29/10/2021 - 19:41

مهرجان النحت على الخشب في مجد الكروم: أعمال تضفي بجماليتها وعابرة للزمن

شارك عدد من الفنانين التشكيليين في مهرجان فن النحت على الخشب في بلدة مجد الكروم بمنطقة الشاغور، الذي من المقرر استمراره لغاية يوم 5 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

مهرجان النحت على الخشب في مجد الكروم: أعمال تضفي بجماليتها وعابرة للزمن

مهرجان النحت على الخشب في مجد الكروم (عرب 48)

شارك عدد من الفنانين التشكيليين في مهرجان فن النحت على الخشب في بلدة مجد الكروم بمنطقة الشاغور، الذي من المقرر استمراره لغاية يوم 5 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

وتميز المهرجان بالحرفة في الخبرة والدقة في النحت والزخرفة والفن التشكيلي، بمشاركة كل من الفنانين زياد حمود وعبد السلام سبع من مجد الكروم، خليل ريان وأحمد كنعان من طمرة، عبد الله نيقولا من رأس العين وأمل سرحان من المغار.

وبرز من خلال المهرجان جماليات النحت على الخشب والإبداعات التي جرى تصميمها بمهارات عالية، إذ رأى الفنانين المشاركين بأن هذا النوع من الفنون التي تضرب جذورها في التاريخ البشري.


وتطرق الفنان ومنظم المهرجان، زياد حمود، في حديث لـ"عرب 48" إلى ميزة مهرجان النحت السابع في مجد الكروم بالقول إنه "يقوم بنقل العمل الفني للجمهور بدلا من ذهابهم لصالات المعارض، إذ نشهد حضورا كبيرا من الزائرين هذا العام بخلاف العام الماضي الذي افتقد لوجود الجمهور بسبب وباء كورونا، أما من خلال المعرض المقام في الهواء الطلق أصبح بإمكان أي شخص مشاهدة الأعمال الفنية وفتح باب النقاش مع الفنانين".

وشدد على أن "الفنان متجدد بإنتاجه الفني، وأنا بشكل عام أعمل على موضوع المرأة على أربعة أوجه تجريدية تحمل أسلوبي، فالتعبير عن المرأة فنيا يحمل عدة معاني، فعلى سبيل المثال فإن رحم المرأة ينطوي على فكرة الخصوبة واستمرار النسل البشري، كما يدل على الحنان والرقة والجمال والكمال، كما أن المرأة هي والدتنا وأختنا وهي البنت والزوجة. وفي النهاية أؤكد على أن هدف العمل الفني هو إعطاء الجمهور مساحات حرة من التفكير، فكل وضعية فنية تعبر عن شعور معين فد يتملكك من خلال النظر لكل واحدة من زوايا العمل الفني".

الفن التجريدي هو الطابع الغالب في أعمال الفنان عبد الله نيقولا إيمانا منه بعدم فرض رؤية فنية على المتابع لأعماله الفنية، بل يجب إطلاق العنان لخياله لتفسير الشكل المطروح أمامه.

عبد الله نيقولا

وحول مشاركته في المهرجان ذكر نيقولا لـ"عرب 48" أن "العمل اليوم لا يندرج تحت عنوان معين، بل هو عمل حر فلكل فنان الحرية في اختيار موضوع العمل وطريقته، فأنا مثلا اخترت لنفسي طريقة العمل التجريدي، ولم أعمد للعمل بطريقة الفن الواقعي، فمثلا يمكنني التعبير عن راقصة الباليه من خلال أداء حركة معينة، لا تجسيدا للمنحوتة من حيث الشكل الواقعي، وبطريقة واضحة لأي شخص، من الممكن له تفسيره كما يراه. الفنان يتكيف مع ظروف العمل ومنطقة العمل فتارةً يعمل على الفن التجريدي وتارةً الفن الواقعي بحسب مادة العمل إن كانت حجرا أو خشبا أو غيرها، فأنا عندما استخدم الطين بالنحت أتجه نحو الأعمال الواقعية، أما النحت على الخشب والحجر فهو أقرب للعمل للتجريدي وهو معبر أكثر عن المضمون الموجه للمتلقي".

ونوه إلى أنه "أمتلك محلا لتصميم وبيع الهدايا الخشبية، وأنا من عائلة تمتهن الاحتطاب وهذا معروف عن عائلتنا في قرية رأس العين، وهذا ما شكل لي دافعا إضافيا للنحت على الخشب وأمتلك مهارات عالية به، قياسا على النحت على الحجر والذي أحبه أيضا ولكن بدرجة أقل، فطابعي في العمل تدخل به الموسيقى والحركة وتعدد الشخصيات إذ أنه أحيانا تلعب المادة دورا في اختيار موضوع العمل، فخشب الزيتون هو من يوجهني لاختيار منحوتة معينة تتناسب معه".

