26/06/2023 - 18:47

"التبرع بريعه لمعتقلي هبة الكرامة": حضور واسع في ندوة إشهار كتاب "أوراق السجن" لباسل غطاس

"المناضلون لا يتغيرون، والسجون نفس السجون على مدى التاريخ، هذا قدرنا أن نكافح ونناضل من أجل حرية شعبنا، لن نندم ولسنا نادمين على شيء"، بهذه الكلمات توّج د. باسل غطاس الحوار الذي أجرته معه الإعلامية رافع.

جانب من الحضور في الندوة (عرب 48)

نظمت مساء الأحد ندوة إشهار كتاب "أوراق السجن: من أروقة الكنيست إلى سجون الاحتلال" للأسير المحرر والنائب السابق، د. باسل غطاس.

وأشهر غطاس كتابه إثر اتهامه واعتقاله على خلفية قضية إدخال هواتف نقالة لأسرى فلسطينيين، لينقل من خلاله تفاصيل حياة الأسرى وقضاياهم السياسية والاجتماعية والشخصية في مختلف جوانبها، ساردا ذلك كله من موقع الأسير خلف القضبان بعد 23 شهرا قضاها متنقلا بين السجون الإسرائيلية.

وتولت الإعلامية نضال رافع عرافة الندوة واستهلتها بالقول إن "الكتابة في المعتقل هي المعطى الحاسم على أن حريتي ما زالت حرة، بمعنى أن الأسير يظل حرا ما لم تتسرب القضبان إلى أضلاعه، أما إذا بقيت خارج حيزه النفسي والروحي فإن وجدانه وفؤاده وروحه تظل كويلا وحشية تدف في السماء لتلتقط النجوم".

وأضافت "هذا هو الخيار الحر الوجودي الذي يتجلى في كتابات الأسرى الذين أثبتوا أن الكتابة بين الجدران هي أولا إثبات للذات، ثم هي شحذ للهمة لمواصلة المواجهة كما هي تأريخ سيشع بوثائقيته ولو بعد حين، ونحن الفلسطينيون على وجه الخصوص لم ننجز روايتنا التاريخية بعد رغم وجود شذرات ومحاولات فردية متباعدة مكانيا وزمانيا، لكنها لم تكمل ولم نحظ حتى اللحظة بتاريخ أو سردية أو رواية نرد بها على ما لفقه نقيضنا حول ذاته وعنا. ويأتي كتاب د. باسل غطاس مساهمة مضيئة لسد ثغرة تأصيل تاريخ الحركة الأسيرة التي وبرأي إميل حبيبي ’تظهرنا وكأن وعينا عذري لا يراكم ولا يبنى عليه’".

غطاس خلال ندوة إشهار الكتاب (عرب 48)

"المناضلون لا يتغيرون، والسجون نفس السجون على مدى التاريخ، هذا قدرنا أن نكافح ونناضل من أجل حرية شعبنا، لن نندم ولسنا نادمين على شيء"، بهذه الكلمات توّج د. باسل غطاس الحوار الذي أجرته معه الإعلامية رافع.

ولفت إلى أنه "من الأمور المهمة التي يجب تذكرها، أن هناك عالما كاملا موازيا فعلا له مشاعره وقصصه وغضبه وفرحه هو عالم الحركة الأسيرة، إذ أذكر آخر قسم دخلت إليه في سجن مجدو وقد أطلق عليه اسم قسم ’عزون’ وهو نادرا ما نسمعه لبلدة فلسطينية، لأكتشف أن هذه البلدة أهلها أبطال لدرجة لديهم قسم يضم نحو 50 أسيرا".

الأسيران المحرران مخول وغطاس (عرب 48)

وأوضح غطاس أن "غالبية المعتقلين خلال فترة اعتقالي كانوا من الشباب الذين جرى اعتقالهم في أحداث المسجد الأقصى وفي فترة محاولة نصب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، فحاولت تقديم تثقيف وطني عابر للفصائل لهم أنا وصديقي أمير مخول".

