10/07/2015 - 15:06

شهيدة الحب../ يردينا حجاجرة

رحلت سلمى كما ترحل النّوارس، لكنّها لن تعودَ كما النّوارس. قُتلت سلمى كما يُقتل الحبّ هنا، كما يُغتصب الشّعور على شرفة الأعراف. رحلت سلمى والوطنُ يبكي، والسّماء تبكي، والقمرُ يذرف على فراقها ألفَ لحنٍ حزين. والقاتلُ؟ حُرّ!

شهيدة الحب../ يردينا حجاجرة

في مقهى سلمى التقيا، كان التّعب ينبضُ من وجنتيها، وآثار الدّموع الغزيرة تلطّخ ملامحها الفاتنة بالحزن. اقترب منها، أمسك يدها وشدّها بعنفٍ كاد يمزّق شرايينها.

قال مبتسمًا: "أنا حدِّك ومش راح أتركك".

أجابته بصوتٍ يخنقُهُ الواقع: "والدّين شو بنعمل فيّو؟".

سلمى تلك الفتاة القرويّة، الجميلة كأرضٍ ربيعيّة، الدّافئة كشمسٍ خريفيّة. سلمى وجعُ الأيّام، وبقايا الذّكريات.
تكره سلمى قريتها، عاداتها وتقاليدها وأعرافها، تلك الأعراف الّتي تطرد الحبّ من أحضان اللّيل وتحرق الهيامَ صباحًا كي لا يصل إلى عتبة دارهم.

جلست سلمى ذاتَ ليلة تتأمّل سقف الغرفة، عيناها معلّقتان به، خُيّل إليها بأنّه السّماء وأنّها تُمسك بيد حبيبها "وطن" ليرقصا معًا رقصة لاتينيّة، تلك الرّقصة الّتي لطالما حلمت بممارسة تفاصيلها معه في ليلة زفافهما، لكنّ القدر يأبى.

وطن يصلّي في الكنيسة، يناجي الله أن يحمي سلمى، صوتٌ يصرخ به من بعيد: "وطن إلحق يا وطن، سلمى ماااااااتت".

انفلتت الكلمات من فم القائل كالسّهام، شعر وطن بقدميه تهويان أرضًا، وبجسده يموت كما ماتت حبيبته المغدورة.

اجتمعت الحشود حول جثّتها، على وجوههم تمتزج ملامح الذّعر والشّفقة والسّخط، الدّماء تغطّي ثغرها اليانع، والسّكين اللّعين يشهد بشاعة الجريمة.

قالت إحدى النّساء مقتضبةً: "بتستاهل مين قلها تحبّ مسيحي".

رحلت سلمى كما ترحل النّوارس، لكنّها لن تعودَ كما النّوارس. قُتلت سلمى كما يُقتل الحبّ هنا، كما يُغتصب الشّعور على شرفة الأعراف. رحلت سلمى والوطنُ يبكي، والسّماء تبكي، والقمرُ يذرف على فراقها ألفَ لحنٍ حزين.
والقاتلُ؟ 
حُرّ!

التعليقات