معاناة سكان الغجر: بيوت مدمرة وحالات هلع وتجاهل كامل

قرية الغجر في الجولان المحتل كانت اشبه بساحة حرب يوم الاثنين الماضي جراء تبادل القصف الكثيف بين الجيش الاسرائيلي ومقاتلي حزب الله* الطلاب لا يذهبون الى المدرسة بعد الصدمة والهلع

معاناة سكان الغجر: بيوت مدمرة وحالات هلع وتجاهل كامل
بدت قرية الغجر يوم الاثنين الماضي اشبه بساحة حرب عندما تبادل الجيش الاسرائيلي ومقاتلو حزب الله القصف المدفعي الثقيل ما ادى الى الحاق اضرار كبيرة بمنازل وسيارات فيما اصيب العديد من المواطنين بحالات هلع.

ويعتبر اهالي قرية الغجر في هضبة الجولان السورية المحتلة انه على الرغم من الدمار والحصار المفروض على القرية الا ان معاناتهم الاكبر بعد ثلاثة ايام على الاشتباكات والقصف المتبادل تكمن في تجاهل القرية وسكانها من جانب كافة الاطراف في المنطقة ووسائل الاعلام التي لم تلتفت اليهم.

وقال الاستاذ عادل شمالي (48 عاما) من سكان الغجر والذي يعمل مدرسا في القرية لـ"عرب 48" ان "جميع وسائل الاعلام وحتى دول المنطقة اهتمت بنشر تفاصيل الحرب التي دارت في قريتنا لكن احدا لم يتحدث عن اهالي قريتنا ومعاناتنا".

واضاف ان "معاناة اهالي القرية لا تنحصر في الاشتباكات التي دارت في القرية وحولها يوم الاثنين الماضي وانما تتعدى ذلك...

"فالقرية محاصرة بشكل كامل حتى اليوم والدخول اليها او الخروج منها ليس بالامر العادي".

وتقع قرية الغجر في غرب هضبة الجولان بمحاذاة نهر الوزاني وتخضع للاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1967.

وقال شمالي ان "القرية موجودة منذ 900 عام ومساحة اراضيها تبلغ 11500 دونم وهناك /سند خارقاني/ في الطابو التركي من العام 1323 هجرية أي قبل 100 عام يحدد هذه الاراضي وينص السند على ان الغجر تتبع لمحافظة القنيطرة قضاء حوران.

"وكان اهالي القرية يسوّقون منتوجاتهم الزراعية الى دمشق كما ان طلاب القرية تعلموا في جامعة دمشق ولا يزالون حتى اليوم كما ان شباب القرية خدموا في الجيش السوري.

"لقد كان مركز حياتنا قبل الاحتلال الاسرائيلي في سورية وخصوصا في دمشق والقنيطرة".

واضاف انه عندما احتلت اسرائيل هضبة الجولان في حرب حزيران 1967 نزح قسم من اهالي القرية الى لبنان ومن هناك تم نقلهم الى سورية حيث يبلغ عددهم اليوم قرابة 1200 نسمة فيما بقي في القرية 350 نسمة اصبح عددهم اليوم قرابة الـ2000 نسمة.

وتقع قرية الغجر غرب اراضيها لكن الاستاذ شمالي يشير الى ان اهالي القرية يزرعون قسما من اراضيهم فيما صادرت السلطات الاسرائيلية قسما اخر فيما القسم الثالث من اراضي القرية مزروع بالالغام والدخول الى هذه الاراضي خطير للغاية.

وتحيط القرية من الجهات الشرقية والغربية والجنوبية حواجز عسكرية اسرائيلية تشدد الرقابة على الداخلين الى القرية والخارجين منها فيما الجهة الشمالية تطل على الاراضي اللبنانية مباشرة.

وقال شمالي انه لا يسمح للسيارات الاسرائيلية بالدخول الى القرية ويتم اجراء عملية تفريغ وتحميل للبضائع الداخلة الى القرية عند الحاجز العسكري القائم عند البوابة الشرقية للقرية.

الجدير بالذكر ان الامم المتحدة رسمت خطا يقسم قرية الغجر الى شطرين شمالي وجنوب واطلقت على هذا الخط اسم "الخط الازرق" فيما يسميه اهالي القرية "خط لارسن" نسبة الى مبعوث الامم المتحدة الى الشرق الاوسط تيري رود لارسن.

