26/05/2008 - 09:44

ترهات إسرائيلية/ حسن عبد الحليم

-

ترهات إسرائيلية/ حسن عبد الحليم
ترهات إسرائيلية، هذا ما تبادر إلى ذهني حينما أُعلن عن وجود مسار للمفاوضات بين سوريا وإسرائيل بوساطة تركية. لأن ببساطة إسرائيل غير جادة وغير مؤهلة ولا تقصد ذلك، ولا تقصد ما يمكن أن يفهم. وما كل ذلك سوى فقاعات هواء وتسويف وضرورات آنية. لماذا التفاوض؟ لأن ذلك يتوجب حسب رأي كثير من الأصدقاء الذين لا تريد أن تخسر إسرائيل صداقتهم خاصة وأنها تغنت طوال عشرات السنين باسطوانة كاذبة بأنها تنشد السلام مع العرب إلا أن العلة فيهم. ولأنها ببساطة لا يمكنها الجمود في عالم يتحرك ويتفاعل، وستسير مع السائرين ولكن بوجه إلى الوراء.

في إسرائيل يوجد إستراتيجية للمفاوضات. أولا تفاوض على إمكانية التفاوض، ثم التفاوض على آلية التفاوض، ثم التفاوض على مسار التفاوض، ثم الاتفاق على أفق سياسي يخضع للتفاوض، ثم التفاوض على خطوط رئيسية تخضع للتفاوض، ثم التفاوض حول اتفاق مبادئ يخضع للتفاوض، ثم مفاوضات من نوع آخر ثم بعثرة الأوراق والعودة من جديد.. هل تعرفون قصة "إما يموت الحمار أو يموت الملك"..

لدى الإسرائيليين قدرة عجيبة على التنصل من أي شيء، وعلى قلب الحقائق، وذلك لأن وجودها بني على ذلك. آجلا أم عاجلا ستتهم إسرائيل السوريين بالتصلب بالمواقف، وبالتمسك بعلاقاتهم مع إيران ، الخطر المحدق، وستتهم الفلسطينيين بعدم قدرتهم على تطبيق اتفاق. كنا في هذا المشهد أكثر من مرة ولكن يبدو أن اللاعبين الإسرائيليين هذه المرة أكثر فشلا ومراوغة مكشوفة وقدرة على التلاعب بالكلمات.

المثير أن العازفة الرئيسية في فرقة العزف على وتر الاعتدال والتطرف، ليفني، لم تدل بتصريحات بعد منذ الإعلان عن المفاوضات مع سوريا. ولم تتل مواعظها بعد. ولم تستخدم بعد جملة "سوريا للسوريين وإسرائيل لليهود"، على غرار فلسطين (المشوهة التي تفصلها ليفني وأولمرت بمقاس إسرائيلي) للفلسطينيين، وإسرائيل لليهود، أي رفض غير مباشر لحق العودة تحول فيما بعد لرفض مباشر. ولم تدع العرب للتطبيع بمجرد الإعلان عن المفاوضات مع سوريا على غرار مطالبتهم بذلك على إثر انطلاق المفاوضات الوهمية مع الفلسطينيين في استعراض أنابوليس البهلواني. ولم تعطنا درسا بعد حول إيران وضرورة أن تشكل إسرائيل والعرب حلفا في وجه الخطر الإيراني المحدق. ستتفرغ بعد ايام لمواعظها وسنكون ضحية ذلك..

من غير المتوقع أن يحصل انفراج لا على المسار الفلسطيني ولا السوري، لأن القادة الإسرائيليين الحاليين واللاحقين غير مؤهلين بعد لذلك ولا يقصدون ذلك ولا يأخذونه على محمل الجد. ولا أعتقد أنه من الممكن أن يحصل انفراج في أي مسار طالما العقلية الصهيونية هي المسيطرة، وطالما أن الكيان الصهيوني هو كيان كولونيالي وآداة للكولنيالية العالمية.

حينما تتغير العقلية السائدة، قد تتغير أمور ما، إلا أن ذلك ليس في الأفق المنظور. ولا أعتقد إن سياسة "لاحق العيار لباب الدار" حسب المثل الشعبي، التي انتهجها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ستكون صحيحة أيضا بالنسبة لسوريا.. وأعتقد أن المفاوضات مع سوريا ستنتظر كثيرا..أو ربما لن تحصل..

التعليقات