03/06/2015 - 17:39

على أبواب حزيران../ المتوكل طه

واتركوا لغةَ الموت والدخان، مرّةً.. وإلى الأبد! وإنْ عدتم.. عُدنا

على أبواب حزيران../ المتوكل طه

كيف هويت من السماء

وأنتَ فوق النجوم؟

لَيتَعَظَّم اسمك يا راكبَ السحاب،

ويا مانح الأرض حِنَّاءَها!

إهبطْ وَقِفْ في الأعالي!

واحضن شقيقتك المذبوحة،

الساكبة نُواحَها على المرتفعات،

وتسحّ على أخيها الذبيح..

إهْبِطْ .. وَتَغنّ بخلوده النضير

ليسترجع روحَه من التراب،

ويطفئ نورَ حياة أعدائه،

ويُطلق أهلّتَه اللامعات..

إهبط.. لكي يعود من جديد،

فقد رأيتك تخرج من نقوش أوغاريت،

وتطير في الأعالي.. فتبعتك، لكي تَرى ما يُرى:

كَثُرت الأنواءُ في الجبال،

وغاب صوتُ العصفور العذب،

ومزّعوا كساءَ الحقول،

وانقطع الندى.. ولا أمطار على الأرض،

بل حرقها الجفاف والجراد!

ولم يعد السرج الذهبي في البراري،

التي كانت خضراء كالكحل والمحيط..

تشققت أكبادُ الخيول،

وتكسّرت أجنحة النسور،

وولّت البواشق هاربةً في البعيد..

وحزّ الرجالُ لحومهم يندبون البطل،

ويسكبون الدمعَ على ابن عَنَاة..

يا بعل! اسكب السلام في كبد الأرض

ارمِ السيف،

واجعله محراثاً.. بعد أن ينقشعوا عن حدودنا..

فالحرب تخالف مشيئة إيلياء المتحضّرة.

وَأَكْثر من الصلوات والعمل لكي تمطر السماء،

وتغسل ما تبقى من دم وسمّ على الصخور والتراب،

بعد أن اصطدموا كالثيران الوحشية،

          وتناهشوا كالأفاعي،

          وترافسوا كالجياد الهاجمة..

واجعل كفوفَ المحاربين مثل تلال القمح،

واغسل أقدامَ أهلك التي غطست بدم الحرّاس،

والنجيعَ الذي تجمّد على رداء العرائس.

وَقُل لهم؛ لا تشمخوا! لأنني بقوة الحق،

          سأصبغ شيبْكم بحُمْرة الدماء..

وقُلْ لهم؛ في السّلم أعطيكم غزارة الأمطار،

          وأرسل أصواتكم في السحاب..

          فتأمنوا على قوافلكم الراجعة إلى كهوفكم المهجورة..

ومهما أَطَلْتُم الجلوس على عرش الزيتون،

فإن أقدامكم لن تبلغ الوطأة

ولن يبلغ رأسكم التاج يوماً..

بل سيشطركم الصقيلُ،

وتذرّون بالغرابل،

وتحرقكم النار،

وتطحنون بين الرّحى،

وتنثركم الريحُ الصرصر في العتمات..

ولن يصدّق أحدٌ من الغرباء،

أن للثور صوتَ الغزال،

وللعقاب تغريدَ الحساسين.

وقُلْ لهم؛ أيها الأشباحُ! اذهبوا من هنا،

أو امسكوا مقبضَ المحراث،

أو يدَ المنجل،

أو شبّابةَ القطعان..

واتركوا لغةَ الموت والدخان،

مرّةً.. وإلى الأبد!

وإنْ عدتم.. عُدنا 

التعليقات