11/12/2014 - 14:54

ندوة حول "بدو النقب والكولونيالية: وجهات نظر جديدة" في مدى الكرمل

نظّم برنامج دراسات إسرائيل في "مدى الكرمل - المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية"،

ندوة حول

نظّم برنامج دراسات إسرائيل في 'مدى الكرمل - المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية'، ندوة بمناسبة صدور كتاب “بدو النقب والكولونيالية: وجهات نظر جديدة”، الصادر عن دار النشر البريطانية 'راوتليدج'.

أدار الندوة د. امطانس شحادة مُرَكّز برنامج دراسات إسرائيل في مدى الكرمل، وتحدّث فيها كل من د. منصور النصاصرة ، وَد. صفاء أبو ربيعة والمحامي وطالب الدكتوراة أحمد أمارة، اللذين ساهما في كتابة فصلين من الكتاب.

شدد د. امطانس شحادة، في افتتاح الندوة، على أهمية صدور أبحاث تتناول السياسات المنتهجة تجاه السكان العرب البدو الأصلانيين في النقب، بواسطة مقاربة 'الاستعمار الإحلالي' ومن قبل أكاديميين عرب عامة، ومن سكان النقب خاصة؛ وذلك أنّ هذا المجال لم يحظَ باهتمام بحثيّ كافٍ من قبل الأكاديميين العرب لغاية الآن، فضلاً عن أن فصول الكتاب تتناول مواضيع ومحاور متنوعة قلّما تناولتها الأبحاث القائمة. ومما لا شك فيه أن هذا الكتاب، يساهم في فهم الواقع الحاليّ للسكان العرب البدو في النقب، والسياسات المنتهَجة ضدهم، ومحاولات تجريدهم من أرضهم، وهُويّتهم، وانتمائهم ومن تاريخهم كذلك.

د. منصور النصاصرة، أحد محرري الكتاب والذي ساهم بكتابة ثلاثة فصول، قال إن اهتمام الكتاب يصب في مجالات عدة، مثل التحليلات النظرية التي تخص الأقليات والشعوب الأصلانية، وإنتاج المعرفة التاريخية في موضوع النقب مرورًا بالفترتين العثمانية والبريطانية وفترة ما بعد العام 1948. وأضاف أن 'الفترة العثمانية تميّزت بصدور بعض الأبحاث عن جنوب فلسطين وبدو النقب، كتبها الرحّالون الأجانب أثناء زياراتهم للمنطقة إبّان الفترات التاريخية المختلفة؛ أما في الفترة البريطانية، فقد تطوّرت الكتابة التاريخية عن جنوب فلسطين بواسطة موظفي الحكومة البريطانية أمثال عارف العارف وغيره. وفي حقبة الحكم العسكريّ، تميّزت الكتابة العلميّة حول عرب النقب بازدياد دور الحكام العسكريين بالكتابة عن عرب النقب لأغراض السيطرة ودراسة التنظيم الاجتماعي والتاريخي لعرب النقب'. وقد استطرق د. النصاصرة بأمثلة عديدة من الأرشيفات البريطانية تبين السياسات الكولونيالية البريطانية لمسح جنوب فلسطين من أجل أغراض استعمارية وحربية بحتة. فعلى سبيل المثال، ذكر أن الخرائط التي أصدرها صندوق استكشاف فلسطين في عام 1881، بينت أماكن انتشار القبائل العربية- البدوية في تلك الفترة بشكل واضح، وأصبحت هامة في معرفة أسماء القبائل التي قطنت في الجنوب الفلسطيني فيما بعد. كذلك كشف النصاصرة في محاضرته عن صور تاريخية لجنوب فلسطين خلال الحرب العالمية الأولى، وصور لمحكمة العشائر ومشايخ بئر السبع والبوليس الفلسطيني. كما وتطرّق النصاصرة بعدها إلى الدراسات الاستشراقية، وقال 'إن النظرة التي يقدّمها الباحثون الاستشراقيون بخصوص عرب النقب لا تسعى إلاّ للسيطرة عليهم وتوطينهم القسريّ'.

د. صفاء أبو ربيعة، صاحبة الفصل 'الأرض، الهوية، والتاريخ: خطاب جديد حول نكبة العرب البدو في النقب'، قالت في مداخلتها التي أجملت بحثًا موسعًا حول الهُويّة والرواية الشفوية التاريخية لدى النساء البدويات في النقب، قالت 'إنه من الممكن اعتبار مسألة هُويّة الطرف الذي يعرّفنا أساسَ الصراعات في النقب؛ فقد عرّف العديد من الكتّاب والباحثين، الأجانب واليهود، البدويَّ على أنه غير عربي، رحّال لا ينتمي إلى الأرض والمكان، وهذا التعريف غير صحيح؛ فالبدوي لا يُعرف بانتمائه إلى المكان انتماءً جغرافيًّا فحسب، وإنما يُعْرَف كذلك بانتمائه إليه انتماءً إنسانيًّا وشعوريًّا'.
 وأضافت أن 'شعور البدو بالنكبة مزدوج؛ فهُمْ، من ناحية، يتملّكهم شعور بالغربة وفقدان الأرض، ومن ناحية أخرى يتملّكهم شعور بالفقدان لأنّهم فقدوا جزءًا لا يتجزأ من الذات، وهذا دليل على صلتهم الوثيقة بالأرض. وتأكيدًا على هذه الصلة، نشير انّ للعرب البدو في النقب ممارسات مكانية يؤدونها، للمحافظة على صلتهم بالأرض ولترسيخها، مستمرة منذ سنوات طويلة. هذه الممارسات تتمثل بزيارة أراضيهم التاريخية، ورواية قصص من الماضي تتعلق بالأرض والانتماء إلى المكان. كذلك نرى أن قسمًا من المقيمين في القرى غير المعترف بها يرفضون أن يؤسسوا حياة مستقرة على أراضي هذه القرى، مدّعين أنها ليست أرضهم، وأنّهم إلى أرضهم هم عائدون؛ وهذا ما أكده لي جيل النكبة وجيل ما بعد النكبة'. كذلك عرضت أبو ربيعة نتائج بحثها التي تلخصت بأهمية ومعنى الأرض عند النساء العربيات البدويات الذي يشكل مركّبًا أساسيًّا في تعريف هويتهن وثقافتهن.

