كيف تختلف ثقافة التعامل مع الموت بين الحضارات؟

في الثقافات الآسيويّة مثل اليابان، ينظر إلى الموت على أنّه جزء من دورة الحياة الطبيعيّة، إذ تعلّم البوذيّة، وهي الديانة السائدة في اليابان، أنّ الموت هو انتقال إلى حالة أخرى من الوجود.

كيف تختلف ثقافة التعامل مع الموت بين الحضارات؟

(Getty)

منذ آلاف السنين يحاول الإنسان اكتشاف "ماهيّة الموت"، حيث حاول الكثير من الفلاسفة والمفكّرين سبر أغوار ما يحدث للإنسان في حالة الموت، وفي كثير من الأحيان، فإنّ المعتقدات والممارسات الثقافيّة، تؤثّر على كيفيّة تعامل الأفراد مع الموت والموتى، واتّخاذ القرارات عقب ذلك، من أشكال الحزن والحداد وتقديم الرعاية والدعم، ولكن بالنسبة للجميع، فإنّ الموت هو أمر لا مفرّ منه في الوجود البشريّ، إلّا أنّ فهمه وإدراكه يختلف اختلافًا جذريًّا بين الحضارات والثقافات المختلفة.

وغالبًا ما يرتبط الموت كمفهوم بالخوف والحزن وعدم اليقين، ومع ذلك، فإنّه بالنسبة لبعض الثقافات، ينظر إلى الموت على أنّه جزء طبيعيّ وأساسيّ من دورة الحياة، إذ تحتفل بعض الثقافات بالموت كتجربة تحويليّة، والحداد هو وقت للتعبير والتفكير المجتمعيّين، وتتشكّل المواقف الثقافيّة تجاه الموت من خلال عوامل مختلفة مثل الدين والقيم المجتمعيّة والتقاليد والموقع الجغرافيّ.

وفي العالم الغربيّ، غالبًا ما ينظر إلى الموت على أنّه حدث كئيب، وينظر إلى الحداد على أنّه شأن خاصّ، فالجنازة في كثير من الحضارات تعتبر مناسبة رسميّة، يرتدي الأفراد ملابس سوداء كعلامة على احترام المتوفّى، وتعلّم المسيحيّة، الديانة السائدة في العالم الغربيّ، أنّ الموت هو بوّابة الحياة الآخرة، ولا ينظر إلى الموت على أنّه نهاية، بل بداية جديدة.

وأظهرت الدراسات أنّ الأفراد الغربيّين غالبًا ما يشعرون بعدم الارتياح عند الحديث عن الموت، ويفضّلون عدم مناقشة الموضوع، ومع ذلك، في بعض الثقافات، الموت هو جزء طبيعيّ من الحياة، ويتمّ تشجيع الأفراد على مناقشته بصراحة، فيوم الموتى المكسيكيّ هو مهرجان يحتفل بالحياة والموت، ويتضمّن المهرجان إنشاء مذابح وعروض طعام وتجمّعات مع أحبّائهم، وهذا الاحتفال هو رمز للاعتقاد بأنّ الموت جزء طبيعيّ وحتميّ من الحياة.

في الثقافات الآسيويّة مثل اليابان، ينظر إلى الموت على أنّه جزء من دورة الحياة الطبيعيّة، إذ تعلّم البوذيّة، وهي الديانة السائدة في اليابان، أنّ الموت هو انتقال إلى حالة أخرى من الوجود. وبالتّالي، لا ينظر إلى الموت على أنّه غاية، بل هو تحوّل، حيث تتضمّن طقوس الموت اليابانيّة استخدام البخور والزهور وتنقية الجسد قبل الدفن أو حرق الجثّة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ لدى اليابانيّين عادة تسمّى كودين، حيث يرسل الأفراد أموال التعزية ورسائل إلى عائلة المتوفّى، وهذه العادة بمثابة وسيلة لتقديم الدعم والتعبير عن التعاطف.

ينظر إلى الموت في إفريقيا على أنّه انتقال من العالم المادّيّ إلى العالم الروحيّ، حيث تؤمّن العديد من الثقافات الأفريقيّة بوجود الحياة الآخرة، وبالتّالي لا ينظر إلى الموت على أنّه نهاية، بل استمرار للحياة في عالم آخر، وتختلف طقوس الموت في إفريقيا عبر الثقافات، لكنّها غالبًا ما تنطوي على الاحتفال بحياة المتوفّى، ففي غانا، الجنازة هي حدث يمتدّ لأسبوع كامل، حيث يرتدي الأفراد ملابس ملوّنة، ويرقصون للاحتفال بحياة المتوفّى، وينظر إلى الجنازة على أنّها فرصة لعرض ثروة الأسرة ومكانتها في المجتمع.

وفي بعض الثقافات الأخرى، يتأثّر تصوّر الموت بالعمر والجنس، على سبيل المثال، في العديد من ثقافات الأمريكيّين الأصليّين، ينظر إلى الموت على أنّه جزء طبيعيّ من الحياة، ويتمّ الاحتفال بالأفراد الّذين عاشوا حياة طويلة ومرضيّة، ومع ذلك، ينظر إلى موت الشباب على أنّه مأساة، والحداد يكون أمرًا جماعيًّا، وعلاوة على ذلك ، تنظر بعض ثقافات الأمريكيّين الأصليّين إلى الموت على أنّه حدث نسائيّ، وبالتّالي غالبًا ما تكون النساء هنّ مقدّمات الرعاية الأساسيّات للموتى.

التعليقات