25/04/2019 - 23:03

المهمة إسقاط ترامب والتحديات صعبة: هل ينقسم الحزب الديمقراطي؟

على ضوء أوسع تأييد حصل عليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بحسب نتائج استطلاعات الرأي المتتابعة طوال فترة حكمه، والذي بلغ 42 بالمئة، يبدو أن ليس للجمهوريين سوى طريقة واحدة لاستعادة هيمنتهم على البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2020

المهمة إسقاط ترامب والتحديات صعبة: هل ينقسم الحزب الديمقراطي؟

بيرني ساندرز (أ ب)

في ما يلي ترجمة بتصرّف خاصّة بـ"عرب ٤٨":


على ضوء أوسع تأييد حصل عليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بحسب نتائج استطلاعات الرأي المتتابعة طوال فترة حكمه، والذي بلغ 42 بالمئة، يبدو أن ليس للجمهوريين سوى طريقة واحدة لاستعادة هيمنتهم على البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2020، وتكمن في التشويه التام للديمقراطيين، ووصفهم دون هوادة بتعابير مثل "كارهي أميركا" و"قاتلي الأطفال" (بسبب مساعيهم لقوننة الإجهاض الذي يرفضه الأميركيون التقليديون بشدة)، و"مدمري الاقتصاد"، "ومحتقري إسرائيل"، و"الاشتراكيين الذين يريدون تدمير الحريات".

وسيفوز ترامب في الانتخابات القادمة في حال حصوله على نسبة ستة أو سبعة بالمئة من أصوات الناخبين "المتأرجحين" الذين يمثلون الشريحة التي يسهل تعريضها لحالة لهلع، حيث ستضاف هذه الأصوات إلى قاعدته الشعبية الثابتة، حتى لو كان معظم الأميركيين يعتبرون رئيسهم شخصا بغيضا.

لكن هناك طريقة أخرى لفوز ترامب، وهي انقسام الحزب الديمقراطي. ويبدو أن احتمال حدوث هذا السيناريو في الانتخابات المرتقبة، أصبح أكبر مما كان عليه في الدورة الانتخابية لعام 1972، عندما هيمن فصيل جورج ماكغفرن، المؤلف من تقدميين مناهضين للحرب على فيتنام، على الحزب في العام ذاته، تاركين ليبراليي الحرب الباردة خارج السلطة لأول مرة منذ إدارة الرئيس الأسبق هاري ترومان (1935- 1945).

وقد يعود ذلك إلى أن التوتر الذي يشهده الحزب اليوم، قد يكون أكبر من أي وقت مضى، إضافة إلى ارتفاع خطر انهياره الكلي. صحيح أن الديمقراطيين اتحدوا في معاداتهم لترامب، لكن وحدتهم تنتهي عند هذه النقطة.  

ويُمكن لأي متابع لكتابات الناشطين والنقاد الديمقراطيين على "تويتر"، أن يندفع للاستنتاج أن الحزب منُقسم إلى مجموعات متنوعة من اليساريين التقدميين. والذين لن يتنازل بعض المتحمسين منهم للسناتور عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز، عن دعم هذا السياسي الذي يصف نفسه بالاشتراكي، كخيار وحيد للترشيح للانتخابات عام 2020. بينما يتوق آخرون، لترشيح امرأة أو شخص غير أبيض، ليحمل لواء الحزب، ولن يقبلوا بأقل من ذلك، ويدعم العديد من هؤلاء الديمقراطيين السناتور إليزابيث وارين، من ولاية ماساتشوستس، بينما ينجذب آخرون إلى السناتور عن كاليفورنيا، كامالا هاريس.

إليزابيث وارين (أ ب)

وعلى فرض أن هذا الخلاف يشكل الانقسام الخطير الوحيد في الحزب، فإن ذلك سيشكل تحديا مشؤومًا، حيث أن العديد من المخلصين لوارين أو هاريس، يضمرون غضبا مستمرا تجاه ساندرز و"كتائبه الإلكترونية" (على مواقع التواصل الاجتماعي) المكونة من عشاقه المتحمسين والمهووسين به، والذين يتحملون مسؤولية جزئية عن هزيمة هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016. ومن غير المرجح في الوقت الحالي، أن يدعم الديمقراطيون الكارهين لساندرز، ما تعتبره المجموعة الأخرى "الكارهة للنساء"، "قائدا فذا".

ومع ذلك، تكشف استطلاعات الرأي أن الحزب يتمزق من انقسام مختلف وأكثر عمقا، المتمثل بانفصال اليسار الأيديولوجي في جميع مجموعاته المتصارعة، عن المركز الأيديولوجي. حيث أن ساندرز هو بمثابة قائد المعسكر الأول، فيما يتزعم نائب الرئيس السابق جو بايدن، (الذي أعلن اليوم ترشيحه للانتخابات الرئاسية عام 2020)، المعسكر المركز (التقليدي).