وتم تقسيم القرية الى شطرين في شهر حزيران/يونيو من العام 2000 بعد اقل من شهر واحد على انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان.

وقال شمالي "فجأة اصبحت قريتنا مقسمة بين لبنان والاحتلال الاسرائيلي لكن جيراننا اللبنانيين يعرفون تماما اننا قرية سورية".

وشدد الاستاذ شمالي على ان اهالي قرية الغجر لا يعترفون بـ"خط لارسن" الذي يخضع بموجبه الشطر الجنوبي للاحتلال الاسرائيلي فيما يخضع الشطر الشمالي للبنان.

وأكد "اننا سوريون وتقسيم القرية فيه اجحاف بحق سكانها وخصوصا كل ما يتعلق باراضيهم وعزلهم عنها.

"لكن الغجر موحدة في عدم الاعتراف بتقسيمها".

وعاد الاستاذ شمالي الى الحديث عن "تجاهل الجميع لنا والامر المحزن والمؤلم في ذات الوقت هو ان هذا التجاهل شمل سورية ايضا لان الفضائية السورية لم تذكرنا ابدا" عندما وقعت الاحداث التي شهدتها القرية هذا الاسبوع.

وقال ان هذه ليست المعركة الاولى التي تدور في القرية فقد وقعت اشتباكات مشابهة قبل سنتنين واصيب في حينه عدد من سكان القرية بجروح.

واضاف "لكن حدة الاشتباكات هذا الاسبوع كانت الاعنف بلا شك".

ويصف شمالي الاجواء التي سادت القرية الاثنين الماضي وقال ان الاشتباكات بدأت قبل دقائق معدودة من الساعة الثالثة من بعد الظهر.

واضاف ان سكان القرية لم يغادروا منازلهم "لان الوضع كان خطيرا للغاية وفرضنا على انفسنا ما يشبه منع التجول".

لكن المشكلة الكبيرة بالنسبة للاهالي كانت ان ابناءهم الصغار من طلاب المدرسة الابتدائية كانوا لا يزالون في المدرسة لدى اندلاع الاشتباكات.

وقال شمالي ان المدرسين ادخلوا الطلاب الى ملجأ المدرسة لحمايتهم في حين انتاب القلق اهالي القرية على ابنائهم الصغار اذ بقي هؤلاء في المدرسة حتى الساعة التاسعة مساء.

واضاف ان قلق الاهالي على ابنائهم بلغ حدا كبيرا وان هناك امهات اغمي عليهن من شدة التوتر قلقا على اطفالهن.

ولفت شمالي الى ان المدارس في القرية ما زالت مغلقة رغم مرور ثلاثة ايام على الاشتباكات لكن الطلاب يرفضون الذهاب الى المدرسة "بسبب الصدمة القوية التي احدثتها اشتباكات الاثنين الماضي".

كذلك فان اضرارا جسيمة اصابت منازل القرية التي اصابها القصف واشتعلت النيران في عدد منها ولحقت اضرار بعدد من السيارات كما اصيب عشرات المواطنين بحالات الهلع.

وقال الاستاذ شمالي ان "القرية كانت اشبه بساحة حرب".

وتابع ان سكان القرية الذين يعملون خارجها لم يتمكنوا في ذلك اليوم من العودة الى منازلهم لان الجيش الاسرائيلي اغلق بوابات القرية وفرض عليها حصارا محكما فاضطروا الى قضاء ليلتهم بعيدا عن بيوتهم خصوصا عند معارفهم في القرى العربية في الجولان.

ورأى الاستاذ شمالي ان "قرى الجولان الخمس وهي مجدل شمس ومسعدة وعين قينيا وبقعاثا والغجر هي الشاهد على هوية الجولان العربية السورية.

"فعندما وقعت الاحداث يوم الاثنين الماضي اتصل بنا العشرات من اهالي هذه القرى ليطمئنوا علينا فيما تجاهلنا العالم اجمع وحتى اقرب الناس الينا في وطننا الأم".

وأكد شمالي "ان هناك تخوفا لدى اهالي القرية من ضياع اراضينا وايضا من تقسيم القرية بحسب /الخط الازرق/ ليصبح قسما منها في لبنان والقسم الاخر تحت الاحتلال الاسرائيلي".

التعليقات