افتتاح مؤتمر "الأزمات والنزاعات في الوطن العربي: نحو تجاوب محلي"

يبحث المؤتمر تحديد طرق الاستجابة الفعّالة من أجل إنهاء النزاعات، وتمكين الإصلاحات التي من شأنها أن تسهل التفاعل مع الأزمات في المنطقة العربية، من خلال التركيز على نهج التجاوب المحلي التي يمكن أن تؤدي إلى إنهاء النزاع، وتمكين العمل الإنساني،

افتتاح مؤتمر

افتتحت جلسات أعمال مؤتمر " الأزمات والنزاعات في الوطن العربي: نحو تجاوب محلي"، اليوم السبت، والذي يستمر لمدة يومين، ويعقده مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في مقر معهد الدوحة للدراسات العليا بالتعاون مع معهد دراسات السلام في أوسلو، ومعهد لاهاي للعدالة الدولية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جامعة (ينا) الألمانية.

ويبحث المؤتمر تحديد طرق الاستجابة الفعّالة من أجل إنهاء النزاعات، وتمكين الإصلاحات التي من شأنها أن تسهل التفاعل مع الأزمات في المنطقة العربية، من خلال التركيز على نهج التجاوب المحلي التي يمكن أن تؤدي إلى إنهاء النزاع، وتمكين العمل الإنساني، وإعادة الإعمار.

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي يشارك فيه نخبة من الخبراء والباحثين في العمل الإنساني حول العالم، قال مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، د. سلطان بركات، إن هذا المؤتمر يعدّ الأول من نوعه من حيث التركيز على مفهوم "التجاوب المحلي" من منظور متعدد وعابر للتخصصات فيما يتعلق ببناء السلام، والإشكالات الإنسانية والتنموية التي يواجهها العالم العربي.

وأشار بركات إلى أنه تقدم للمؤتمر أكثر من 180 ورقة بحثية تم اختيار 25 ورقة منها بعد أن خضعت للتحكيم، وسيتم نشرها في مجلة علمية محكمة لاحقا. وأضاف بركات أن المؤتمر يحاول تسليط الضوء على العنصر المحلي من زاوية الفهم الأفضل للثقافة المحلية وتأثيرها على فض النزاع وحسن إدارة الموارد الإنسانية وتوزيع المساعدات بطريقة تحفظ الكرامة للناس المتضررين مشيرا إلى أن قمة إسطنبول التي عقدت في شهر أيار/ مايو 2016 أكدت على أهمية توطين العمل المحلي.

المريخي: فهم ثقافة الشعوب المتضررة من الأزمات هو السبيل لتعزيز فعالية المساعدات الإنسانية

 

وفي الجلسة الافتتاحية، شدّد المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، د. أحمد بن محمد المريخي، على أهمية فهم احتياجات وثقافة الشعوب المتضررة من الأزمات والنزاعات، لتحقيق الاستفادة القصوى من المساعدات الإنسانية، ومنع إهدارها، لافتا إلى أهمية التعاون والتنسيق مع الفاعلين والشركاء المحليين لتحقيق هذه الاستفادة لصالح الشعوب.

واستهل المريخي كلمته بالتأكيد على أهمية مراعاة عدد من النقاط الأساسية، في تقديم المساعدات الإنسانية للشعوب، وارتباطها بما يعرف بتوطين العمل الإنساني وتعزيز فاعليته عبر الشركاء المحليين داخل المجتمعات المتضرره من الأزمات والنزاعات.

ولخّص هذه النقاط في ضرورة فهم احتياجات الشعوب، وثقافتها، لتحقيق أكبر استفادة ممكنه من المساعدات الإنسانية، ولتجنب إهدارها، عبر تقديم مساعدات لا تناسب الاحتياجات الفعلية لهذه المجتمعات، أو تتعارض مع ثقافتها، مشددًا على أهمية مراعاة حفظ كرامة الشعوب وتقديم المساعدات بأفضل صورة ممكنة ترفع عنهم الحرج أو الضرر وذلك عبر آليات معينة وبتنسيق مسبق مع الفاعلين الأساسيين في هذه المجتمعات، لمعرفتهم باحتياجات مجتمعاتهم، وأنسب الطرق لتقديمها. ولفت المريخي إلى أهمية الاعتماد على القيادات المحلية داخل المجتمعات المتضررة، بما يساعد على تحديد الأولويات والاحتياجات ورسم خارطة طريق لتحقيق العائد الأكبر من المساعدات الإنسانية لصالح المجتمعات المحلية.