وحاول د. غطاس نقل المشاركين في ندوة إشهار الكتاب إلى واقع الأسرى بالقول إنه "عليكم أن تعلموا بأن قطعة تراب عرضها 3 سم في السجن قد نبتت بها نبتة النعناع، كنا نعتني بها حتى لا تجف أوراقها لنتمكن من أخذ ورقة النعناع ونشم رائحتها، وعندما قرأت كيف أن نيلسون مانديلا ورفاقه في السجن اعتبروا أن الموافقة على زراعة حوض نباتات بعرض 120 سم وطول 1.5م كان بمثابة انفراج لهم. في النهاية نؤكد بأن السجن له وجوه عديدة ما بين بطولة تضحية الأسرى بسنوات أعمارهم، فهم يدفعون الثمن عنا جميعا ولا توجد حرية بلا ثمن ولا يوجد شعب محرر بلا ثمن، الشهداء أولا ثم الأسرى".

علي مواسي (عرب 48)

وتحدث الكاتب والناشط، علي مواسي، الذي قام بدوره بتحرير الكتاب بالقول "كانت تجربتي مع الكتاب تعلمية وممتعة ومؤثرة، أما عن التحدي الأول الذي عملنا عليه أنا والكاتب فهو العمل بمنهجية التكثيف، إذ يحتوي الكتاب على 300 صفحة بدلا من 700 وذلك لمنع تكرارية بعض التفاصيل".

وأضاف أن "المنهجية الثانية هي كيفية تحقيق عنصر التشويق للقارئ وكيف لعنصر التشويق أن يحصل في هذا الكتاب، فيما كان النقاش المركزي في كيفية الحفاظ على الزمن السببي وتتاليه مع الحفاظ على ما كتبه الكاتب من كل سجن تواجد به إن كان في ’هداريم’ و’نفحة’ و’جلبوع’ وغيرها، في نفس الوقت ألا تتحول السببية الزمنية لنوع من أنواع الرتابة وخصوصًا أن مصلحة السجون هي مؤسسة سيطرت على الزمن، هنا حاولت إقناع الكاتب بما قاله الفلاسفة عن العلاقة بين الزمن والمكان، من أقوال أبو بكر البغدادي وما قاله نيتشي ’الزمن هو جزء من المكان’، هنا كان قول الفصل في كيفية العبث بالزمن السجني وتحويله إلى زمن مرتبط بتجربة الكاتب الإنسانية بنفس الوقت الحفاظ على التراكم الزمني".

جانب من الحضور في الندوة (عرب 48)

وأنهى مواسي حديثه بالقول إننا "وضعنا نصب أعيننا طيلة العمل على إخراج الكتاب مبدأ الثقة بذكاء القارئ، وخصوصًا عندما يقرأ فصل ’مدينة السجن التعليمية’ في الكتاب، فما أثر بي في هذا الفصل هو أن المؤسسة السجنية ليست فقط إسرائيل بل توجد نقطة تقاطع بين مصالح صمت وأحيانا تخاذل ومرات أخرى تواطؤ. ونرى ذلك من خلال القصص التي يرويها الكاتب في كتابه، على سبيل المثال أفراد من عائلة واحدة يقبع قسم منهم في سجون السلطة وآخرون يقبعون في سجون إسرائيلية، وأحيانا يتم التبادل بين السجون وكأنه نظام سجن واحد إسرائيلي والسلطة. هذا الكم من التعتيم والصمت من هذا العالم المثقف المنظم في هذه السجون جعلني أفكر سيسيولوجيا بمؤسسة السجن، وعن كم النظام والثقافة والفكر بشهادة الكاتب عن هؤلاء الأسرى تجعلك تدرك أن بسبب وجود هؤلاء الأشخاص جرى عرقلة مشاريع تطهير عرقي".

وتطرق الكاتب علي حبيب الله إلى الكتاب في كلمة ألقاها بالندوة بالقول إن "الكتاب كان تجربة مميزة وأصدق وأدق تعريف لمؤلف الكتاب د. باسل غطاس كان من أسير عايشه في السجن وهو صدقي حامد الزرو (التميمي) الذي قال ’أنت يا باسل أول سجين سُجن من أجل الأسرى في فلسطين’".

