مونديال قطر: استمرار ليالي ميسي الحزينة والدوسري رجل المناسبات التاريخيّة

في تاريخه "الحزين" مع كأس العالم، كتب ميسي صفحة مظلمة جديدة اليوم. في ملعب لوسيل، تمكن المشاهدون من جميع أنحاء العالم من متابعة عرض متفاوت لـ"البرغوث" الأرجنتيني، والذي كان فعالا تارة، وشبحا لنفسه طورا.

مونديال قطر: استمرار ليالي ميسي الحزينة والدوسري رجل المناسبات التاريخيّة

ميسي والدوسري خلال مباراة منتخبيهما (دمج "عرب 48" - Getty Images)

جاء إلى قطر لينسى خيبات الأمل السابقة، وينضم إلى مارادونا في قائمة الأساطير، إلا أن النجم ليونيل ميسي بدأ مشواره في كأس العالم 2022 بأسوأ طريقة ممكنة مع المنتخب الأرجنتيني، إذ تعرّض لخسارة مفاجئة ومدوّية أمام السعودية بهدفين لهدف.

في تاريخه "الحزين" مع كأس العالم، كتب ميسي صفحة مظلمة جديدة اليوم. في ملعب لوسيل، تمكن المشاهدون من جميع أنحاء العالم من متابعة عرض متفاوت لـ"البرغوث" الأرجنتيني، والذي كان فعالا تارة، وشبحا لنفسه طورا.

وفي أول تصريح له عقب الخسارة من السعودية، اعترف ميسي أن الخسارة التي تلقاها منتخب بلاده، تشكّل "ضربة قاسية" و"هزيمة مؤلمة"، وفق تصريحاته في المنطقة المختلطة لاستاد "لوسيل".

وأضاف: "إنها ضربة قوية للغاية، هزيمة مؤلمة، لكن يجب أن نستمر في ثقتنا بأنفسنا... هذه المجموعة لن تستسلم. سنحاول التغلب على المكسيك".

ميسي خلال المباراة (Getty Images)

وفي الشوط الأول، منح الأرجنتيني فريقه الأسبقية، مفتتحا التسجيل من ركلة جزاء في الدقيقة العاشرة، بعد خطأ ارتُكب على لياندرو باريديس.

وبعدما انبرى إلى الركلة بنجاح، انضم ميسي إلى نادي اللاعبين الذين سجلوا هدفًا واحدًا على الأقل في أربع نسخ مختلفة من كأس العالم (2006، 2014، 2018 و2022)، وعدد هؤلاء اللاعبين ليس كبيرًا.

وسبق أن حقق هذا الإنجاز اللاعبان الألمانيان أوفه زيلر (1958، 1962، 1966، 1970) وميروسلاف كلوزه (2002، 2006، 2010، 2014)، والبرازيلي بيليه (1958، 1962، 1966، 1970) والبرتغالي كريستيانو رونالدو (2006 و2010 و2014 و2018).

ويملك رونالدو، منافسه اللدود على مدى العقدين الماضيين، بواقع 7 كرات ذهبية للأرجنتيني و5 للبرتغالي، الفرصة بعد غد الخميس، للانفراد بالرقم القياسي والتسجيل في خمس نسخ مختلفة، عندما يواجه منتخب بلاده غانا.

وتأتي مباراة البرتغال، بعد أن أعلن نادي مانشستر يونايتد الإنجليزيّ، مساء اليوم، تخلّيه عن نجمه البرتغاليّ بشكل "فوريّ"، إذ ذكر النادي في بيان أن رونالدو سيغادر النادي "بمفعول فوري"، بعد "اتفاق متبادل" بين الطرفين، وذلك قبل يومين من المباراة الأولى للنجم البرتغالي في مونديال قطر 2022.

واختلفت الظروف بعد الهدف، حيث حضر ميسي جسديًا لكنه غاب بالفعالية واتسمت تحركاته بالهدوء الشديد. بعد نحو عشر دقائق من الهدف الأول، مُنع مهاجم باريس سان جيرمان الفرنسي من تسجيل هدف ثان بداعي التسلل. ومن هناك، تحولت المباراة إلى كابوس مطلق لنجم برشلونة الإسباني السابق.

خلال احتفال لاعبي الأرجنتين خلال المباراة (Getty Images)

وفي بداية الشوط الثاني، كان ميسي من فقد الكرة في خط الوسط نتيجة الضغط الفعال الذي اعتمده السعوديون، وخوّلهم تسجيل هدف التعادل في الدقيقة 48.

