31/10/2010 - 11:02

اسرار النوارس الهائمة \ د. فؤاد خطيب

اسرار   النوارس  الهائمة \ د. فؤاد خطيب
كان الوقتُ عصرأ والزمنُ ربيعياً والتاريخ على حد ملهاة مأساة جديدة. فيها ضياع واحتراق ورماد وموت وخلق وبعث وتحليق جديد لطير العنقاء، دونتهُ قبلاتك وتجلياتك، حضورك وغيابك طيلة تلك العقود المجنونة في ذاكرتي تلك ألتي لم تعرف الهجر والفراق ولو للحظة واحدة.

نعم يا رفيقة الروح ... قبلاتكِ حفرت على جدار القلب بلوعتها وَشوقها . بنت هناك عشًا أبديا لحبنا الطفل الغرير الذي أراه يكبرُ ويكبرُ طيلة عقود الغياب الجهنمية تلك ويملأ الأفقَ والرحابَ والسهول والهضابَ ويدخلُ كل بيت في وطننا المشرع للحب وللبعث الجديد. نعم هذا الوطن السحر المفعم بالطاقة المتجددة كاشعة شمسنا الأرجوانية السمراء التي أراها كل يوم تفترشُ المدى الأزق عند الغروب وتتوه في سرمدية الزمن.

نعم تلك الشمس ذاتها التي أخبرتك عن حالها فيما مضى من أحاديث حبنا.

لابد أنكِ الأن هناك خلف تلك ألغيوم ألربيعية الأتية من عمق البحر . أراك واقفة ساهمةً مرتد يةً فستانكِ الأحمر المرقع بزهراتِ اللوُتس ألزرقاء وشعركِ المجنونِ يسبحُ مع ألنسمات التي تهبُ على على قلبي ولم يفلح؟؟

أتذكرين ..؟؟؟. حَضنتكِ الى صدري وأزلت الدبوس وأخفيته قريبا من قلبي وَحررتُ الشعرَ ألأسودَ المجنون . سَحرني عطره . أطلقته للريح وللشمس ليرقص رقصاته الغجرية على وقعِ خفقان ِ قلبين رقصا حتى الخدر .

عندما أخط كلماتي هذه لك أشعر بتفاهة ألأمور العادية من حولنا والتي تشغلُ حياةَ الناس هنا وهناك وفي السند والهند. أجد نفسي لحظتها في عالم سجي هادئ عميق أثير ُمفعم بالحب لك ولكل البشر ولتلك ألغيوم المتلبدة لساعتها، لصوت الريح التي بدأت تصفرُ على حافة شرفتي وللشجر الذي لا أدري وأنا أراه راقصاً ؟؟ هل يرقصُ رقصة الموت أم رقصة البعث والخلق الجديد؟؟.

بحثتُ عنك هنا وهناك في كل مكان حتى وجدتُ نفسي وحيداً على صخور الشاطئ الذي أهوى . أ عبثُ مع رذاذ الأمواج ألهائجة. أخطُ أسمك على زبدَ الموجِ ِ مرة تلو ألأخرى، كل مرة بحروف اكبر حتى ملئت الحروف الرغوية الزائلة رملَ الشاطئ وذهبت جفاءً مرة بعد مرة عاودتُ الكرةَ وعاودتُ ولم أفلح وضجرت وقررت أن أخط أسمك بحروف حريرية على شغاف القلب.
أدور وأبحث عنكِ بين تلك الموجات ألمتتابعة الراقصةَ على نغمِ العاصفة الربيعية. كانت أصوات النوارس خائفة هائمة هاربة من قراصنة العصر وكل العصور وهي تقترب من رمال الشاطىء وتعاود فتطير تشاركني اللحظة والمصير. كانت يا رفيقة روحي نوارس بكل ألوان الطيف مختلفة ألاحجام وألأعمار في عيونها حزن عُمره ستة عقود . مازال خفقان أجنحتها يبكي حظها العاثر في الدنيا ويلعنُ التية ألأبدي فوق الرمال الموعودة القريبة البعيدة.

قطَرَ خفقان أجنحتها المتواصل حزناً اسوداً ودمعا ً ثاكلاً فوق الاعشاش المهجورة بين قضبان القصب ذاك الذي ملأ مصب الوادي الذي أنتهى في البحر أتيا من قلبِ الوطنِ . تهتُ مع ِ النوارس الهائمة .عَلت وهبطت فوق ألأمواج العاتية التي ضربت صخر الشاطئ ومهجة القلب ونثرت الزبدَ الى مسافات بعيدة. شاهدت المدَ والجزرَ والقوة واللهفة وذاك الشبق ألأبدي بين الامواج المتلاحقة وصخور الشاطئ.. انها والله قصة حبنا . حبي لك كما ألبحر للصخر تكمن فيه العواطف العلوية الهادية في ملكوت سماوية وردية حالمة . فيه شبق الموج وعزم ألرؤوس الصخرية ألحادة وقوة صراع الاضداد ألأبدي الذي أشاهد فصوله العنيفة في لحظاتي هذه .

قبل عمر مضى شهد هذا الشاطئ المأساة الكبرى . تابع الزوارق القديمة تبتعد في اللجج ُمترنحة وهي تحمل الاهل والمفتاح وقصفة حبق من باحة الدار قسراً الى غربةِ أسود من الليل . قست وطالت مع قسوة الزمن و طول السنين . شاهدت هذه الصخور التي أرتمي في احضانها في هذه اللحظات مراكب ِالحقد ألأتية من الغرب وهي تغتصب مياة الوطن وتقذف الى رمالها البيضاء العذراء القدم الهمجية التي حملت معها كل حقد العالم وزرعته في رحم هذا المنحى ألأخضر من وطن جميلِِِ بين كروم العنب والزيتون وبيارات البرتقال الحزين وفيروز الشاطىء.

علك الان يانبضة قلبي و شرفة روحي َترين مدى شوقي اليك وتلك الرغبة الدائمة الى حضنك والنوم على صدرك الى الابد. أنا كل مرة من جديد أعبقُ منكِ عطركِ وأمتصُ رحيقَ شفاهكِ وبخورَ العالم كله الجاثم بين الصدرِ والوركِ و ما بين الصرةِ وأعلى البطن , بين الشفة والنهد , وانت تضرجين بحمرة الخجل ضاغطة با سنانك على سبابتك اليمنى تنظرين الي بطرف العين . الوصل بات قريبا . أكاد أرى تلك النوارسَ الحائرة تهجعُ الى رملِ الشاطىء لتعود على بدء جديد لتبني أعشاشها في بطاح هذا القلب الاخضر الجميل مع خيوط شمس قادمة باتت تتربص الصبح الأتي من خلف الهضاب الشرقية . أنا وأنت وذاك الصبح وتلك النوارس على موعدِ َاَت ولامحالة مع اشعة الشمس على جناح شراع لم يعد حطاما بل هاهو يتحول الى عاصفة .

.

التعليقات