29/01/2023 - 10:01

المنتدى السنوي لفلسطين: محاور ومسائل بين المقاومة والاستعمار الاستيطاني

روحانا: إحدى النتائج الملحوظة للاندفاعة التي حققتها الأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة في انتخابات الكنيست الأخيرة تثملت في ظهور مفهوم "المالك" أو "السيد" أو "الرئيس"...

المنتدى السنوي لفلسطين: محاور ومسائل بين المقاومة والاستعمار الاستيطاني

ناقشت جلسات المنتدى السنوي لفلسطين، المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، في يومه الأول، الواقع الاستيطاني والاستعماري في فلسطين، والقضية الفلسطينية في السياق الدولي وأنماط المقاومة في فلسطين، وحالة الانقسام وآفاق المصالحة والقضية الفلسطينية في الوعي العربي.

وافتتحت أعمال منتدى بجلسة أدارها، مروان قبلان، وكانت بعنوان "الاستعمار الاستيطاني: حالة فلسطين"، تحدث خلالها أستاذ الشؤون الدولية ودراسات الصراع، الدكتور نديم روحانا، عن الملّاك والمستأجرين في الدولة اليهودية وتطرق إلى المواطنة الاستعمارية الاستيطانية والوطن وحق الانتماء.

وأوضح روحانا أن إحدى النتائج الملحوظة للاندفاعة التي حققتها الأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة في انتخابات الكنيست الأخيرة تثملت في ظهور مفهوم "المالك" أو "السيد" أو "الرئيس"، في سياق العلاقة بين مواطني إسرائيل اليهود والفلسطينيين بصورة عامة وانتمائهم إلى الأرض أو حتى مكانهم فيها.

وأشار إلى أنه في حين جسد المشروع الصهيوني الرامي إلى إقامة دولة يهودية حصرية في فلسطين، منذ إنشاء إسرائيل في عام 1948، وافترض ملكية يهودية حصرية للوطن، على غرار مالك الأرض، فإن التعبير الصريح عن هذا الأمر في الخطاب السياسي الناشئ يساهم في الوضوح المفهومي لطبيعة المشروع الاستعماري الاستيطاني في فلسطين من حيث العلاقة بين اليهود والفلسطينيين الأصليين، والمواطنة في سياق استعماري استيطاني، ومسألة الحق الأساسي في الانتماء بحسب الصهيونية.

واستعرض أستاذ علم الاجتماع في جامعة ماونت رويال، مارك مهند عياش، في محاضرته "الصهيونية والقومية والاستعمار الاستيطاني والدوافع والعنف"، مشيرا إلى أنه في الخطاب الذي يطبع الغزو والسيطرة الاستعماريين والاستيطانيين الإسرائيليين ويبررهما ويروج لهما تلقى الطبيعة القومية المزعومة للمشروع الصهيوني اهتماما تحليليا، وهو اهتمام يصور الصهيونية على أنها مشروع تحرري ليهود مضطهدين في أوروبا وخارجها.

ولمواجهة هذا الخطاب ومحوه للمستعمرين، يقول عياش أكد العديد من الباحثين النقديين أن الصهيونية هي قومية واستعمارية استيطانية على حد سواء. لكن تقديم بديل مناهض للاستعمار، يحل محل التركيز الحصري على الصهيونية بوصفها مشروعا قوميا يقتضي إصرار التحليل النقدي على أن قومية الدولة، سواء أكانت قومية إثنية أم قومية مدنية، ليست سوى واحد من العناصر التي يمكن أن يحللها الباحثون داخل إطار السيادة الاستعمارية الاستيطانية الكبير، وليس إلى جانبه.

أما طالبة الدكتوراه في كلية الدين والالهوت ودراسات الإسلام، كلية ترينيتي في دبلن، كارولين لاند، تحدثت عن الاستعمار الاستيطاني ومحو الآخر وبناء سرديات الهيمنة، مشيرة إلى أن إسرائيل، باعتبارها نظام حكم استعماري استيطاني، تنتج وتنشر ما يحلو لها من الروايات المتعلقة بالمجتمع المدني الفلسطيني ومقاومته.

وتحدثت الدكتور في العلوم القانونية، زينة جلا في محاضرتها عن "استلحاق الهوية: الضم الإسرائيلي غير الإقليمي والنفسي لسامريي الضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، حيث أوضحت أن ذلك شكل من أشكال الضم غير الإقليمي لأقلية من السكان يمتد إلى الذات والهوية.

