18/01/2012 - 20:41

ميلودراما ثوريّة / عبد الله البياري*

تبددونَ بعضكم ببعضٍ فيجفُّ منيُ قصائدِكُم والدّمْ فتغدونَ ظلاًّ معلّقًا في مديحِ الفلزّ وأملَ الانبياءِ المهدرِ في اكتمالِ الرّسالةِ وسقوطِ الغيبْ

ميلودراما ثوريّة / عبد الله البياري*

- عبد الله البياري -


تدورُ دوائرُ الضّوءِ، في فضاءِ المسرحِ المظلم، و الضّوءُ محضُ نهبٍ..

الدوائر مهربٌ لامبدأَّ له في عرفِ الشّكلْ..

تتكشّف أجسادٌ / متونٌ عارية، بعضها بلحىً تكادُ تغطّي سوَءاتِهم منَ السّرةِّ / المولدْ إلى الرّكبةِ / المركعْ، أو أقصرَ قليلاً أو أطولَ قليلاً بمقاييس الكرامة..

والعورةُ بينهما محضُ اجتهادْ..

نساءٌ مضافاتٌ إليه، عارياتٌ إلا عن الإضافة..

هو الغائبُ، والحضورُ زُرقةٌ باهرةُ العتمةِ..

على جانبيِّ المسرحِ مشاعلُ لهبٍ، صداها احمرارٌ على وجوهِ الرّاقصين،

والثّمالةُ ملامحٌ وتعريفْ..

أغلبهم لا أعينَ لهم، ومنْ كانتْ لهُ فهيَ مغمضة..

وجوهُهُم معرِضُ التباسٍ بين ألمٍ ونشوةٍ وفقدٍ..

تهتزُ أرضيةُ المسرحِ الخشبيةِ تحتَ أقدامِ الجمعِ الثّمل، فتتناثرُ قطراتُ سائلٍ أحمرَ لهُ قوامُ الحياةِ منْ حرفين، على حوافِ المعنى..

فترتطم بوجوهِ ملائكةٍ ضلّت طريقَها بينَ سقفٍ سماويٍّ، وقاعٍ وثنيّ..

لتختلسَ الملائكةُ بينها حديثًا جانبيًّا، خارجَ النّصوصِ المقدّسة، وبخلِ الأنبياء:

أيّ فواتٍ للأوانِ يعني الغيبَ ليحضرْ؟

في سقفِ القاعةِ السماويِّ، غيبٌ أسودٌ، يختلسُ النّظرَ والذّنب

والسّوادُ هاهنا، ملقّن المنشدينَ سخاءَ الطّبائعِ الصّامتة...

وإلا ما استوى غيبًا.

يتبادلُ الرّاقصونَ تمتماتٍ معدنيّة،

ألقاها إليهم كوندورُ الموتِ المحلّقِ  في الأسماء:

     باسمِ الحلباتِ الكٌبرى..

     باسمِ الدروعِ المترفةِ في نعمتِها ونقمتِها..

     باسمِ الفلزِّ والزّئبقْ..

     ستتبعوننا للأبراجِ اللامعةِ على الأكتاف..

     نحوَ العويلِ المفدّى..

     نحوَ الأقنعةِ بين جبينكم والأعياد..

     لـ "يدُلَّ كلُّ موتٍ عَلى قاطِنيه"..

تكتملُ دوائرُ الإشكالِ العاري وضوحًا

والحضورُ محضُ عماء..

 

بينَ الحضورِ والمَسرحْ، يجبُ الدّمُ مسافاتِ التّأويل

ولكن يغيبُ التّرجمان.

شواهدُ قبورٍ سرديّتُهُم..

تبويبُ النهائيّ رخامٌ..

كيْ لا يَروا أنقاضَهم..

يحتضنُونَها.. أنقاضَهُم..

ولا تنفضُ الدهشةُ عنهم..

العدمُ السّاحر وألقُ الموتِ الرخاميّ..

 

يظهرُ نسرُ زيوس كبيرِ الآلهة

من خلفِ السّتارِ الأسودْ

عاريًا منَ الجبلِ

ومنْ أوامرِ الآلهة

وعلى طرفِ منقارهِ بقايًا منْ كبدِ برومِيثيوس

ليتبع إيقاعَ الدّمِ

المسجّى في مديحِ العسكر

ونشيدِ الموتى

 

تبددونَ بعضكم ببعضٍ

فيجفُّ منيُ قصائدِكُم والدّمْ

فتغدونَ ظلاًّ معلّقًا

في مديحِ الفلزّ

وأملَ الانبياءِ المهدرِ في اكتمالِ الرّسالةِ

وسقوطِ الغيبْ

 

 


* كاتب وباحثٌ فلسطينيٌّ مقيمٌ في باريس.

التعليقات