ومن ثمّ انتزعت السعودية التقدم بهدف رائع من سالم الدوسري في الدقيقة 53، ليصاب ميسي بنكسة واضحة، حيث عجز عن حفظ ماء وجه بلاده بالمساهمة في هدف التعادل على الأقل.

وبدا ميسي متأثرًا، إذ لم نجح بتنفيذ ركلة حرة بشكل يهدّد مرمى الحارس السعودي محمد العويس، قبل 10 دقائق من نهاية الوقت الأصلي، ولم تتمكن رأسيته من إدراك التعادل بعد أربع دقائق.

وتحدث ميسي عن الخصم السعودي قائلا "نعلم أن السعودية فريق يملك لاعبين جيدين يحركون الكرة جيدًا ويلعبون وفق خط عال".

وتابع: "لقد عملنا على ذلك، لكننا تسرعنا قليلا. لا توجد أعذار، سنكون أكثر اتحادًا من أي وقت مضى".

وأضاف أن "هذه المجموعة قوية وقد أظهرت ذلك من قبل. لم نكن في هذا الوضع منذ فترة طويلة. الآن يجب أن نظهر أن هذه مجموعة حقيقية بالفعل".

وقد تكون هذه كأس العالم لميسي، الخامسة والأخيرة له في سن الـ35، لكنه لم ينجح أبدًا في أن يكون حاسمًا في المباريات المصيرية، وأبرز مثال على ذلك هو نهائي مونديال البرازيل 2014 أمام ألمانيا، التي انتهت 0-1 بعد التمديد، في المرة الأقرب التي وصل إليها اللاعب من معانقة المجد العالمي.

عانى ميسي باستمرار من المقارنات الدائمة مع الأسطورة دييغو مارادونا (Getty Images)

وفي سبع مباريات كان فيها منتخب بلاده مهددا بالخروج، لم يسجل أي هدف، وهي علامة لافتة ومؤشرة حول تأثيره في اللحظات الكبرى.

وعانى ميسي باستمرار من المقارنات الدائمة مع الأسطورة دييغو مارادونا، بطل العالم 1986، وهو ربما شعر ببعض الراحة عندما فاز مع المنتخب الأرجنتيني مرة واحدة فقط بكأس أميركا الجنوبية ("كوبا أميركا") عام 2021، والنهائي الفخري "لا فيناليسيما" بين بطل أوروبا وبطل أميركا الجنوبية في حزيران/ يونيو الماضي ضد إيطاليا (3-0)، حيث اختير رجل المباراة فظنّ أنّ مونديال قطر قد يكسر لعنته، لكنّ الظهور الأول لا يبدو مشجعًا.

وتتبقى للمنتخب الأرجنتيني مباراتان ضمن المجموعة الثالثة أمام المكسيك وبولندا على التوالي.

الدوسري يصبح رجل المناسبات "التاريخية"

في المقابل، قيل عن لاعب الوسط السعودي سالم الدوسري إنه رجل المناسبات الكبيرة، لكن بهدف الفوز الرائع على الأرجنتين اليوم، اكتسب لقب رجل المناسبات التاريخية، لمساهمته بإسقاط مرشح قوي لنيل اللقب يضمّ أفضل لاعب في العالم سبع مرات.

وفي الدقيقة 53 من مواجهة الدور الأول على استاد "لوسيل"، استقبل اللاعب المكنّى "نيمار الخليج" الكرة على باب منطقة الجزاء من زاوية ضيقة، وتلاعَب بالدفاع بشكل رائع، وأطلق تسديدة جميلة جدا هزّت شباك الحارس إيميليانو مارتينيس.

ووضع السعودية في المقدمة، فحققت "ريمونتادا" لم يحلم الكثير من السعوديين فيها، لتحقق فوزا هو الأهم في تاريخها، بعد خمس مشاركات سابقة في كأس العالم، شهدت تأهلها مرة وحيدة إلى الدور الثاني عام 1994 من المشاركة الأولى.

من اليمين الدوسري وميسي (Getty Images)

واستهلّ ابن الحادية والثلاثين النهائيات، وهو أحد اللاعبين السعوديين القلائل الذين سجلوا في كأس العالم (2018) وكأس آسيا (2019) والألعاب الأولمبية في طوكيو 2021.