رغم اهتمام الفنان خليل ريان أكثر في فن النحت بالبرونز بشكل واسع، إيمانا منه بأن مادة البرونز تتمتع بخاصية غير متوفرة فيما سواه من معادن، فهو معدن يقاوم عوامل الزمن، وهو معدن جميل قريب من قلوب الناس، إلا أنه يبدع في أعمال النحت بالمواد الأخرى.

خليل ريان

وقال ريان لـ"عرب 48" إنني "أمتلك العشرات من المنحوتات البرونزية، فأنا أميل إلى فن النحت سواءً كانت المادة المستخدمة هي من البرونز أم من مادة أخرى، لكن البرونز هو المادة الأكثر جمالا وصمودا أمام متغيرات الطقس والبيئة المحيطة، وأعمل على إنتاج منحوتة خشب بطول يصل إلى 180 سم، تجسيدا لعمل فني سابق لي مصنوع من البرونز بطول 40 سم، وهذا العمل المزمع البدء فيه يتطلب مجهودا إضافيا ووقتا أكبر. فكلما تقدم الفنان في السن تتشعب أعماله وتتعدد تجاربه وتتراكم خبراته من خلال مشاركته على مدى سنين عمره في المعارض المحلية والدولية، فيكسبه ذلك زخما منقطع النظير يطبع في مخيلته الخصبة أفكارا جميلة، يقوم بإخراجها إلى حيز الوجود من خلال أعمال فنية رائعة، وهذا هو حالي تماما، وأنا على استعداد تام لتقديم خبرتي للفنانين المبتدئين، فالمعرفة هي حاجة أساسية وليست حكرا على شخص بعينه. وأريد التنويه على أنه يجب على الفنان مراعاة التقاليد الدينية والأعراف المجتمعية والثقافات المحلية في الأعمال التي يعتزم القيام بها، وألا ينخرط في أعمال فنية مشبوهة أو قد يساء فهمها من قبل البعض".

تواصل فلسطين ارتباطها بأعمال الفنان عبد السلام سبع من مجد الكروم الذي أطلق على منحوتته اسم "جفرة سيدة الأرض"، واصفا عمله في حديث لـ"عرب 48" بالقول "استوحيت الشكل الخارجي للمنحوتة من خارطة فلسطين، فأنا مذ كنت صغيرا أنظر إلى خارطة فلسطين على أنها امرأة ترتدي فستانا تطايرت أطرافه بفعل الهواء، وقد سبق لي نحت تمثال من البرونز والذي ترونه الآن لامرأة تحمل جرة وهي عائدة من النبع حال النسوة في بلادنا قديما، ومن الممكن ملاحظة الشبه بين قوام المرأة وخارطة فلسطين. أنا في السنين الخمسة الأخيرة اتجهت أكثر نحو فن النحت فهو أكثر استمرارية من ناحية الزمن وهو أكثر جمالية كفن ثلاثي الأبعاد، وأنا من خلاله أوظف ما يعزز انتمائي وهويتي كمواطن عربي فلسطيني".

عبد السلام سبع

ورأى سبع بأن أعمال فن النحت على الخشب هي امتداد للزمن، مشيرا إلى أنه "من الجميل استغلال جذع الشجرة في عمل يمتد عبر الزمن بدلا عن إلقائه في النار أو إهماله وتركه يتحلل جراء العوامل المناخية، فتحويله إلى عمل فني له رسائل ومضامين، وتصبح هناك علاقة بين النحات والمنحوتة، ونحن كفنانين نحرر المادة من قيودها ومن جمودها، ونجعلها ناطقة بالحياة من خلال حركات وإيحاءات تضفي عليها طابعا حركيا. برأيي أن الخشب أكثر دفئا من الحجر، فهو يخلق جوا من الدفء في ثنايا المنزل، ولا يمكننا وضع المنحوتة الخشبية خارج الزمن لأن الخشب أقل مقاومة من غيره لعوامل الطقس".

وختم بالقول "أحاول في كل عمل فني أن أقدم كل ما هو جميل، حتى في الرسم على الجدار الفارغ، لجعله يفيض بالحياة، فأقدم فني لمجتمعي ووطني وللعالم، وأساعد من خلاله على تغيير الواقع، من خلال تقديم رسالة اجتماعية وإنسانية وشخصية نجمل معها الواقع، ونحملها معان الخير والبناء والتوعية، بل ونلفت النظر إلى جمال الأرض وتوعية المشاهدين لجمال البيئة التي نقطن في أرجائها الرحبة من خلال هذا الفن الجميل".

التعليقات