29/06/2013 - 11:53

هذيان../ أحمد حمدان

تُريدُ أَنتَ ما لا تُريد هِيَ، ويُريدُ هُوَ ما لا تُريد هِيَ، وتُريدُ هِيَ ما لا يُريد هُوَ، فتُريدُ هِي َما لا تُريدْ أَنتَ لَها أَن تُريدَ... هذِهِ الحَلَقَة الثُلاثيَّة تُصيبُني بِأَشَدِّ صُداع

هذيان../ أحمد حمدان

يا لِهذا المَقلَبِ..
تُريدُ أَنتَ ما لا تُريد هِيَ، ويُريدُ هُوَ ما لا تُريد هِيَ، وتُريدُ هِيَ ما لا يُريد هُوَ، فتُريدُ هِي َما لا تُريدْ أَنتَ لَها أَن تُريدَ... هذِهِ الحَلَقَة الثُلاثيَّة تُصيبُني بِأَشَدِّ صُداع.
قَد تَتَنافى الأُخُوَّةَ في حُبِ القَريبِ، وَقَد يَتنافى القُربُ في حُبِ الأَخِ العَزيزِ.
ما لِعَقلي مَناصٌ يَنساقُ إليه، ما بِمَناصٍ يَنساقُ عَقلي إليه...
مُنعَدِمَةُ الخياراتِ هِيَ دونَهُ كَانعِدامِ خَياراتي أَنا دونَها... لَو كانَ لِعَقلِها كِذبَةً يَختَلِقُها وَيَنشِبُ أَظافِرَهُ فيها عَلَّهُ مُنقِذٌ لِنَفسِها لَكانَ عَقلي قَد سَبَقَ وَفَعَل.
هذا ما استَطاعَ رَبيَ إليهِ سَبيلاً... أَستَغفِرُكَ يا أَعظَمَ العُظماء.

فما أَنا بِمُذنِبٍ.. وَلا هُوَ فيما اختارَ رَبّي، فَقَد فاقَني هذا الصَغيرُ عِندَها بِمَراحِلِّ، وَحينَ نَظَرتُهُ وَجَدّتُهُ فِعلاً في قِمَمِ القِمَمِ، كَلا لَستُ أَنا مِن مُؤَهلٍ لِمُجاراةِ هذا الكاسِرِ، نادِبًا حَظي فَإِنّي قَد وُلِدتُ في زَمانٍ غَيرِ زَماني...

تُرهِقُ نَفسَكَ وَتُلهِبُها قِلَةَ الحيلَةِ في تَرنُحِ طِباعُها.
قَد تُلهِفُكَ ساعَةً في غِيابِهِ وَتَقِفُ في أُخرى -حَتى دونَ حَضرَتِهِ- حائِرًا مَهْمومًا مُستاءًا مُتسَائِلاً: هَل نَطَقتُ كُفرًا؟
سُبحانُكَ مُغيّرَ الأَحْوالِ.
كانَ صَمتٌ يُعجِزُ حُذامًا قَد صَفَعَني، كانَ مَطَرًا أَسوَدَ بَعدَ أَن لاحَ أُفُقًا صافِيًا شَديدَ النّورِ.

في حَيرَةٍ وإحباطٍ مُحَدِثًا نَفسي: أَتَتَرَنَحُ طِباعُها وَتَظهر مَزاجِيَّتها مَع حَضرَتِهِ؟ أَم أَنّي وَحيدًا في هذا القالِبِ المُعَتِمِ؟...
تَخالُني نَفسي مُخطِئًا في مُقارَنَتي لي مَع غَيرِ شَخصي، فَبِهكَذا فِعلٍ لَرُبَما أَفقِدُ عَقلي...
فاقِدًا لَهُ أَنا في نَظَرِها وَقتَما استَيقَظتُ أَهذي.. حِينَ وُجِدّتُ في غَيرِ مَطرَحي، كَلا لا زِلتُ عَلى ثِقَةٍ بِسَلامَتِهِ، أَكادُ أُقسِمُ لَقَد وَقَفَت فَوقَ رَأسي.

أَرى حُبَها لَيَّنَ كُلَّ ثَوابِتي... قَد حَلَّ أَعتى عُقَدي، فأَنساني كَثيرًا مِن مُعتَقَداتي... لَكَ أَن تَتَخَيَّلَ رَجُلًا دونَ مَبادِئٍ.. دونَ رَأيٍ.. دونَ مَواقِفٍ.. وَقَد قيلَ "إِنَّ الرِجالَ مَواقِفٌ".

أُصبِحُ وَأُمسي تَعيسًا كَئيبًا يَتيمًا مِن غَيرِ مَلجَأ.. وَيَزيدَنَّكَ وِحدَةً انعِدامُ الأُمومَة عِندَ الأُمُ في الحَديثِ عَن ابنِها الجَميلِ المُفَضَلِ، الأُمُ مَلجَأ إِنْ غابَ فَما مِن آخَرٍ عَلى المَعمورَةِ.

تُرى هَل سَتَرضى لي نَفسي باقِيًا بِهذا المَوضِعِ؟..مَسكينَةٌ.. ما اعتادَت عَليهِ فَمُنذُ الصِغَرِ في زِيِّ المُسَيطِر.

عَلَيكَ بِأَخيكَ الصَغيرُ خَيرَ ظَهرٍ، فَوَاللهِ لَيسَ لَهُ عَليكَ بِذَنبٍ، لَو عَرِفَ ما يُلهِبُكَ لَما وَطَأَ تِلكَ الأَرضِ... أُنظُرهُ جَيِدًا فَهوَ بِخَيرِ مُحتَذًى لِوَقفِ هذا المَشهَدِ.
قَد صَوَّبتُ لِأَصبو إِليه.
فَلتَصغوا لِسُقوطِها المُدَوي مِن أَعالي غُرورِها.
 

التعليقات