جو بايدن (أ ب)

وأظهرت معظم استطلاعات الرأي (الحزبية الداخلية) التي أُجريت مؤخرا، أن الناخب الديمقراطي منقسم بين ساندرز وبايدن، ورجحت بعض الاستطلاعات كفة بايدن، بينما أظهر بعضها الآخر صدارة ساندرز. ومن الواضح أن قوة المعسكرين متساوية إلى حد ما، وهو ما لم يكن بالإمكان استخلاصه من النقاش على مواقع الإنترنت المختلفة، لأن أنصار بايدن ضعيفون للغاية من الناحية الرقمية.

وفي حال استمر هذا الانقسام في أوساط الناخبين الديمقراطيين خلال المناظرات العديدة التي سوف تقام على مدار الأشهر التسعة المقبلة لحملاتهم الانتخابية (الداخلية)، فإن ذلك قد يُنذر بانتخابات تمهيدية غير محسومة، أي عدم توصل الحزب لإجماع على أي معسكر يقوده في الحملة ضد ترامب، وقد يتوج ذلك بفوضى حقيقية في المؤتمر الوطني الديمقراطي في ميلووكي.

إذا ما افترضنا جدلا فوز بايدن، سواء عن طريق الفوز بعدد كافٍ من المندوبين الداعمين له في مؤتمر الانتخابات الداخلية للحزب، أو عن طريق الخسارة في الاقتراع الأول في المؤتمر ومن ثم الفوز من خلال اقتراع لاحق (عندما يُسمح للمندوبين الكبار في الحزب بإجراء تقييمهم). فهل سيقبل الناخبون الذين ساندوا ساندرز هذه النتيجة ويدعمون نائب الرئيس السابق؟ وهل سيفضل أولئك الذين دعموا وارين أو هاريس، والذين كانوا غير متأكدين مما إذا كان بمقدورهم تحفيز أنفسهم على دعم ساندرز، هذا الرجل الأبيض العجوز الذي يتخذ مواقف تقدمية مثيرة للإعجاب في معظم القضايا، أم أنهم سيصطفون مع بايدن، الرجل الأبيض العجوز الآخر، الذي يمثل كل ما يريدون التخلص منه في حزبهم؟

 كامالا هاريس (أ ب)

أعتقد أنه من المرجح أن يقوم عدد كبير من هؤلاء اليساريين المخلصين، بصعق الحزب بشحنة الاشمئزاز التي تنمو لديهم، متوجهين نحو دعم بديل آخر أكثر نقاءً في الانتخابات العامة. وسيكون ذلك بمثابة حماقة سياسية على المدى القصير، تضمن انتصار الجمهوريين. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يحتقرون مؤسسة الديمقراطيين الخانعة، سيكون ذلك طريقة مرضية للغاية لإظهار عجز تلك المؤسسة للعالم، من خلال العمل لضمان فشلها في جهودها لهزيمة رئيس مكروه على نطاق واسع.

وفي حين أن هذه هي إحدى الطرق التي قد تمزق الحزب، فإنه قد يتمزق بطريقة أخرى، والتي تنطوي على فوز ساندرز بشكل مباشر بالاقتراع الأول، أو في اقتراع لاحق في المؤتمر، حيث أنه من المحتمل أن تعتبر النخبة الحزبية الموالية لكلينتون، فوز ساندرز من المحظورات السياسية، قلقة بشأن تداعيات ذلك على جمع التبرعات، لكن من غير المرجح أن يقوم بايدن أو أي ديمقراطي آخر بارز في الوسط، بمهمة انتحارية لإغراق حملة ساندرز في سعيها لإسقاط ترامب.

بيت بوتيجيج (أ ب)

سواء فاز بايدن أو ساندرز في الانتخابات التمهيدية، فإن هناك مخاطر تنتظر كل منهما، وذلك بحد ذاته كافيا لإيجاد خيار بديل، والذي يتمثل بمرشح يحصل على إجماع حزبي، يوفر له القدرة على ردم الشق الأيديولوجي الممتد داخل الحزب. ومن هنا تأتي جاذبية هاريس، أو بيتو أورورك، أو بيت بوتيجيج، بشكل مجرد على الأقل، فيمتلك المرشحون الثلاثة موهبة للتحدث ببديهيات رقيقة، تستهدف أعضاء الحزب الوسطيين، مصممين في الوقت ذاته على تجنب استعداء أي فصيل معيّن. حيث يريد كل منهم أن يكون المرشح الأفضل بالنسبة لكل ديمقراطي.

هل يمكن لذلك أن ينجح؟ يبدو في الوقت الحالي، أن بوتيجيج على وشك تخطي الطبقة الثانية من المرشحين البعيدة عن المنافسة الحقيقية، للتنافس في استطلاعات الرأي مع بايدن وساندرز. ولكن هل يستطيع (هو أو أي مرشح مُجمع عليه)، اللحاق بهما وتخطيهما؟ إن نتائج انتخابات عام 2020، كما مستقبل الحزب الديمقراطي، قد تكون مبهمة.

 

التعليقات