علي حبيب الله (عرب 48)

وأضاف "تجربة غطاس تنطوي على فعل وطني بامتياز يحمل في جوانبه بعد إنسانيا لأنه أوصل الهواتف إلى الأسرى مضحيا بمنصبه ومدركا بمخاطر المغامرة. كان شغوفا بالقراءة والكتابة، خط معاناة الأسرى في مناطق الـ48 وكان الكتاب يحمل صورة باسل في أعين الأسرى الذين تضامن معهم وتضامنوا معه، وكتبوا نسخة احتياطية عن الكتاب كي لا تضيع في حال مصادرة الأوراق من قبل مصلحة السجون، وهذا ما كان إلى أن استرد كتابه الذي هو عبارة عن مذكراته داخل السجن".

وأشار إلى أن "الكتاب رد اعتبار على كل من يزاود على د. باسل غطاس في أنه كان نائبا أو أي اتهامات أخرى، فهو الذي دفع ثمن مساعدته للأسرى وحده انطلاقا من مواقفه الوطنية. والكتاب يذكرنا بأسماء أسرى كادوا أن يسقطوا من ذاكرتنا، إلا أن الكتاب أنصف هؤلاء وعلى رأسهم الأسير وليد دقة. للكتاب 11 فصلا عشرة منها تتحدث عن فصول المعاناة بإسهاب وتتحدث عن شهادات حية من داخل السجن، بينما الفصل الأخير يتحدث عن خروج د. باسل غطاس من السجن".

سناء سلامة (عرب 48)

واستهلت زوجة الأسير المريض وليد دقة، سناء سلامة، كلمتها باقتباس من كلمات زوجها قائلة "في حالة السجن كما في حالة الحصار، قمة النضال هو أن تبقى قادرا على السؤال، وأن تكون مستعدا حتى للنوم في فراش أسرك".

وتابعت "في فلسطين السجن الأصغر وفلسطين السجن الأكبر تتقطع سير ومسيرات المناضلين، إذ يدشن وليد في سنوات أسره التي قاربت على الـ40 عاما، والأسرى يدشنون نماذج ملهمة في تجاوز طائفية اليسار وقبلية اليمين ومباصة الوسط، إذ أقام باسل في قسم أحمد سعدات وحاضر في جامعة مروان البرغوثي وقرأ في مكتبة إبراهيم حامد وفسر أحلام ثائر حماد. لذا لا غرابة أن جاءت مذكراته مرآة للصراع بين حركة التحرر الوطني الفلسطيني والحركة الصهيونية ودولة مستوطنيها، ولما تبقى من فلسطينيين من صوت يحمل مقولتهم الوطنية، لا يزال موجودا في الجغرافية السادسة التي لا سيادة فيها إلا لإرادة الحركة الوطنية الأسيرة ومقولتها الجامعة".

المحامية عبير بكر (عرب 48)

وتحدثت الحقوقية والناشطة في مجال حقوق الإنسان والمعتقلين، المحامية عبير بكر، في مداخلتها عن البعد الشخصي من خلال معرفتها بغطاس والبعد المهني كمحامية ترافعت عنه بالقول "لم أكن المحامية الوحيدة في قضية غطاس، إنما سلسلة من المحامين الذين التفوا حوله، ودوري كان بفترة ما بعد إصدار الحكم ضده وهنا تخصصي المهني".

وأوضحت "أما عن العمل في الملف فقد كان الأمر الأصعب هو عندما تعرف الشخص قبل دخوله السجن، وتعرف مكانته الاجتماعية والسياسية وفجأة تبدأ التفكير بسياق مختلف، سياق الأسير، وانكشافي للظروف الصعبة في السجن، إذ أن الدخول ولقائي به وهو يلبس زي الأسرى كان صادما رغم أن هذا المشهد الطبيعي، حيث تحدث عن هذه الصدمة والبعد الآخر بأنني بعلاقة قريبة مع العائلة ولدي انكشاف على ما يحدث في العائلة من معاناة، وهذه المعطيات تصب بمكان أبعد من تمثيل أسير بأن الغضب يكون مضاعفا".

فقرة الفنانين عامر حليحل وحبيب شحادة (عرب 48)

وقدم الفنان عامر حليحل قراءة لنصوص من كتاب "أوراق السجن" رافقه الموسيقي حبيب شحادة بعزف مميز على آلة العود.

وفي نهاية الحفل جرى بيع كتاب "أوراق السجن" والتبرع بريعه لمعتقلي هبة الكرامة.

التعليقات