31/10/2010 - 11:02

نكبة الإصرار/ديمة طارق طهبوب*

-

نكبة الإصرار/ديمة طارق طهبوب*

مشهد يبكيك و يسعدك في آن معا و كذا الفلسطينيون دائما يتنازع قلوبهم الحزن و الفرح في الوقت ذاته، مشهد الأطفال في حفل المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وبعضهم تختلط عربيته بانجليزيته ولكنه لا يختلط عليهم أبدا أنهم من فلسطين، ولو سألت أحدهم لأجابك عن قريته الصغيرة المحفورة في قلبه وعقله حتى وان محيت من الوجود أو سويت بالأرض، وعن أجداده وشجرة عائلته ، والى جانبهم أطفال آخرون ليسوا بفلسطيني الأصل و لكنهم فلسطينيو القضية و القلوب و الأفكار تجاوزوا إقليميتهم الضيقة إلى حضن عروبتهم وإسلامهم الرحب يرددون مع منشدي فرقة الروابي الفلسطينية:

مسلم أنا بناني من بنى                             مسجد الأقصى الذي أعيا الفنى
جانبي الأيسر قلبه الفؤاد                           وبلادي هي في الجنب اليمين
لك يا قدس السلام و سلاما يا بلادي            إن رمى البغي سهاما أتقيها بفؤادي
         واسلمي في كل حين


أطفال يفرحونك ببراءتهم وإزعاجهم و هم يتداولون أوراقا من النقد الفلسطيني بدلا من الجنيه الإسترليني ليشتروا بها في يوم فلسطين، رمزية عقلها الكبار وفرح بها الصغار والرسالة في أوراق النقد و الصور والدبكة والإنشاد و العرس الفلسطيني تقول ان الذاكرة أيضا حصن من حصون المقاومة و جدار عازل يتطاول فوقه من تمسكوا بفلسطين وحق العودة حتى لو لم يملكوا منها سوى موال و كوفية و كواشين مهترئة ومفاتيح صدئه، ليدفن تحت ركامه من باعوا فلسطين وأهلها.

رؤية جديدة أطلقها المنتدى الفلسطيني عندما قدم للفلسطينيين وإخوانهم ذكرى النكبة بنظرة مختلفة ترفض البكاء و الانهزام " فالدموع لا تسترد المفقودين و لا تجترح المعجزات"، وتتعالى على المحنة بالإصرار والعزيمة و توريث الذاكرة للجيل الشاب الذي ما إن تسنح له الفرصة حتى يسارع إلى أحضان فلسطين ليمشي خطى أجداده و يحتضن تراب الشهادة لا تثنيه النكبة ولا النكسة و لا مشاريع التوطين و لا الاتفاقات و لا قاموس الانهزام السياسي و النكبات.

الثوب جديد لكن القلب ذايب      فرحة العيد لما نشوف الحبايب
غناها الكبار الذين ما أنستهم سنوات الغربة و لا رغد العيش و لا فسحة الحرية جروح أهلهم واغتصاب أرضهم و غربتهم القسرية التي وإن بان فيها فرح في المظهر فالمخبر و القلب معلقان بأرض الإسراء والمعراج مجبولان على حب الأقصى و فلسطين كلها ما بقي منها ما محي أولا وثانيا وآخرا يتقربون إلى وطنهم وأهلهم بالدموع و هم يسمعون

طول الأيام لتظل عالخد دمعتنا     وما يمسحها إلا رجوعك موطننا
عانينا كثير والتاريخ إلنا شاهد     لغير الله شعبي ما هو ساجد


دموع حرى رفق بها منشدو الروابي في يوم فلسطين فأحيوا للحاضرين العرس الفلسطيني فنقلوهم من مشاعر الحسرة إلى مشاعر التمني، عزاب يتمنون أن تتصدر فلسطين كلمة ولحنا ونغما أعراسهم ومتزوجون يتمنون لو تعود الأيام ليعودوا عرسانا فلسطينيين يزفون إلى عرائس فلسطينيات على تراب فلسطين.

قيل قديما المنتصر يصنع الأحداث و المهزوم تصنعه الأحداث والمنتصر يفكر في الحل بينما المهزوم يفكر في المشكلة..
نكبة قديمة بإصرار جديد على العودة والتحرير ...هذه كانت رسالة فلسطيني بريطانيا في يوم فلسطين في ذكرى النكبة السابعة والخمسين.

* زوجة الشهيد طارق أيوب

التعليقات