كما زار الشباك أيضا في صفوف ناديه الهلال في كأس العالم للأندية ضد فلامنغو البرازيلي، في نصف نهائي نسخة عام 2019 عندما خسر فريقه 1-3، ثم في مباراة فريقه ضد الجزيرة (6-1) في نسخة عام 2022 من البطولة ذاتها.

وساهم في قيادة الهلال إلى لقبين في دوري أبطال آسيا عامي 2019 و2021، علمًا بأنه سجل في النهائي الأول ضد أوراوا ريد دايموندز الياباني.

ومنذ خوضه مباراته الدولية الأولى ضد أستراليا في شباط/ فبراير 2012 خلال تصفيات مونديال 2014، حيث سجّل هدفا في المباراة التي خسرتها السعودية 2-4، بات الدوسري الملقب بالـ"تورنيدو (الإعصار)"، نظرا للجهود الجبارة التي يبذلها على المستطيل الأخضر، عنصرا أساسيا في صفوف "الصقور الخضر".

خلال احتفال جماهير سعودية بفوز منتخبهم (Getty Images)

وتميّز في مركز الجناح، لكنه يستطيع اللعب في أي مركز في خط الأمام، بفضل سرعته ورشاقة ساقيه التي تجعل منه مراوغا من الطراز الأول، وبالفعل تواجد أمام الأرجنتين في المناطق الخطرة لإنهاء الهجمات مسجلا هدف الفوز، فضلا عن ممارسته الضغط على المنافس عندما لا تكون الكرة في حوزة فريقه.

وفي استاد "لوسيل" قال المشجع السعودي أبو خالد (38 عاما): "هذا الإعصار هذا. إحنا نسمّيه التورنيدو. اليوم عصفهم عصف".

وهذا الهدف الثاني للدوسري الذي أحرز 18 هدفا في 72 مباراة دولية، في كأس العالم، بعد الأوّل في روسيا 2018، عندما سجّل هدف الفوز 2-1 في مرمى مصر في الثواني الأخيرة، لكن من دون طائل، لأن المنتخبين العربيين خرجا من الدور الأوّل.

وقال آنذاك، بعد منحه منتخب بلاده أول انتصار لها منذ مونديال 1994: "هدفي رفع اسم الكرة السعودية في المحافل الدولية".

واكتسب خبرة عندما كان أحد تسعة لاعبين انضموا إلى اندية إسبانية مختلفة عام 2018 من خلال اتفاق بين هيئة الرياضة السعودية ورابطة الدوري الإسباني، فخاض تجربة في صفوف فياريال لمدة ستة أشهر، ومباراة واحدة ضد ريال مدريد انتهت بالتعادل 2-2، علما بأنه شارك في الشوط الثاني عندما كان فريقه متخلفا صفر-2.

وقال عن هذه التجربة: "كسبت الكثير خلالها، ولا سيما من الناحية التكتيكية والسرعة واللياقة البدنية".

وكان للدوسري دور رئيسي في ايصال المنتخب السعودي إلى مونديال 2022، فقد أنقذ منتخبه من خسارة مذلة أمام اليمن بتسجيله هدف التعادل 2-2 في التصفيات، كما منحه ثلاث نقاط ثمينة، بتسجيله هدف الفوز 3-2 في مرمى أوزبكستان في الثواني الأخيرة في التصفيات عينها.

وبدأ الدوسري مسيرته الكروية في الفئات العمرية مع فريق الهلال، وسجّل كلاعب هاوٍ في 12 كانون الثاني/ يناير 2011، فيما كان ظهوره الأول بقميص الفريق الأول في موسم 2012 في ديربي العاصمة الرياض أمام النصر، عندما نجح في تسجيل هدف في المباراة (3-صفر) بعد نزوله احتياطيا.

ويملك الدوسري سجلا ناصعا في صفوف "الزعيم"، حيث ساهم في تتويج فريقه بطلا للدوري السعودي 4 مرات، وكأس السعودية 3 مرات، بالإضافة إلى دوري أبطال آسيا.

الدوسري خلال احتفاله بالهدف (Getty Images)

واكتسب الدوسري نضجا كبيرا في السنوات الأخيرة، فبعد أن كان يلعب بطريقة فردية مبرزا مهاراته الرائعة في المراوغة، بات أكثر انضباطا ويوظف أداءه بشكل جماعي لمصلحة المنتخب.

ويحتفل الدوسري بأهدافه على طريقته الخاصة من خلال حركة "خلط الطعام" التي يتميز بها أيضا جناح بايرن ميونيخ والمنتخب الألماني سيرج غنابري.

التعليقات