أَوْدَعْـتُ نَارَ الْوَجْـدِ طَــيَّ خِطَــابِــي *** وَأَنــا أُغَـــالِـــبُ فُــرْقَـــةَ الأَحْـبَــابِ
أُمِّي، أَبي، أُخْتِي، أَخِي، وَلَدِي، وَمَنْ *** قَــاسَـمْـتُـهَـا فَــرَحِي، وَمُـرَّ غِيَابِــي
لَكِنَّنِـي سَـطَّــرْتُ فــيـــهِ صَــبَــابَـــةً *** شَبَّــتْ حَــرِيــقًــا فَــوْقَــهُ لِـتُـرَابِــي
أَنَا هَـهـُنَـا أَبْكِي، وَيَقْــتُـلُـنِـي الأَسَــى *** وَيَكَادُ يذوِي في الـسُّجُـونِ شَـبَـابِــي
وَمَـعِـي أُلُــوفٌ أَوْرَقَــتْ أَيَّــامُــهُـــمْ *** حُزْنًا، وَهَمـًّـا، واجْـتِـرَاحَ صِـعَــابِ
مِنْ كُلِّ شَـيْـخٍ، أَوْ صَـبِـيٍّ، أَوْ فَـتًــى *** أَوْ غَـــادَةٍ مَــحْــفُــوفَـــةٍ بِــحِـــرَابِ
لا شَــيْءَ يَعْصِمُهُـمْ، ولا حَـامٍ لَـهُــمْ *** تُرِكُوا مَعَ الْـجَـلاَّدِ خَـلْـــفَ الْـبَـــابِ
تُــرِكُوا وَكُـحْـلُ اللَّيْلِ زَادُ عُيُونِـهِــمْ *** وَكُؤوسُهُـمْ مَــلآى بِــمَـــاءِ سَـــرَابِ
وَيَـزِيـدُهُــمْ ثُـكْــلاً تَـشَـتُّــتُ أَهْـلِـهِـمْ *** وَهَوَانُ فُـرْقَـتِـهِـمْ عـلـى الأَعـــرَابِ
طَـالَ الْفِـرَاقُ، وَإِنَّــنِـي مُـتَـعَــطِّــشٌ *** لِغَدٍ يَـزفُّ إِلَـى الـنَّــهَـــارِ إِيَــابِـــي
مَا كُنْتُ أَقْصِدُ أَنْ أَغِيـبَ، وَلَمْ يَـكُـنْ *** هَذَا الْغِيَابُ بِخَـاطِـرِي، وَحِـسَــابِـي
أَتَغِيبُ عَيْنِي عَنْ عِنَاقِ ضِـيَـائِــهَــا *** وَتَغِـيبُ عَــنْ أَجْـفَـانِـهــا أَهْـدَابِــي؟
واللَّهِ ما زالَتْ دُمُوعِـي فـي الــنَّـوَى *** تُـجْـرِي عـلـى خَـدَّيَّ مِـلْـحَ شَرَابِـي
وَتُرِيقُـنِـي شَـوْقًـا يَـهُــزُّ جَـوَارِحِـي *** وَتَسُوقُنِـي أَرَقًـــا يَـــؤُزُّ مُـصـَـابِــي
أَنَا لا أَزَالُ هُنَا أُعَـانِـــقُ عَـوْدَتِـــي *** وَأُذِيبُ فِيهـا حَـسْـرَتِـي وَصَـوَابِـــي
وَأُجَاذِبُ الذِّكْـرَى بَـقَـايَـا لَوْعَــتِــي *** وَأُقَـاسِـمُ الأَصْـحَـابَ حُـرْقَـةَ مـا بِـي
وَتَرُدُّنِي الْقُضْبَـانُ عَــنْ حُرِّيَــتِــي *** وَأَنَـــا أَرُدُّ الْــقَـهْــرَ بِـــالإِضْــــرَابِ
أَدْرِي بِأَنَّ السِّجْنَ أَشْـبَـعِـنِي أَسًــى *** وَيَكَـادُ يَـحْـرِقُ جَــمْــرُهُ أَعْصَــابِــي
لَـكِـنَّ في عَـزْمِي مَضَـاءً عَـارِمًــا *** يَكْفِي لِيُشْعِـلَ فـي الـظَّـلامِ شِـهَـابِــي
أُمَّاهُ لا تَبْـكِـي، فَـهَــذَا الْفَـجْــرُ قـَـدْ *** أَوْحَى بِـــأَنَّ لَـــدَيْـــهِ أَمْـــرَ مَـآبِــي
أَمَّـــاهُ (رُدِّي الـشَّـايَ) إِنِّـي قَـــادِمٌ *** وَمَــعِي - كَـما عَـوَّدْتِـنِي – أَصْحَابِي
وَقِـفِـي لَـنَا بِالْـبَـابِ: (أَهلاً يا هَلا) *** أُمَّــاهُ زِيــدِي جُـرْعَــةَ "الـتَّـرْحَـابِ"
هَــذَا أَنَـا، مُــدِّي يَـدَيْـكِ وَدَاعِـبِــي *** كَـفِّـي، وَشَـعْـرِي، وَاشْرَعِي بِعِتَابِي
مُدِّيهِـمَـا لأُذِيــبَ وَجْـهِــي فِـيـهِـما *** وَأَذُوبَ حَتَّـى يَـرْتَــوِي تَـسْــكَـابِــي
لا تَحْزَنِي مِمَّا تَـرَيْـنَ عـلـى يَــدِي *** أَوْ فَوْقَ ظَهْرِي مِـنْ سِـيـاطِ عَــذَابِ
هَـذَا عِـقَــابُ الغاصِـبِـيــنَ وَإِنَّـنِـي *** أَسْمُو علـى كُـلِّ الْــوَرَى بِـعِـقَـابِـي
هَـذَا وِسَــامُ الـثَّـائِـرِيــنَ فَـبَـارِكِـي *** أُمَّـــاهُ وَشْــمًـــا تَـشْـتَـهِـيـهِ ثِـيَـابِـي!!
* شاعر فلسطيني
التعليقات