أمّا المحامي والباحث أحمد أمارة، الذي ساهم في كتابة الفصل 'الاستعمار، المرافعة الملتزمة وقضية النقب'، فتناول في مداخلته تحليل المرافعات القانونية في قضايا النقب أمام جهاز القضاء الإسرائيلي، والمراحل التي مرت فيها المرافعات والسياسات المختلفة المتعلقة بالذرائع القانونية التي اتّبعتها بعض الجمعيات. وقال إن 'الصورة عن النقب كانت دائمًا أنها أرض بعيدة عن الحضارة، إلاّ أننا نتفاجأ بوثائق من فترة الحكم العثمانيّ، قبل العام 1891، تشير إلى أن العديد من المزارعين في النقب كانوا يطالبون بقروض من البنك الزراعي العثماني، وهذا دليل على أن هذه الأراضي لم تكن أراضي مَوات كما يدّعي الإسرائيليون، بالإضافة إلى وثائق تشدّد على الحاجة إلى تطويب أراضي النقب بهدف الضرائب لما أسموه آنذاك 'عربان غزة')'.

وتابع أمارة قائلاً: 'ما رأيناه في الوثائق العثمانية والبريطانية عن تطويب أراضي النقب، يدحض الرواية الإسرائيلية التي تدّعي أن هذه الأراضي هي أراضي مَوات، تُعتبَر ملْك الدولة. ووضح أمارة أن هذا الطرح تطوّر في سبعينيّات القرن الماضي مع قضية عائلة الهواشلة ضد دولة إسرائيل. وهذا الطرح يتيح للدولة مصادرة الأراضي في النقب وعدم الاعتراف بملكية العرب البدو على أراضيهم هناك. في هذا الواقع، ومنذ السبعينيات حتى يومنا هذا، هنالك 500 ملف حول ملكية أراضٍ ربحتها دولة إسرائيل في محاكمها، ونتحدّث عن 2500 ملف في انتظار وصولها إلى المحاكم الإسرائيلية'.

وتطرّق أمارة إلى المسار القضائي لقضايا الأرض والمسكن في النقب، وقال إن 'القضية بدأت من قضية الهواشلة في سنوات الـ70، بتمثيل شخصيّ للناس، حضر بعدها مسنّو القرية وأعيانها ابتغاءَ الإدلاء بالشهادة أن هذه الأرض ملك الهواشلة، يزرعونها ويحصدونها. وفي المقابل، استندت المحكمة على بعض روايات الرحّالين من الأجانب الذين قالوا إنها كانت أرضًا لا حياة فيها، وبالتالي خسرت عائلة الهواشلة القضية'. وتابع: 'وثمّة قضية أخرى، هي قضية نوري العقبي، التي تدور في المحاكم منذ العام 2006، فهي بمثابة النقيض بالنسبة لحيثيات المرافعة، إذ جرت بتمثيل طاقم من المحامين والمؤرخين والمخطّطين، وهنا نرى تحوّلاً من التمثيل المباشر للناس، إلى التمثيل الحقوقي المهني والأكاديمي العلمي الذي من شأنه أن يهمّش الرواية التاريخية والناس، وأن يُصور الصراع على أنه صراع على حقيقة أو حقائق علمية بين خبراء'.

وأنهى أمارة كلامه بنقاش المرافعات بشأن قضايا المسكن وتزويد الخدمات للقرى غير المعترف بها، وكيفيّة تعامل المحكمة العليا مع القضية. وأشار أمارة إلى أنه على عكس المرافعات بشأن الأراضي، التي كانت قليلة، إذ لم تكن الجمعيات مستعدة للمرافعة بقضايا الأراضي، كانت الجمعيات هي اللاعب المحوري في قضايا تزويد الخدمات والمسكن. في هذا الشأن، أشار أمارة إلى تطور بعض المبادئ والإستراتيجيات في مرافعة الجمعيات، في ما يخص ادعاءات التمييز والمساواة والأصلانية وغيرها، وكذلك في تغيير المصطلحات التي كان يجري استعمالها، والتي كانت في البداية تتماشى مع الرواية الإسرائيلية غالبًا، إلا أنه جرى استبدالها بالأسماء الفلسطينية والعربية.

التعليقات