26/01/2018 - 21:09

السياسة الخارجية بعد عام على حكم ترامب

الآن بعد مضي عام على رئاسة دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، أصبت بالصدمة من درجة استقرار السياسة الخارجية الأميركية. الأشياء لا زالت كما هي، في معظمها، أو أنها تمضي في المسار الذي كانت عليه عندما انتُخِب. لقد كان سلوكه مثيراً

السياسة الخارجية بعد عام على حكم ترامب

(أ.ف.ب.)

(ترجمة خاصة: عرب 48)

الآن بعد مضي عام على رئاسة دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، أصبت بالصدمة من درجة استقرار السياسة الخارجية الأميركية. الأشياء لا زالت كما هي، في معظمها، أو أنها تمضي في المسار الذي كانت عليه عندما انتُخِب. لقد كان سلوكه مثيراً للمشاكل بكل تأكيد، كما أن واقع كونه مكروهاً حول العالم يخلق انطباعاً بأن سلوك الولايات المتحدة قد اختلف أيضاً. ولكن هذا غير صحيح.

لنتحدث عن علاقات الولايات المتحدة بحلف الناتو. رفع ترامب سؤال ما إذا عفا الزمن عن حلف الناتو. لقد كان أسلوبه في إبراز السؤال وقحاً بلا شك. ولكن بحكم مضي ٦٥ على التحالف الآن، فإن هذا ليس سؤالاً غير معقولاً. ولكن الإجابة هي نفسها، فلم يتغير موقع الولايات المتحدة، فلا زالت الولايات المتحدة عضواً كاملاً، وتعهد ترامب باحترام المادة ٥، والتي تُلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن أي عضو في الناتو.

أما عن سياسة الولايات المتحدة اتجاه روسيا، فبالرغم من النقد اللاذع المحيط بها، إلا أن واقعها مشابهٌ جداً للسياسات التي كانت قبل انتخاب ترامب. فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على روسيا، والتي تؤكد للولايات المتحدة أن العلاقات الثنائية هي الأسوأ منذ عقود. (والجدير بالذكر أن العقوبات أعلنها الكونغرس ابتداءً ولكن عارضها ترامب). إن مصالح الولايات المتحدة في أوكرانيا مشابهة جداً – التعهد بإرسال صواريخ مضادة للدبابات إلى كيف تفرض تحدياً متوسطاً على موسكر – كما هي التزامات الولايات المتحدة مع دول البلطيع وأوروبا الوسطى والشرقية، حيث تتموقع القوات والمناوبات والتدريبات.

كما لم تختلف علاقات الولايات المتحدة مع الصين. وبالرغم من قضية الولايات المتحدة، استمرت واشنطن بالطلب من الصين أن تغير سياسة التصدير والعملة. واستمراراً مع الإدارات السابقة، لم يحقق ترامب شيئاً جوهرياً في هذا السياق، ولكن الصدام المستمر مع بكين حول القضايا الاقتصادية بلا هوادة. ونفس الشيء فيما يتعلق ببحر الصين الجنوبي، حيث استمرت كلتا الدولتين بإثارة بعضهما البعض، وهو ما يظهر بوضع المدمرة الأميركية في الأسبوع الماضي، ولكن معركة الإشارات التي دامت لسنين لا زالت مستمرة.

ويأتي الحديث عن نافتا، والتي باتت في مرحلة إعادة المفاوضات. أعلنت المكسيك وكندا والولايات المتحدة في نقطة معينة استتحالة الاتفاق. وهذا تكتيك عادي في هذه الأنواع من المباحثات. قد ينهار الاتفاق، وقد يتم التفاوض على شروط جديدة، وقد لا تنتهي المفاوضات. ولكن لا زالت نافتا هي الإطار الذي تنبني عليه العلاقات الاقتصادية لأميركا الشمالية.

وفي الشرق الأوسط، سارت سياسات إدارة ترامب – من دون التزامات أساسية – على سياسات الإدارات السابقة. لقد تمزق تنظيم الدولة (لكن لم يتدمر) ولكن لم تكن إدارة ترامب هي الإدارة الأولى التي تقرر قتال التنظيم. لقد قررت الولايات المتحدة نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، ولكنها كانت إشارة رمزية لا تغير كثيرا على الأرض، وكان يتوسطها الكونغرس منذ سنوات.

إن الاختلاف الرئيسي الوحيد في سياسة ترامب خارجية تتعلق بكوريا الشمالية. إن الأزمة ذاتها تسبق ترامب بعقود. فهي تتجذر في سياسة تؤكد أن الولايات المتحدة لا تُلزم كوريا الشمالية بتحصيل الأسلحة النووية. بدأ التطور النووي في ظل إدارة أوباما واستمرت في ظل إدارة ترامب. ومثل أوباما، انسحب ترامب عن الدخول في الحرب، وتبنى بدلاً من ذلك إيجاد طرق بديلة لحل الأزمة.

إن خطاب ترامب في هذه القضية يتضارب مع عدوانية أفعالها. يمكن أن تترجم القراءة اللبقة للغة التي يتحدث بها: "إن تطور كوريا الشمالية نحو عمل صاروح باليستي عابر للقارات قادرة على ضرب الولايات المتحدة سيُنظر لها بطريقة خطرة من قبل الولايات المتحدة، وستقابل باستجابة ملائمة". يبقى وقاع أنه سعى لتحقيق سياسة حذرة نحو كوريا الشمالية.

هذا يشير إلى نقطة يميل معظم المراقبين إلى نسيانها: ففي مختلف قضايا السياسة الخارجية في جميع البلاد، يميل المراقبون لأخذ الخطاب على نحو جاد أكثر من اللازم. فما يشكل سياسة الولايات المتحدة في كوريا يتعلق أكثر من جودة ذكاء المنشئات النووية واستبدال الأسلحة المدفعية بمناطق منزوعة السلاح. إن ما يشكل سياسة الولايات المتحدة في الصين تتعلق أكثر بسلسلة التوريد من الصين إلى الولايات المتحدة، وتكاليف تعطيل سلسلة التوريد. إن أي رئيس يتجاهل توصيات الأجهزة العسكرية والاستخباراتية – ويخفق في ذلك – سيضطر الاعتماد على شعب معادي. إن أي رئيس يمزق سلاسل التوريد – ويضرب الخطوط الرئيسية للتجارة الأميركية – سيطر للاعتماد على مجتمع الأعمال، هذه القيود تستلزم الحذر.

إن خطاب ترامبب مصمم لدفع الحيوية في قاعدته الداعمة، وممارساته مصصمة للحفاظ على الوضع الراهن. يمكن أن يختلف الأشخاص العقلانيون على ما إذا كان ينبغي أن يقف طموح أي رئيس على الوضع الراهن، ولكن مهما كانت التوقعات عن سياسة ترامب الخارجية، والواقع الفعلي هو أنه تغيرت بشكل بسيط. إنه يذكرنا أن الخطاب والواقع أمران مختلفان.

التعليقات