"زقاق القناديل" شاهد على ماضي الأندلس بالقاهرة

من ضمن مساعيه لتقفي أثر الأندلسيين بعد سقوط دولتهم وخروجهم من الجنوب الإسباني وشبه الجزيرة الإيبيرية، أصدر الباحث المغربي المتخصص في تاريخ المغرب والأندلس، رشيد العفاقي، كتاب "زقاق القناديل... حارة الأندلسيين بالقاهرة".

من ضمن مساعيه لتقفي أثر الأندلسيين بعد سقوط دولتهم وخروجهم من الجنوب الإسباني وشبه الجزيرة الإيبيرية، أصدر الباحث المغربي المتخصص في تاريخ المغرب والأندلس، رشيد العفاقي، كتاب "زقاق القناديل... حارة الأندلسيين بالقاهرة".

وصدر الكتاب مؤخرا في 130 صفحة عن مطبعة "طوب بريس" بالعاصمة المغربية الرباط، يرصد فيه المؤرخ العفاقي جوانب من علاقة الأندلسيين بالمشرق العربي، وهي العلاقة التي ما يزال "زقاق القناديل" بالعاصمة المصرية، شاهدا عليها حتى يومنا هذا.

ويوضح العفاقي أن هذا الكتاب يمثل "جزءا من مشروع كبير يرصد وجود وحضور الأندلسيين في عدد من البلدان العربية والإسلامية".

ويضيف "الأندلسيون الذين ألجأتهم محنة الطرد إلى البلدان العربية الإسلامية، قد كونوا مجموعات متميزة في المجتمعات التي حلوا بها، وهو موضوع دفعني إلى تأليف هذا الكتاب في إطار مشوار طويل للتنقيب عن أخبار أندلسيي الشتات".

وينطلق الكتاب من إبراز المكانة التي كانت تحتلها مصر في أفئدة الأندلسيين، حيث كانت محطة رئيسية خلال رحلتهم نحو بلاد الحرمين، وهي العلاقة التي دفعت أغلبية المهجرين من أهل الأندلس الذين رحلوا إلى المشرق اختيار النزول بمصر واتخاذها دار إقامة.

غير أن جذور العلاقة بين الأندلسيين مع مصر، وفقا لما يستعرضه هذا الكتاب، تعود إلى ما قبل سقوط الأندلس بقرون عديدة، وتحديدا إلى تاريخ دخول الإسلام لبلاد الكنانة، وذلك "من خلال أسرة قرشية فهرية كان لها دور في فتح مصر، ثم مَرّت السنون والعقود ليتسلم فرد من سُلالتها، وهو يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، حُكْمَ بلاد الأندلس".

وجاء في الكتاب أن "َجَد يوسف المذكور هو عقبة بن نافع الفهري الذي شارك في فتح مصر، وتَوَلّى بعد ذلك فتح المغرب ونَشْر رسالة النور في المغرب الكبير، وكان أوّل الخِطَطِ التي اخْتَطّها عُقبة بن نافع في مصر زُقَاقٌ عُرف فيما بعد باسم: زُقاق القناديل".

ويشير مؤلف الكتاب إلى أن "المثير للانتباه عند مطالعة كتب التاريخ أنّ الأندلسيين الذين نزلوا بلاد مصر (يعني العاصمة: الفُسطاط ثُمّ القاهرة) كانوا يفضلون الإقامة في هذا الزُّقاق".

ويرجح العفاقي أن يكون اختيار أهل الأندلس للعيش في "زقاق القناديل"، راجع إلى تلك العلاقة التي جمعتهم بالعائلة القرشية الفهرية التي كان لها نصيب في اختطاط زقاق القناديل، والتي حَكَمَ أحد أفرادها بلاد الأندلس في وقت من التاريخ.

فضلا عن كون موقع هذا الزقاق كان قائما وسط العاصمة ومُجاورا للمسجد الرئيسي بالبلد، وهو جامع عمرو بن العاص الذي أسندت بعض وظائفه إلى الأندلسيين.

ويشتمل الكتاب على عدة فصول، يتقدّمها فصل يتطرق إلى ما كان للمصريين من سهم في فتح الأندلس ثم إقامة صرح العلوم والآداب بها؛ كما يتضمن أيضا فصولا تسلط الضوء على اختطاط "زقاق القناديل".

ويشمل أيضًا أهم المعالم والخطط التي قامت في هذا الحي، تليها فصول بنبذة عن تاريخ الحضور الأندلسي بهذا الزقاق، مرفقة بترجمات عدد من علماء الأندلس الذين حطّوا الرِّحَال بهذا الزقاق العريق.

والمؤرخ رشيد العفاقي هو باحث مغربي من مواليد سنة 1970 بمدينة طنجة، أقصى شمالي البلاد، اجتاز دراسته الابتدائية والثانوية بها، وتخصص في مجال التاريخ خلال دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة مرتيل (شمال).

 

التعليقات