07/11/2021 - 12:35

سلوى النمر عيسىى.. فنانة تشكيلية بألوان الإرادة والعزيمة

قالت الفنانة سلوى النمر عيسىى إن "ريشة الفنان أداة لرسم الواقع الذي تحاول السلطات الإسرائيلية تشويهه من خلال تغيير الرواية الفلسطينية في النكبة".

سلوى النمر عيسىى.. فنانة تشكيلية بألوان الإرادة والعزيمة

سلوى النمر عيسىى في مرسمها (عرب 48)

يتأثر الفن التشكيلي بمسيرة الفنان وما ترافقه من عوامل متغيرة وغيرها في الحياة اليومية، وتحاول الفنانة التشكيلية سلوى نمر عيسى من مدينة طمرة عبر مشاريعها الفنية نقل صورة عن الواقع الذي عايشته، فألوانها وتخطيطاتها لا يتم اختيارها بشكل عفوي، بل هي دراسة مسبقة قبل الولوج بمنتجها الفني، وبالتالي تخرج للنور لوحات تتحدى الواقع معلنة أن الفن والإبداع لن يتعطلا مهما قست الظروف أو سعت إلى تعطيلهما.

"عرب 48" التقى الفنانة التشكيلية ومركزة الثقافة في المركز الجماهيري بطمرة، سلوى النمر عيسى، في مرسمها "الندى" الذي طغت عليه الرسائل الوطنية والنسوية من خلال الأعمال الفنية فيه، وزينت جدران منزلها لوحات فنية تبعث بوحي الإصرار على تحدي العقبات ومواصلة تجسيد المضامين المتنوعة عبر لوحاتها، وتميز البعض منها بطابع التطريز بالقماش ترافقه الألوان.

مسيرة التحدي نحو تحقيق الذات

تعد سلوى النمر أن أعمالها الفنية متأثرة من نشأتها في عائلة فلسطينية مهجرة الأب من قرية الرويس، والأم من قرية الدامون، لوالدين و11 أخا وأختا، عائلة تمتهن الزراعة كحال غالبية أبناء الشعب الفلسطيني الذي كافح من أجل البقاء والثبات في الوطن.

وقال سلوى النمر لـ"عرب 48" إن "مسيرتي الفنية انطلقت مذ أن كنت على مقاعد الدراسة، إذ لفتت انتباهي الشخصيات التاريخية التي أودعها مؤلفو كتب التاريخ ضمن طيات الكتب، فحاولت تقليد الرسومات، حتى لا يكاد كتاب من كتبي أو دفتر من دفاتري يخلو من هكذا رسومات أطلقت عليها مسمى خربشات كونها لم تكن رسومات متقنة على النحو الذي أريد. انضممت في حينه لتعلم فن الرسم من خلال دورة مدرسية، لكن لم تستمر الدورة وقتها رغم شغفي الكبير لتعلم الرسم، وحدث أن انقطعت فيما بعد عن هوايتي بسبب زواجي في سن مبكر، وتنقلت في عدة مهن، حتى قررت بدعم من زوجي العودة لاستكمال 'البجروت' والالتحاق بالتعليم الجامعي إلى أن حصلت على اللقب الثاني في مجال الفن من كلية 'أورانيم' فالتعليم فتح أماي أبواب المعرفة وآفاقا واسعة في حياتي".

ملاكي الحارس

تطغى المرأة على أعمال الفنانة سلوى النمر، وعن السبب في ذلك قالت لـ"عرب 48" إنه "أعمل في مجال الفن منذ عشرين عاما، والمرأة تشكل العنصر الرئيس في لوحاتي الفنية، وأغلب أعمالي تحمل وجوه أمي وأخواتي اللواتي يلهمنني معانِ العطاء، ويرمزن للأنوثة والكبرياء، وبما أنهن محجبات فقد أضفن على لوحاتي طابعا خاصا ترونه في استخدامي للحجاب كقطعة فنية تشترك مع خطوط الرسم في تكوين اللوحة، كما أن كثيرا من اللوحات تحمل طابعا شخصيا، إذ أرسم وجهي في وضعيات مختلفة، أما عن أمي فهي أيقونة أعمالي، وهناك رباط خاص يجمعني بها، وفي باكورة معارضي الفنية كانت أمي تمثل الشخصية الأبرز ضمن أعمالي وقد أطلقت على معرضي هذا اسم 'ملاكي الحارس' نسبةً لصورة تجمع أمي وأخي معا، ورغم بلوغ والدتي الحبيبة من السن عتيا، فلا تزال الملهم والقدوة والحارس وتحمل خطوط وجهها مر السنين وكل معان الحب والأمومة والحنان، كما أطلقت على مرسمي اسم 'الندى' تيمنا باسم والدة زوجي التي منحتني حيزا ودعما لتأسيس المرسم".

الجدار الفاصل ومناديل فلسطينيات

وعن المشاريع الفنية ذات الطابع الوطني، قالت سلوى النمر إن "الفن يأخذ الحيز الأكبر من حياتي، وقد استفزني الجدار الفاصل خلال مشاركتي في مهرجان فني برام الله، فقررت أن أنجز مشروعا حول الجدار الفاصل من خلال استخدام مناديل فلسطينيات مع العلم أن هذا العمل الذي أعددته بلغ طوله مائة متر متخذا صورة الجدار الفاصل، في تحدٍ لجدار الفصل العنصري، إذ هدفت من مشروعي تخفيف وطأة الجدار الذي يفصل المدن الفلسطينية، بل وفي أحيان أخرى يقطع أوصال المدينة الواحدة، ورغم أن هذا الجدار الذي يزهو بألوان الحجابات قد أزيل في يومين لأسباب أجهلها، وترك انطباعا جميلا لدى أهالي رام الله عموما ونسوتها خصوصا".

القرى المهجرة في الفن التشكيلي

تسعى الفنانة سلوى النمر إلى توثيق معالم القرى المهجرة من خلال الفن التشكيلي، إذ باشرت بتنفيذ مشروع جديد يتمثل برسم معالم القرى التي تهجرت منها عائلتها، كمقبرة الرويس التي ولد فيها والدها نمر أبو الهيجاء، ومقبرة الدامون وساقية الماء في الدامون المهجرة حيث ولدت أمها، وقرية ميعار المهجرة حيث تهجرت عائلة زوجها، إيمانا بأن "ريشة الفنان هي أداة لتثبيت الواقع الحقيقي الذي تحاول السلطات الإسرائيلية تشويهه من خلال تغيير الرواية الفلسطينية في النكبة".

حصار كورونا

وعن دورها كمركزة للثقافة في المركز الجماهيري في طمرة، قالت سلوى النمر إنه "رغم انحسار الاهتمام الثقافي في المجتمع العربي، منذ ما قبل انتشار جائحة كورونا، التي شهدت تراجعا ثقافيا وفنيا، بفعل الإجراءات الاحترازية والإغلاق الجزئي والعام، إلا أن طمرة كانت ولا تزال قبلة الفن والفنانين، وجمهورها واع ومميز، ويساهم في إضفاء لمسة على عالم الفن من خلال تواجده كجمهور شغوف ومتابع لمسيرة الفن، وأحمل له في قلبي كل احترام، وأتوجه بأسمى آيات الاحترام والتقدير للفنان علي صالح ذياب ولمسيرته الفنية، وأنا سأكمل الدرب الذي بدأه وأفيد من خبرته وأضيف عليها، وسأعمل على تطوير المشروع الثقافي الفني ما دمت قادرة على العطاء".

التعليقات