27/10/2019 - 09:27

"بابيشا": فيلم جزائري يُحظر في بلاده ويرُشح للأوسكار

حُرم الفيلم الروائي الطويل الجزائري "بابيشا"، من العرض في بلاده، لكن وزارة الثقافة أدرجته، وفي مفارقة عجيبة، على لائحة الأوسكار بالنيابة عنها

(تصوير شاشة من الفيلم)

حُرم الفيلم الروائي الطويل الجزائري "بابيشا"، من العرض في بلاده، لكن وزارة الثقافة أدرجته، وفي مفارقة عجيبة، على لائحة الأوسكار بالنيابة عنها.

والفيلم من إخراج مونيا مدور، وأُنتج بالتعاون مع جهات فرنسية وبلجيكية، حاملا عنوان "بابيشا"، وهو مصطلح يعني في اللهجة المحلية الجزائرية، الفتاة الجميلة، لكن هذه الكلمة تُعد في بعض مدن البلاد المحافظة"مخلة بالآداب".

وفي 21 أيلول/ سبتمبر الماضي كان مقررا عرض "بابيشا" للجمهور الجزائري، وتبدأ جولته في قاعات السينما عبر محافظات البلاد، قبل إلغاء العرض.

وأرجع المركز الجزائري لتطوير السينما (حكومي) سبب إلغاء العرض أنه خارج عن نطاق سيطرته.

وقال المركز، في بيان: "نعلمكم بأسف أنّ العرض الأول لفيلم (بابيشا) لمونيا مدور، الذي كان مقررا في 21 أيلول 2019 بقاعة ابن زيدون بالعاصمة قد ألغي".

وأضاف المصدر: "نتمنى للجزائريين الذين خاب أملهم بسبب هذا الإلغاء، الخارج عن نطاق سيطرتنا، أن يطمئنوا، نحن بصدق متعاطفين معهم ومتفهمين بعمق".

وقال منتج الفيلم مصطفى حجاج، في تصريحات سابقة لوسائل إعلام فرنسية، إنه اضطر إلى "تأجيل العرض الافتتاحي وموعد طرح الفيلم بعد اتصال هاتفي من وزارة الثقافة".

وأضاف حجاج "بالرغم من حظر الفيلم في الجزائر، أخلّت الأكاديمية بقواعدها لتسمح لـ'بابيشا' بالمشاركة في السباق (الأوسكار)".

واختير "بابيشا" من قبل لجنة مختصة بوزارة الثقافة ليمثل الجزائر في ترشيحات أوسكار أفضل فيلم أجنبي.

وتقتضي قوانين أكاديمية الأوسكار وفق المادة 30 (أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة) أن يتم عرض الفيلم في بلده الأصلي، والقيام بعروض تجارية لمدة لا تقلّ عن أسبوع.

وفي ظل هذا الجدل القائم بدأ في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، عُرض فيلم "بابيشا" بقاعات السينما الفرنسية، حسب ما أعلنه طاقم العمل على صفحته الرسمية على "إنستغرام".

"يتنحاو قاع" على خط "بابيشا"

قال الصحافي المختص في الشأن السينمائي، فيصل شيباني، إنّه "لحد الآن لا نعلم هل الفيلم منع العرض أم تم تأجيله؟".

وأضاف شيباني: " في وقت ظهرت بعض التسريبات تقول إن الفيلم منع لأسباب سياسية لأن طاقم الفيلم رفع شعار الحراك 'يتنحاو قاع' (عبارة شهيرة في الحراك الشعبي الجزائري وتعني فليتنحوا جميعا)، ولكن لا شيء مؤكد لحد الآن بخصوص هذا الكلام".

وبشأن ترشيح العمل إلى الأوسكار أشار شيباني، إلى أن قواعد هذه المسابقة المرموقة واضحة ومعروفة.

وأوضح أنّ "الأكاديمية تشترط أن يعرض الفيلم تجاريا داخل بلاده أولا حتى يتم قبوله".

وتساءل المتحدث: "هنا نطرح السؤال لماذا رشحته وزارة الثقافة وهل تجهل لجنة ترشيح الفيلم الجزائري القواعد الأساسية لمسابقة الأوسكار؟".