وأشارت إلى أن "منح إسرائيل الجنسية للسامريين الذين يبلغ عددهم أقلّ بقليل من 500 نسمة ويعيشون في الأراضي المحتلة في نابلس، بناء على قانون العودة المثير للجدل، حيث إن منح مكانة المهاجر اليهودي لأشخاص ليسوا يهودا ولا عائدين أتاح لإسرائيل فرصة لتعزيز الحقوق المدنية لشريحة من المجتمع الفلسطيني كانت ستبقى هشة من غير ذلك.

وعن فلسطين في القانون الدولي، ركزت الجلسة التي سيرها، محمد علوان، على سياسة الفصل العنصري عبر الجدران التي أقماها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وتحدث الحسين شكراني في مداخلته عن التعويض عن الأضرار البيئية في فلسطين المحتلة، مع إشارة إلى التداعيات البيئية للجدار الإسرائيلي العازل.

أما سيف يوسف تطرق إلى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وحق العودة في ضوء قرار الأمم المتحدة رقم 194، فيما استعرض محمد الوادرايسي إكراهات تطبيق العدالة الجنائية الدولية في فلسطين.

وناقشت أعمال المنتدى في يومه الأول القضية الفلسطينية في السياق الدولي من خلال الجلسة التي أشرف على إدارتها عبد الوهاب الأفندي، وتحدث مايكل ر. فيشباخ عن كفاح السكان المحلانيين ضد الاستعمار الاستيطان، واستعرض التضامن مع فلسطين بين الشعوب الأصلانية واللاتينية في الولايات المتحدة من الستينيات حتى اليوم.

فيما تحدث عبد الله موسوس عن حالة المشاريع الاستعمارية المرتبطة في فلسطين وكشمري، فهم الاقتصاد الاستعماري الاستيطاني العالمي في القرن الحادي والعشرين.

وعن القضية الفلسطينية في السياق الأفريقي، تحدثت نوغ نيوي أسانغا فون عن ما وصفته بالشراكة المعقدة في المسار المتنامي للعلاقات الإسرائيلية الأفريقية، بينما تطرقت منى عوض الله إلى إشكالية الديمقراطية في الكيانات الاستعمارية وفق نظرية جون رولز في العدالة، الكيان الصهيوني نموذجا.

وعن فلسطين أمنيا وجوانب من التقنيات الاستعمارية، سيرت سناء حمودي، الجلسة التي تحدث خلالها يوسف منير عن القمع العابر للقوميات واستعرض شبكة القمع الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، بينما تطرق بيترو ستيفانيني عن وحدة تنسيق أعامل الحكومة في المناطق COGAT "والنمط الإنساني من الاستعمار الاستيطاني"، والربط بين حقلي دراسات الاستعمار الاستيطانية والدراسات الإنسانية الاستكشاف جانب أقل بحثا بين جوانب نظام الحكم الإسرائيلي.

ويرى الباحث، بناء على أربعين مقابلة مع مسؤولين عسكريين إسرائيليين سابقين ومستوطنين وعاملين في المنظمات الإنسانية غير الحكومية، إلى جانب مواد في ملفات ويكيليكس، أن السيطرة السياسية الحيوية التي تمارسها وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة على الفلسطينيين، بوصفهم مجرد مشكلة إنسانية، تعكس إستراتيجية الدولة الاستيطانية الخاصة بالأرض والرامية إلى إبقاء السكان الأصليين الذين جردوا من أرضهم داخل جيوب مبعثرة.

وتحدثت نور عرفة في مداخلتها عن تحصين الامتياز وتعزيز الفاعلية المحلية في مكافحة التمرد، وتناول حالة لبرامج تيسير التجارة في الخليل بالضفة الغربية المحتلة، واستعرضت في صورة نقدية برنامجين لتيسير التجارة "TFPs"طرحتهما الواليات المتحدة عند حاجز ترقوميا في الخليل.

وأوضحت كيف مثل البرنامجان شكلا جديدا من الامتياز منغمسا في علاقات التبعية مع إسرائيل ويعزز بدوره هذه العالقات التي تستند إلى نظرية مكافحة التمرد في تأطير البرنامجين على أنهما تقنية من تقنيات مكافحة التمرد وتربط الأولويات الاستعمارية الإسرائيلية بممارسات مكافحة التمرد الأميركية، من خلال السعي إلى تحقيق الاستقرار وإدارة الصراع باستخدام تقنيات التهدئة التي تتيح للنخب المحلية مزيدا من الإشراك.

