية والقيم التي عبرت عنها وثيقة الاستقلال".

التعليقات