زيارة د.عزمي بشارة إلى مخيم البداوي ونهر البارد تتحول إلى عرس جماهيري..

د.بشارة: "لم نعد نرضى بمفهوم رفض التوطين المجرد من الحقوق الاجتماعية والمدنية للفلسطينيين، لأن رفض التوطين يمكن أن يعني الهجرة الى اسكندنافيا"..

زيارة د.عزمي بشارة إلى مخيم البداوي ونهر البارد تتحول إلى عرس جماهيري..
«نشتمّ من خلالك رائحة فلسطين»، و«يا صوتنا الذي لا يهدأ نحن فخورون بك»، و«يا أهلًا بابن البلد». بمثل هذه الهتافات وغيرها جرى الاستقبال الحاشد للمفكر والنائب العربي د.عزمي بشارة.

زيارة بشارة إلى مخيم البداوي التي هدفت إلى تفقد أحوال النازحين من مخيم نهر البارد بدعوة من منظمة الشبيبة الفلسطينية، تحولت إلى عرس جماهيري اختلطت فيه دموع فرح اللقاء بدموع المأساة التي ما تزال مستمرة ومتلاحقة بحق الفلسطينيين، والتي كان آخرها ما حصل في مخيم نهر البارد.

بشارة وصل برفقة كمال مدحت مستشار ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي، ومسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان مروان عبد العال، التي رفعت لافتة كبيرة عند حاجز فتح الانتفاضة قرب المدخل الشمالي للمخيم كتب عليها: «من مهد المسيح ومسرى محمد عليهما السلام الى البداوي والشتات الفلسطيني، أهلًا بك عزمي بشارة».
وكان في استقبال بشارة ممثلو فصائل المقاومة الفلسطينة في الشمال.

وسار بشارة وسط الشارع الرئيسي في المخيم بين حشد من المستقبلين الذين رحبوا به بحرارة.. وصولًا إلى مدرستي كوكب والناصرة حيت تقيم عائلات نازحة من مخيم نهر البارد، فتجمعوا حوله، خصوصاً كبار السن من الرجال والنساء معاً، يقبّلونه وهم يبكون، الأمر الذي تأثر له بشارة كثيراً، وخصوصاً عندما قالت له إحدى المسنّات: «أنت الرئيس الذي أتى لمساعدتنا؟»، فردّ عليها: «أنا عزمي بشارة النائب لا الرئيس».

إلا أن المشهد الأشدّ تأثيراً، والذي لم يملك حياله بشارة أن يمنع دموعه من الترقرق في عينيه، فهو تعلق امرأة مسنّة به في مدرسة الناصرة، ناشدته وهي تجهش بالبكاء أن يريحها من «الذلّ الذي أعاني منه في آخر عمري».

بعد ختام الجولة التفقدية السريعة، أقيم لبشارة لقاء في قاعة «الوردة البيضاء» في المخيم، تحدث فيه مسؤول الجبهة الشعبية في الشمال سمير لوباني «ابو جابر»، الذي لفت إلى أن «العودة لم تتم، والإعمار لم يحصل، وأن ما قُدم حتى الآن لنازحي مخيم نهر البارد يدفعه أي مُلَيكٍ عربي في ليلة حمراء واحدة في لندن أو باريس»، محمّلًا المجتمع الدولي وإسرائيل مسؤولية معاناة النازحين، وكذلك الحكومة اللبنانية «التي لم تعطنا ريقاً حلواً منذ قدومنا إلى لبنان»، معتبراً أن «الهندي يعامَل أفضل من الفلسطيني في هذا البلد، حيث اصبحنا فيه مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة... والعاشرة!».

بدوره أعلن بشارة أن «الهدف من هذه الزيارة بعد خروجي القسري من فلسطين هو التضامن معكم والتعرف إلى الاوضاع في مخيمَي البداوي ونهر البارد»، وأنه سيستخدم ما لديه «من وزن من اجل عودة النازحين وإثارة الرأي العام»، معتبراً أن «الشعب الفلسطيني برجاله ونسائه ومدنييه عموماً يدفع الآن ثمناً لا مبرر له على الاطلاق، ولا حتى بأي مفهوم من المفاهيم على اي جانب من المتراس السياسي اللبناني»، موضحاً: «خرجت بعد الزيارة بانطباعات يعتصر لها القلب مما رأيته».

وشدد بشارة القول «لم نعد نرضى بمفهوم رفض التوطين المجرد من الحقوق الاجتماعية والمدنية للفلسطينيين، لأن رفض التوطين يمكن أن يعني الهجرة الى اسكندنافيا، والظروف التي رأيتها اليوم، والتي رغم كل ما رأيت من مآس في حياتي تحت الاحتلال، لم أستطع إلا أن أهتزّ لما رأيته في مدرستي الناصرة وكوكب وغيرهما»، معتبراً أن «هذا أمر لا علاقة له بتمسكنا بحق العودة ورفض التوطين، بل له علاقة بالتعامل مع الفلسطينيين كبشر، إن لم يكن كعرب وإخوة، فعلى الأقل كبشر».

وأكد بشارة أن «من العيب والعار أن يجري ما يجري في مخيم نهر البارد»، لافتاً إلى أن الفلسطينيين «يريدون أن يعيشوا ضمن حقوق اجتماعية ومدنية معقولة ليتمكنوا من الصمود، لأن حرمان الناس من حقوقهم الاجتماعية والمدنية يؤدي الى توطين لكن خارج العالم العربي»، متسائلًا: «أليس توطيناً إذا اخذت جواز سفر دانماركياً أو برازيلياً؟».

ولاحقاً زار بشارة مخيّم نهر البارد، مستطلعاً أحوال المخيم، ومتفقداً أحوال العائدين، ومعبّراً عن تعاطفه معهم، وعن تأثره العميق لما شاهده من آثار الدمار.

....

التعليقات