ووفقه فإن "مشاركة الأفلام الجزائرية أصبحت شكلية فقط بحكم أنها لا تصل إلى القائمة القصيرة لذلك أصبح أمر الترشيح لا حدث كما أن فيلم 'بابيشة' وبالنظر لقيمته الفنية لا يمكن التعويل عليه".

ويرى محمد أوراري المهتم بالشأن السينمائي أنّ ترشيح الفيلم للأوسكار يحمل كثيرا من "التناقضات والغرابة".

وقال أوراري، إنّ الفيلم لم يعرض في البلد الذي يمثله، فكيف يختار ترشيحه؟.

وأضاف: "علما أن من أهم الشروط هو أن يشاهده الجمهور في بلده الأم، لكن ليس غريبا أن يحصل هذا فالترشيح في الجزائر وبعض دول عالم الثالث هو مجرد بريستيج لدى الجهات الرسمية والوصية على قطاع السينما".

وأشار المتحدث إلى أنّه عندما "يحين موعد الترشيحات تختار الجهة الوصية (الوزارة) فيلما معينا ليترشح ويقحم في مغامرة دونما أي اهتمام رسمي بتوفير كافة الإمكانيات حتى تكون لديه حظوظ لبلوغ القائمة القصيرة".

وبحسب أوراري "هي مشاركة من أجل المشاركة فقط بالنسبة للجهات الرسمية التي تمنع وتسمح في الآن ذاته".

وعلق قائلا: "معروف أنّ الأفلام التي تتوج في هذه الفئة وراءها لوبيات، حكومات وإمكانيات هائلة".

ردود أفعال غاضبة

تسبب إلغاء "بابيشا" بضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتباينت ردود أفعال الناشطين بين رافض ومتسائل عن السبب.

وكتب الصحافي محمد علال، على صفحته بـ"فيسبوك": "مصدر رسمي أكد لي، أن السلطة قررت معاقبة فريق فيلم (بابيشا) بمنع عرضه في الجزائر بسبب رفع المخرجة والممثلين لشعار 'يتناحو قاع' ومطلب 'جمهورية ثانية'، فوق البساط الأحمر لمهرجان 'كان'".

وأضاف: "للأسف الدولة عندما أرادت التعبير عن غضبها قررت معاقبة الفيلم والجمهور".

وكتبت الكاتبة الجزائرية فايزة مصطفى، على "فيسبوك": "يتجول فريق فيلم 'بابيشا' في دول العالم ناقلا صوت الحراك وصوت التحرر، وهذا سلوك في منتهى الحضارة والوعي الذي يجب أن يتوفر في الفنان، وفِي الإبداع معا".

وأردفت: "لكن، أليست الأولوية هو النضال في سبيل أن يصل الفيلم إلى الجمهور الجزائري؟ ألم يكن الأجدى والأهم لفريق العمل أن يتنقل إلى البلد ويطالب بعرض العمل وسيجد بالتأكيد مئات الآلاف يدعمونهم؟!".

وختمت بالقول: "الفيلم هو عمل فني موجه للجمهور لمشاهدته وليس مجرد فكرة أو مشروع يمكن التعبير عنه في أي منبر.".

وبحسب ملخص الفيلم تدور قصة "بابيشا"، في تسعينيات القرن الماضي بالجزائر، حول الفتاة نجمة (18 عاما)، لديها شغف بتصميم الأزياء والموضة، فلا تدع الأحداث المأساوية التي تشهدها بلادها (العشرية السوداء) تؤثر على خيارها عيش حياة طبيعية رفقة صديقتها وسيلة، فتواجه ضغوطا من قبل المتطرفين الذين يريدون فرض قوانين اجتماعية جديدة، فتحارب من أجل استقلالها الشخصي بالتخطيط لتنظيم عرض للأزياء.

وتوج مؤخرا فيلم "بابيشا" بأكثر من جائزة في مهرجان "انغوليم للفيلم الفرانكوفوني" بفرنسا، وأفضل فيلم بمهرجان الجونة السينمائي بمصر، وعرض في فئة "نظرة ما" بالدورة الأخيرة لمهرجان "كان" السينمائي.

يشار إلى أنّ أكاديمية الأوسكار ستنشر لائحة قصيرة للأفلام المرشحة لأفضل فيلم أجنبي في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.

التعليقات