06/04/2011 - 16:57

صديقي الصورة/ ماهر رجا

زَائِريْ في الصَّباحِ الغَرِيبِ هُنا لَمْ يَكُنْ وَقْتُهُ مُلْكَهُ لم يكن قادماً هَادئاً... يَطْرُقُ البَابَ بغِبْطَتِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ مُسْتَرسِلاً بالتَّحيةِ

صديقي الصورة/ ماهر رجا

زَائِريْ

في الصَّباحِ الغَرِيبِ هُنا

لَمْ يَكُنْ وَقْتُهُ مُلْكَهُ

لم يكن قادماً هَادئاً...

يَطْرُقُ البَابَ بغِبْطَتِهِ

ثُمَّ يَدْخُلُ مُسْتَرسِلاً بالتَّحيةِ

حَتّى يُعَرِّشَ في لَحَظَاتِ التَصَافُحِ

            غُصْنُ الشَّجَــــنْ

بَعْدَهَا، كان يَجْلِسُ مُفْتَنَاً

بظلام المعَرّي على رَفِّ مَكْتَبَتي

وبشُؤْمِ اصطيادِ العواصفِ

في حَتْفِ نَوْرَسِ "كوليريدج"

وبالمَقْتَلِ الكارثيِّ لِظَهْرِ كُلَيْبٍ

وبالساحراتِ اللواتي

يُحَذِّرْنَ "ماكبثَ" مِنْ شَجَرٍ قاتلٍ ـ

ثم يحضنُ قهوتَهُ بِيَديهِ ليهمسَ:

ذاكرتي قهوتي

عادةً عندما تَفتحُ لِيْ بَابَها العَسْجَدِيَّ

أرى والديْ

وَفَتَىً ناحلاً

في قَصِيِّ القُرى

ضَائِعَيْنِ مَعَاً..

ثُمَّ يَسْحَبُ نَافِذَةً قُرْبَهُ

كي تُطِلَّ عليهِ وتَأخُذَهُ للبعيدِ.. ويسألني:

" أما زِلْتَ تَحْزَنُ مِثْلِيْ لِتُدْرِكَني؟

أما زلت تَهْجِسُ أنَّ الزَّمَانَ غَدَاً

قَدْ يكونُ لنا طَيِّباً...؟!"

...

زائري

في الصباح الغريب مَضَى.. ذَاهِلاً

زائري

كُلَّ يَوْمٍ أراهُ على شَارعي صُورةً

واقفاً في كَلامٍ غَريبٍ يُسَمّيهِ حَرْباً

وَيَذْكُرُ أنَّ الفَتَى قد مضى واقفاً 

وانْتَضَى عُمْرَهُ واقفاً

وتزوجَ سَيّدَةً للبكاءِ على قَبْرِهِ، واقفاً

وَتَذَكَّرَ أولادَهُ في الجَنازةِ مُنْتَشِيَاً.. واقفاً

وَتَوَسَّلَ أُمْنِيَةً أنْ يَرى أمَّهُ

 قَبْلَ مَوْتٍ أكيدٍ على خَنْدَقٍ..  واقفاً

وبكى واقفاً

وَهَوى واقفاً

وانقضى واقفاً.. واقفاً..!

 

.. وأُحييهِ لأَمْضيْ.. فَيُومِئُ لِيْ:

يا صديقيْ.. أَتُشْبِهُني صُورتي؟

ثمّ أمشي لأنْجُوْ مِنَ الدَّمْعِ.. أمشيْ

فأسمعُ صَوْتَاً رَقيقاً ينادي ورائيَ:

هييه ..!

أما زلتَ تَهْجِسُ بي

وبأنَّ الزَّمَانَ غَداً

قد يكونُ لنا طَيباً !

التعليقات