18/04/2014 - 14:46

"رسالة وداع" من ماركيز

لقد تعلمتُ منكم الكثير أيها البشر... تعلمتُ أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أنّ سرّ السعادة تكمن في تسلقه.

 
نشر في أيار (مايو) العام ١٩٩٩ كاتب مغمور نصًا جميلاُ في صحيفة "لاروبوبليكا" بتوقيع  الكاتب الكولومبي العالمي غبرييل كارسيا ماركيز، الذي رحل عن الدنيا مساء أمس الخميس. وقد صدق العديد من القراء أن النص حقًا بقلم ماركيز بسبب جماليته ومستواه الرفيع، إضافة إلى أن ماركيز كان في تلك الفترة يتعالج من مرض السرطان. إلا أن ماركيز نفى أن يكون كاتب للنص.
 
ونشر النص حينها تحت عنوان "رسالة وداع" ومؤلفه الحقيقي هو الشاعر المكسيكي جوني ولش (في الصورة مع ماركيز)، وعنوان النص الأصلي هو "الدمية"، وهي رسالة كتبها ولش لدميته، كما كشف ماركيز لاحقًا.
 
نعيد نشر النص الجميل بعد أن تناقله العديد من المتصفحين في الشبكة الاجتماعية على أنه نصًا لماركيز ولأن النص جميلاً وحكيمًا ومحكمًا:

لو شاء الله أن ينسى أنني دمْية، وأن يهبني شيئًا من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كلّ ما أفكّر فيه، لكنني حتمًا سأفكّر في كلّ ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثّله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيرًا، مدركًا أنّ كل لحظة نُغْلق فيها أعينَنا تعني خسارةَ ستّين ثانيةً من النور. سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.
لو شاء ربي أن يهبني حياةً أخرى، فسأرتدي ملابسَ بسيطةً وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاريَ الجسد وإنما عاريَ الروح أيضاً.
سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشّاقًا متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق.
للطفـل سـوف أعطي أجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليقَ وحده.
وللكهول سأعلّمهم أنّ الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان.

لقد تعلمتُ منكم الكثير أيها البشر... تعلمتُ أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أنّ سرّ السعادة تكمن في تسلقه.
تعلّمت أنّ المولود الجديد حين يشدّ على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد.
تعلّمت أنّ الإنسان يحقّ له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف. 
تعلمت منكم أشياء كثيرة! لكنّ قلة منها ستفيدني، لأنها عندما ستوضَّب في حقيبتي أكون قد ودّعتُ الحياة.
قل دائمًا ما تشعر به، وافعلْ ما تفكّر فيه.
لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمةً لضممتكِ بشدةٍ بين ذراعيّ ولتضرّعتُ إلى الله أن يجعلني حارسًا لروحك.
لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها، لقلتُ "أحبكِ" ولتجاهلتُ، بخجلٍ، أنك تعرفين ذلك.
هناك دومًا يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، لأحببتُ أن أقول كم أحبّكِ، وأنني لن أنساك أبدًا؛ ذلك لأنّ الغد ليس مضمونًا لا للشابّ ولا للمسنّ. 
ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبّهم . فلا تنتظرْ أكثر، تصرّف اليوم لأنّ الغد قد لا يأتي ولا بدّ أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقتَ من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة.
حافظ بقربك على مَنْ تحب. إهمسْ في أذنهم أنك في حاجةٍ إليهم. أحببهم واعتنِ بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: "أفهمك، سامحني، من فضلك، شكرًا"، وكلّ كلمات الحب التي تعرفها.
لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلبْ من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمّون لديك. 

هنا النص بالانجليزية

التعليقات