11/06/2012 - 20:01

جواب الوجود / مهنّد صلاحات*

كلُّ تلكَ الأسئلة تثير بداخلي التّعب، وأعرفُ أنّ الأهمّ من البحث عن إجابة لها، هو: لماذا أستمرّ بالحياة؟ ببساطة، لأنّني لا أجيدُ فعلَ شيءٍ آخر سوى أن أظلَّ حيًّا.. وأحاول الإجابة عن سؤال الوجود...

جواب الوجود / مهنّد صلاحات*

بقيتُ على قيد الحياةِ حتى اللحظةِ لأنني لا أستطيعُ فعلَ شيء آخر، ولا أملكُ خيارًا آخر غير أن أبقى حيًّا ككلِّ الحيواناتِ والطيورِ والدودِ والحشراتِ الطائرةِ والزاحفةِ والبشر أيضًا، بقيتُ حيًّا ككلِ الذينَ يأتونَ للحياةِ مصادفةً ويمضون بها عمرهم رغمًا عنهم، لأنهم لا يملكون من أمرِ حُضورِهم شيئًا ولا من رحيلهم شيئًا مغايرًا، وبعضهم يملكُ تصوّراتٍ خرافيّةً عن حياةٍ أخرى ومصيرٍ مغاير، وبعضهم لا يرى سوى أنّ جسدهُ سيتحوّلُ لمزرعةٍ للدّود يقيم فيها مجتمعًا متكاملاً، ويمارسُ فيها علاقاتٍ جنسيةً بغرضِ التكاثر والتسلية، قبلَ أن يصيرَ ترابًا تمامًا..

بقيتُ على قيد الحياة حتى الآن، دونَ أدنى فكرةٍ لديَّ عن بدائلَ أخرى، لأنني لا أحبُّ الموتَ ولن أرتكبهُ متعمّدًا، ولأنني لستُ منزعجًا من الحياةِ أيضًا وأحببتُ فكرة الاستمرارِ فيها..

لم يكن من سوءِ حظي أنّني بقيتُ على قيدِ الحياةِ الآن، فقد تسببتُ بالإزعاجِ للعديدِ من البشر، وللعديد من أجهزة الأمن بمختلفِ أشكالها وأنواعها وألوانها وعقائدها، وللعديدِ من الموالين لأنظمةٍ تشارفُ على التّلفِ، ويظنونَ أنهم لا يزالون على قيد الحياةِ بعبوديتهم المُرَكَبة هذه لأنظمتهم وآلهتهم ومجتمعاتهم وكلّ أنواع السّلطات الّتي تُحيطُ بهم..

لستُ معنيًّا كثيرًا حتى بالفلسفة، وبخلق أسئلةٍ لا إجابة لها، أو في البحثِ عن إجاباتٍ لأسئلةٍ وُلِدَتْ لتكون هكذا، بلا إجابة، كما: ماذا بعد الموت؟ وماذا كان قبل الحياة؟

كلُّ تلكَ الأسئلة تثير بداخلي التّعب، وأعرفُ أنّ الأهمّ من البحث عن إجابة لها، هو: لماذا أستمرّ بالحياة؟ ببساطة، لأنّني لا أجيدُ فعلَ شيءٍ آخر سوى أن أظلَّ حيًّا.. وأحاول الإجابة عن سؤال الوجود...


* كاتب فلسطينيّ يقيم في السّويد.

التعليقات