"الحلم في الحرية"... براعم في سجون الاحتلال

غرفة تحقيق، عصا غليظة، ضربٌ، وركلٌ بالأقدام"، هذه الأحداث التي كان الطفل أحمد خلف (13 عامًا)، يغمض عينيه "خوفًا" من مشاهدتها، عندما كان يتابع أفلامًا بوليسية، عايشها بذات التفاصيل "المرعبة".

الأسير أحمد المناصرة (13 عامًا)

غرفة تحقيق، عصا غليظة، ضربٌ، وركلٌ بالأقدام'، هذه الأحداث التي كان الطفل أحمد خلف (13 عامًا)، يغمض عينيه 'خوفًا' من مشاهدتها، عندما كان يتابع أفلامًا بوليسية، عايشها بذات التفاصيل 'المرعبة'.

حدث هذا عندما اعتقلته قوات من الجيش الإسرائيلي، بينما كان يحتفل بانتهاء امتحاناته المدرسية النهائية، في أحد المتنزهات، بالضفة الغربية، مع صديقه.

وقضت محكمة إسرائيلية على الطفل خلف، بالسجن لمدة 6 أشهر بعد إدانته بـ'إلقاء الحجارة' على قوات الجيش الإسرائيلي، ليعيش داخل السجن، ظروفًا قاسية.

قصة الطفل خلف، كانت واحدة من سلسلة قصصية جمّعتها الناشطة الماليزية نورما هاشم، داخل كتاب 'الحُلم في الحرية'، الذي صدر مؤخرا عن دار 'سبأ' الإسلامية للنشر، في كوالامبور، بماليزيا.

وحاولت هاشم خلال الكتاب، تسليط الضوء على معاناة الأطفال الفلسطينيين المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، وضم الكتاب 24 مقابلة حقيقية مع أطفال سبق اعتقالهم، فيما بلغت عدد صفحاته 178 صفحة.

واستغرقت عملية البحث عن قصص الأطفال المعتقلين وإعادة صياغتها لإنجاز هذا الكتاب الذي صدر باللغة الإنجليزية، حوالي عام كامل.

واستعانت هاشم في إعداد الكتاب، بالصحافية الفلسطينية المقيمة في الضفة الغربية، فيحاء شلش، فيما ساعدها على تجهيزه وترجمته من اللغة العربية للإنجليزية، يوسف الجمل، من قطاع غزة.

ووثقت هاشم في كتابها، معاقبة إسرائيل للأطفال المعتقلين، بسياسة العزل الانفرادي، كما تقول.

ومن الأمثلة على ذلك، قصة طفل يُدعى أسامة صبح، يبلغ من العمر (13 عامًا)، وضعته إدارة السجون الإسرائيلي في العزل الانفرادي، بعد عثورها على صورة له وهو يُلقي الحجارة على حاجز عسكري إسرائيلي.

وقال الطفل خلال مقابلته، التي نشرت في الكتاب، إنه وُضع داخل زنزانة ضيقة، ليس فيها نافذة ولا ضوء، إلا مكيّف هوائي يُجمّد المكان.

وأضاف، 'رغم علمهم أنني مريض بالربو، إلا أنهم كانوا يتعمدون إبقاء المكيف الهوائي يعمل طيلة الوقت حتى تداعت حالتي الصحية، وبدأت أشعر بالضيق وأتنفس بسرعة، حتّى شعرت أنني أفقد القدرة على التنفس'.

ورغم صغره، إلا أنه امتلك إرادة الرفض للمعاملة التي وصفها بـ'اللاإنسانية' بحقّه، فأضرب عن الطعام لمدة أسبوع.

مستعربون ورجال شرطة يعتقلون طفلا في القدس (أ ف ب)

وفي صراع مع سجّانه، قضى الطفل صبح فترة اعتقاله التي بلغت (6 شهور)، تواقًا للحرية ولرؤية أهله.

ووثّقت هاشم في كتابها أيضا، تعرّض جميع الأطفال الذي أجرت معهم مقابلات، واعتبرتهم عينة لجميع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، للضرب المبرح من قبل الجنود الإسرائيليين، خلال الاعتقال والتحقيق.

كما أكدت خلال مقابلاتها على أن الظروف المعيشية للأطفال المعتقلين 'مُهينة، وغير إنسانية'.

ويقول أحد الأطفال، راويًا قصّته داخل السجون الإسرائيلية، 'لا شيء جيد هناك، فالطعام سيء والنوم سيء والمكان سيء؛ جيوش من الحشرات تملأ الزنازين والغرف، الزنزانة القذرة كأنها وسيلة تعذيب بحد ذاتها'.

وتطرقت هاشم في كتابها كذلك، إلى معاناة الأطفال، الذين يُحكم عليهم بـ'الحبس المنزلي' بعد قضاء فترة محكوميتهم، داخل السجون الإسرائيلية.

وروى الطفل شادي الأعور (16 عامًا)، قصّته مع الحبس المنزلي، قائلاً 'بقيت رهن الاعتقال لأن الحبس المنزلي الذي حُكمت به لأربعة أشهر، كان يزرع في نفسي حزنا من نوع آخر لم أجده في السجون، أغمض عيناي في كل يوم لساعات وأحاول أن أرسم صورة أجمل لغد أجمل'.

كما ضم الكتاب قصصًا لخمسة أطفال حُكم عليهم بالسجن لمدة (15 عامًا)، بتهمة إلقاء الحجارة، على الرغم من عدم وجود أدلة تثبت تلك الإدانة'، حسب هاشم.

وتصف هاشم أسباب اعتقال الأطفال الفلسطينيين بـ'التعسفيّة'.

وتقول، 'يُعتقلون فقط لأنهم متهمون بإلقاء الحجارة، على الرغم من أنهم يفعلون ذلك لمقاومة الاحتلال، وحماية أرضهم من السرقة'.

وكانت هاشم، قد أصدرت في 2014، كتابا يحمل عنوان 'مذكرات الأسرى'، الذي ترجم إلى 6 لغات مختلفة.

اقرأ/ي أيضًا | 'بواب الحانة': 'لو جربت ما ذاق ما هان عليك الفراق'

ذلك، ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي 440 طفلا فلسطينيًا في سجونهه، حسب إحصائيات فلسطينية رسمية.

التعليقات