أما الدكتورة الباحثة أريج صباغ خوري، تحدث عن "القدس: الشرط الاستعماري الاستيطاني، والمرونة المناهضة للاستعمار"، قائلة إن "الديناميات المتغيرة في القدس تمثل واقع دولة الفصل العنصري الواحدة. وتعمل أجهزة الدولة الإسرائيلية من خلال تطبيق الحوكمة المتمايزة القائمة على تراتب الفئات الاجتماعية السياسية الذي يبرز في القدس على نحو خاص".

وبالتزامن مع إقامة "جدار الفصل العنصري" في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قالت صباع "نشأ واقع جديد داخل حدود القدس. وبعد تغيرات سياسية، شهد سكان القدس الشرقية الفلسطينيون - المفصولون بالقوة من بعض النواحي عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ‘الغزو‘ السريع للأراضي، من خلال ضم الدولة والتعدي الاستعماري الاستيطانية الفردي وأشكال الاحتلال".

وعن أنماط في المقاومة الفلسطينية تطرقت الجلسة التي أدارها سالم الكواكبي إلى أشكال المقاومة التي يخوضها الشعب الفلسطيني ضد السياسات الإسرائيلية الاحتلالية، وتحت عنوان "إذا غاب الوجه، ردت" تحدث طارق راضي عن السكان الأصليين وانعدام الأمن الإمبراطوري.

واستعرض الباحث خالد عنبتاوي: قراءة سوسيولوجية في ملامح هبة الكرامة والتحولات لدى فلسطيني 48، بوصفها تعبيرا عن فصل جديد في العلاقات بين المجتمع الفلسطيني في الداخل والمؤسسة الصهيونية.

وأوضح أن الهبة تراكم على ذاكرة من الرفض والأمل معا تشكلا بعد موجات هبات شعبية خلال العقد الأخير حققت إنجازات ملموسة وواضحة كـ"هبة برافر" عام 2013 . وتجادل في أن اللحظة المفجرة لحدث الهبة قد عبرت عن نقطة تقاطع لسيرورة تحولات جدلية جرت في العقدين الأخيرين بين أضلاع الثالوث، إسرائيل والصهيونية، والمجتمع الفلسطيني في الداخل، والقضية الفلسطينية. وتفترض أن بعدي الاستعمار والنيوليبرالية قد تعززا في النظام الإسرائيلي خلال العقدين الأخيرين، وترسخت معهما تقنيات من المحو والضبط والاحتواء تجاه الفلسطينيين في الداخل.

وتحدث أحمد أسعد عن هبات الاستنزاف والهبات الفلسطينية وأنماط المقاومة بين الأعوام 2013 إلى 2022.

فيما دعا مصطفى شتا وأمين يوسف إلى إعادة تأطير المقاومة الثقافية في فلسطين في ضوء تجربة المسرح الوطني.

وعن خطاب فلسطين في الخطاب الأكاديمي المعرفي تولى، إبراهيم فرحات، إدارة الجلسة التي تحدث بها إيلان بابي عن الدراسات الفلسطينية والإنجازات والتوجهات المستقبلية.

واستعرض عبد الله في لوز في مداخلته تمثلات القضية الفلسطينية في المناهج السعودية منذ التسعينيات حتى يومنا هذا، من خلال مقاربة تحليل خطابي نقدي، بينما تنازلت سجى الطرفان في مداخلتها تحليل السياسات فلسطينيا وإنتاج المعرفة المرتبطة بها تحت الشرط الاستعماري، والمساهمة في سجالات الالتزام المعرفي والمجتمعي.

كما ناقشت أعمال المنتدى من خلال ورشات العمل موضوع فلسطين في استطلاعات الرأي التي سيرها مهدي مبروك، حيث استعرض من خلالها شلبي تلحمي التحول في المواقف الأميركية تجاه فلسطين وإسرائيل وانعكاساتها على السياسة، فيما استعرض محمد المصري فلسطين في الرأي العام العربي.

وناقشت إحدى الجلسات التي أدارها غسان الكحلوت الانقسام الفلسطيني وآفاق المصالحة بمشاركة كل من محمد أبو نمر، ولورد حبش، وتامر قرموط.

التعليقات