محمد المعاضيد: يجب الاعتماد على العنصر المحلي، في الاستجابة للأزمات

 

من جهته قال رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري، محمد المعاضيد، بأنه يجب الاعتماد على العنصر المحلي، في الاستجابة للأزمات، والاستفادة من الخبرات المحلية لتحقيق التجاوب المطلوب.

كما أشار إلى أهمية التفريق بين الدافع النفسي لمقدم الخدمة الإنسانية ورسالة المؤسسة التي ينتمي إليها، فالهدف تقديم الخدمة الإنسانية وتخفيف المعاناة بالدرجة الأولى، وليس أن تحصد المؤسسة المراكز الأولى في تقديم الخدمات الإنسانية فالقرارات العقلانية، مطلوبة وبشدة للحفاظ على النفس وعلى المؤسسة ودورها.

عبد الفتاح محمد: الحرب على الإرهاب أكثر الإشكالات التي تواجه العمل الإنساني

 

وقدّم مستشار التعاون الدولي في وزارة الخارجية القطرية عبد الفتاح محمد، توضيحا لمفهوم الاستجابة المحلية، وهو "بناء القدرات"، كما عرض لعدد من الإشكالات التي تواجه العمل الإنساني، وأهمها الحرب على الإرهاب التي دفعت بعدد من العاملين في المجال الإنساني إلى الانسحاب حفاظا على سلامتهم، وأثرت بطريقة أو بأخرى على العمل الإنساني، وعدم استعانة بعض الدول في حالة وقوع الكوارث والأزمات بشركاء من الخارج، والاكتفاء بالشركاء المحليين، ورفض بعضها الاخر المساعدات الخارجية لأنها مساعدات مشروطة، والتخوف من التعامل مع المنظمات المحلية لخشيتها ،أن تكون مرتبطة بالإرهاب. كما لفت الى الحاجة الى توفير 23 مليار دولار كمساعدات في مناطق الأزمات، لا يتوفر منها سوى 50 في المائة.

وأوضح عبد الفتاح أن مفهوم التوطين أو التجاوب المحلي مع الأزمات والنزاعات، مفهوم قديم، يتم استدعائه من حين لآخر، لأهميته في تحقيق الاستفادة من المساعدات الإنسانية والإغاثية حول العالم. وضرب المثل بالعديد من نماذج التعامل المحلي مع أزمات وكوراث طبيعية في تركيا وماليزيا والصين.

حرسي: أربعة أسباب أساسية لأهمية توطين العمل الإنساني

 

أما رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) - مكتب الخليج، سعيد حرسي، فقال إن هناك أربعة أسباب أساسية لأهمية توطين العمل الإنساني، وهي: أولًا، البحث عن طرق أكثر نجاعة وفاعلية للمساعدات الإنسانية، بحيث تناسب الاحتياجات المحلية. وثانيًا، إخراج المجتمعات المتضررة من مرحلة الأزمة الإنسانية، إلى مرحلة البناء والتنمية. وثالثًا الوقاية من الأزمات بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الوطنية لاستشراف وتفادي الأزمات المستقبلية. ورابعًا، التقليل من مخاطر التدخل الخارجي لتقديم المساعدات الإنسانية بالاعتماد على الشركاء المحليين .

ونوه حرسي إلى أهمية تعزيز مصداقية مؤسسات العمل الإنساني المحلية لافتًا إلى تعرض بعضها لعدد من التحديات بوجود نظرة غير إيجابية تجاهها من حيث التحيز والتمييز.

جاكوب هويغليت: الخلاف بين فتح وحماس شكل تحديًا كبيرًا أمام العمل الإنساني

 

أما جاكوب هويغليت من معهد بحوث السلام، أوسلو، فأشار إلى أن الخلاف السياسي الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، شكل تحديا كبيرا أمام العمل الإنساني، خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة الأميركية، لحركة حماس منظمة إرهابية، فيما الفلسطينيون في غزة هم الأكثر تضررًا واحتياجًا للمساعدات.

وأشار هويغليت إلى تحديات كبيرة يواجهها القائمون على العمل الإنساني، في غياب التنسيق مع الفاعلين المحليين. وضرب المثل بنموذج التعامل مع الأزمة الإنسانية في فلسطين بعد تصنيف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لحركة حماس على أنها حركة إرهابية، وما نتج عنه من صعوبة التعامل معها، أو تقديم مساعدات من خلالها إلى الشعب الفلسطيني في غزة.

هذا وتتوزع جلسات المؤتمر على ثلاثة محاور هي: البحث في حل وتحويل مسارات النزاع من خلال التجاوب المحلي، التجاوب المحلي للإغاثة وإعادة الإعمار، وترسيخ الهيكل والطابع المحلي والإقليمي للمعرفة المتخصصة في حل النزاع والعمل الإنساني.

 

التعليقات