نضال بدارنة.. الكوميدي الأول في فوضى حياتنا اليومية

يستمر الفنان نضال بدرانة بالتنقل في البلدات العربية بمشروعه "الستاند أب" كوميدي "عَ الوقف" الذي أطلق له مؤخرا الجزء الثاني "عَ الوقف 2"، مُجددا في المواضيع والقضايا التي يتهكم فيها نضال على الفوضى التي تعم مجتمعنا، مستخرجا النكتة من مشاهد ومواقف في حياتنا، لنضحك ونهرب من تعبنا اليومي.

نضال بدارنة.. الكوميدي الأول في فوضى حياتنا اليومية


- الفنان نضال بدارنة -

يستمر الفنان نضال بدرانة بالتنقل في البلدات العربية بمشروعه "الستاند أب" كوميدي "عَ الوقف" الذي أطلق له مؤخرا الجزء الثاني "عَ الوقف 2"، مُجددا في المواضيع والقضايا التي يتهكم فيها نضال على الفوضى التي تعم مجتمعنا، مستخرجا النكتة من مشاهد ومواقف في حياتنا، لنضحك ونهرب من تعبنا اليومي.

لم يكن يتوقع الفنان نضال بدارنة، عند إطلاقه لمشروعه الفني الخاص "الستاند أب" قبل ثلاث سنوات الذي حمل عنوان"عَ الواقف"، كأول "ستاند أب" كوميدي محلي في البلاد، أن ينجح بالدخول لمعظم البلدات العربية لتقديم عروضه التي تلاقي نجاحا متصاعدا وإقبالا جماهيريا منقطع النظير،  توّجه بدارنة مؤخرا بـ "عَ الواقف 2" الذي بدأ بعرضه على الجمهور وكان له في مدينة حيفا هذا الأسبوع موعد مع نجاح جديد بحضور أكثر من 500 مشاهد في قاعة «كريغر».

قرر بدارنة الذي مَلّ المسرح الجاد أن يأخذ منحى مختلفا عمّا هو مألوف على الساحة الفنية المسرحية في الداخل، ووضع نصب عينيه عدم صبغ المشهد الفني المحلي بالمزيد من الدراما البكائية التي ترتكز عليها معظم الأعمال المسرحية الفلسطينية كأمر طبيعي لمرحلة ما بعد النكبة. بدارنة يذهب عميقا نحو حياتنا اليومية كعرب الداخل من أبسط التفاصيل الحياتية وربطها مع الواقع السياسي العام وفي نهاية المطاف استخلاص النكتة منها.

وكما يبدو، تناول هذه المواضيع هو أحد الأسباب الرئيسية لنجاح نضال بدارنة ومئات العروض التي قدمها في السنوات الأخيرة في معظم البلدات العربية وليس فقط في بلدات لديها جمهور للمسرح مثل حيفا والناصرة، فالناس اليوم تبحث عن متنفس لهمومها ومشاكلها الإجتماعية والسياسية والنفسية عبر الضحك عليها وهذا ما يقدمه بدارنة. أضف إلى ذلك أداء بدارنة الفريد والمتميز على المسرح المشابه للنص الساخر وشخصية نضال التي هي بالأساس جزء من هذا الواقع، فابن قرية عرابة حوّل ما يعيشه ويراه يوميًا من فوضى تعم حالتنا كـ "جماهير عربية" الى لون جديد من الجانر الساخر والناقد في نفس الوقت.

من المؤكد أن نضال بدارنة لم يخترع كوميديا "الستاند أب" إلا أنه أول من وظفها محليا في سياق تخبطاتنا اليومية من خلال التهكم على عنصريتنا وطائفيتنا وعائليتنا، وجلب الواقع اليومي المعاش في البيت والعائلة والحارة والقرية الى المسرح، فقرية عرابة تعكس واقعًا اجتماعيا للحالة العامة للعرب في البلاد، ينطلق منه بدارنة كمادة خام يبني عليها عرضه: أحلام العامل العربي، المدارس، العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، الشيوخ والإسلام السياسي، الطالب العربي من القرية الذاهب للدراسة في المدينة (جامعة حيفا مثلا)، الأعراس وبيوت العزاء، النكت الشعبية، لهجات البلدات العربية، سلوكنا في الحيز العام، انتهاكنا للحيز العام، اصطدامنا مع الآخر اليهودي، استعمالنا للغة المحتل في حديثنا اليومي، الطوشة العمومية، الزعامات، الشباب العرب في الحرش او على الشاطئ، التأمين الوطني والديون، الدولة، الضغط والتعب اليومي وغيرها من مواضيع وفرتها له عرابة التي مرت بأحداث يوم الأرض واكتوبر 2000، وبيئتها الإجتماعية لتكون جزءًا أساسيا من شخصيته معتمدا خط فنان الشارع وليس الفنان المستعلي على الناس والمجتمع، بل كجزء من مهمة انسانية في أن تنجح في إضحاك الناس دائما و بناء علاقة انسانية مع الجمهور، مما يعطيه تقبلا وشرعية عند تطرقه لبعض القضايا الحساسة، وهو لا يتوانى في ذلك من خلال طرح مواضيع وقضايا على "الطاولة" تعتبر نوعًا ما في مجتمعنا كخط أحمر وتعريتها والسخرية منها، مثل نقد مظاهر التدين، المسلمين والمسيحيين والدروز، القيادات العربية، الشيخ والخوري، العلاقات العاطفية، والتربية الجنسية وغيرها.

والمتابع لبدارنة يلاحظ ارتقاءه ما بين العرض الأول والثاني، فكما يبدو تجواله بين البلدات العربية وتعامله مع الناس في مختلف القرى والمدن وتدوينه الدائم على دفتره الخاص لما يحصل معه من مواقف ومشاهد، أعطاه دفعة درامية في فهم مجتمعنا وبيئته المنفصمة على ذاتها في الكثير من الأحيان أكثر، وإيجاد الفروقات الكبيرة بين بلدة عربية وأخرى، فأحيانا يضطر لتغيير بعض الجمل في النص، فما يُعرض في حيفا لا يُعرض نفسه في أم الفحم 100%.

كما أنك تلاحظ خلال مشاهدتك لنضال بدارنة المتكرر أن هنالك دائما امكانية لتطوير النص والمشهد عنده، وإعطائه دفعة للامام أكثر نحو زخم كوميدي أكبر.

كما تلاحظ تعطش نضال نفسه للمزيد من خلال تطوير نفسه المستمر، فهو يطمح مستقبلا لعرض "ستاند اب" كوميدي يعبر عن كل فلسطين وينجح في اضحاك ابن الناصرة وابن نابلس وطولكرم وغزة والقدس ويافا وعكا، فواقعنا السياسي وفوضى حياتنا وتعبنا اليومي، هي تفاصيل لا تنتهي ومادة دسمة بالرغم من سوداويتها غالبا، الا انها مهمة انسانية بالنسبة لنضال تجعله كما يقول أن يُحب فلسطين أكثر وأكثر كما تجعله الكوميدي الأول في قلب الجمهور.

التعليقات