24/04/2019 - 16:19

عائلات "دواعش" سابقين في مواجهة الدولة والمجتمع

تواجه آلاف العائلات في الموصل وأماكن أخرى من العراق، من ضمنها أرملة أحمد خليل وأطفاله، تمييزا ساحقا لأن أقاربهم ينظرون إليهم على أنهم كانوا ينتمون أو يدعمون تنظيم الدولة عندما كان المتطرفون يسيطرون على مساحات شاسعة من البلاد.

عائلات

عائلات رجال انضموا لداعش (أ ب)

من إحدى القصص التي يرويها أشخاص انضموا إلى "داعش"، هي قصة أحمد خليل الذي استغنى عن عمله كسائق سيارة في مدينة الموصل العراقية قبل ثلاث سنوات، وانضم إلى قوة الشرطة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية ظنا منه أن المرتّب الذي سيتقاضاه هناك سيساعد في الحفاظ على أسرته المتعثرة، وانتهى به الأمر إلى وصمة عار تفوق عمله وحياته.

تواجه آلاف العائلات في الموصل وأماكن أخرى من العراق، من ضمنها أرملة أحمد خليل وأطفاله، تمييزا ساحقا لأن أقاربهم ينظرون إليهم على أنهم كانوا ينتمون أو يدعمون تنظيم الدولة عندما كان المتطرفون يسيطرون على مساحات شاسعة من البلاد.

وأنكر الأقارب والدولة زوجات وأرامل وأطفال هؤلاء الرجال، كما أنه يوجد رفض لتسجيل الولادات لنساء يشتبه بأن أزواجهن في تنظيم الدولة، والمدارس ترفض تسجيلهم فيها. كما وتحرم الأمهات من المساعدات الإنسانية ويرفض المخاتير المسؤولون عن الأحياء السكنية، السماح لهم بالانتقال إلى أحيائهم.

(أ ب)

بعد أن اختفت دولة الخلافة التي كانت تسيطر على ثلث كل من العراق وسوريا، لا يزال العراق يكافح لإعادة البناء بعد إلحاق الهزيمة بالمتشددين، لكن الأعمال الوحشية والدمار الذي خلفه التنظيم أحدث ندوبا عميقة.

وتقول ابنة خليل البالغة من العمر 11 عاما صفاء أحمد خليل: "يقولون لي إن والدي كان داعشيا، انه أمر يؤلمني".

ولم تهتم السلطات العراقية ببحث دوافع عشرات الآلاف من الرجال من أمثال أحمد خليل الذين انضموا عن طيب خاطر أو بالقوة إلى داعش خلال فترة سيطرته من عام 2013 وحتى عام 2017. وبدلا من ذلك، يعاقبه المجتمع والسلطات هذه العائلات على أفعال أقاربهم في زمن الحرب.

وقد قتل أحمد خليل في غارة جوية على الموصل في شباط/ فبراير 2017 خلال الحملة التي شنت لاستعادة المدينة التي سيطر عليها تنظيم الدولة عام 2014. وتم تحرير الموصل من قبضة داعش الموصل في تموز/ يوليو 2017 بتكلفة هائلة. ويعتقد أن نحو عشرة ألاف شخص من سكانها قتلوا في الهجوم، والأحياء التاريخية من المدينة في حالة خراب الآن.

(أ ب)

وغادرت أرملة خليل، أم يوسف، وأطفالها السبعة المدينة ليواجهوا عار انتماء الوالد للتنظيم المتطرف، فهي لا تستطيع الحصول على مساعدة اجتماعية، ويطرد ابنها المراهق، عمر، من أي عمل يلتحق به. كما ويعيشون في مدرسة مهجورة، ويقتاتون على ما يمكنهم بيعه من الخبز في شوارع المدينة المدمرة.

ويذهب ثلاثة أطفال منهم فقط إلى المدرسة، ولا يستطيع أصغرهما الالتحاق بمدرسة لأن مكتب السجل المدني لن يصدر بطاقات هوية لهم. وتعلّق أم يوسف: "نعم، ارتكب والدهم خطأ. لكن لماذا يعاقب هؤلاء الأطفال بسبب ما اقترفته يداه؟".

ويحتاج الطفل إلى اسم أبيه للحصول على شهادة ميلاد وبطاقة هوية بموجب قوانين الأحوال المدنية العراقية الموروثة، وللتسجيل في مدرسة، وللتمتع بحق الجنسية، واستحقاقات الرعاية والميراث. لكن في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، تشمل جميع الإجراءات البيروقراطية تقريبا فحصا أمنيا للأقارب الرجال الذكور، ما يزيد من إحباط أمهات وأطفال.

وذكر تقرير للأمم المتحدة هذا العام أن ما يقدر بحوالي 45 ألف طفل لا يحملون وثائق هوية بالعراق. ويقول قضاة ومنظمات حقوقية دولية حول هذه القضية إنه هناك حاجة لقرار عراقي عاجل بحلّ هذه الأزمة، وإلا ستخاطر الدولة بنشوء جيل من الأطفال دون وثائق هوية أو تعليم.

ويقول المتحدث باسم المجلس النرويجي للاجئين، توم بيري-كوستا، الذي يقدم مساعدة قانونية لأمهات الموصل اللواتي يكافحن من أجل الحصول على وثائق هوية لأطفالهن "بمعاقبة أسر بأكملها، يقوض تهميشهم جهود المصالحة في العراق بشكل خطير".

(أ ب)

ويقول مدير مدرسة العراقية، خالد محمد، التي تقع غربي الموصل، وهي واحدة من أولى المدارس التي أعيد فتحها في 2017 إنه يواجه ضغوطات من المجتمع لرفض التحاق الأطفال الذين يقبع آباؤهم في السجن أو إذا كانوا مفقودين - وهو غياب يفسره كثيرون كدليل على الانتماء لتنظيم الدولة.

وأضاف "إذا تقدم أحد بشكوى وأرسل شخص للتحقيق، فقد أفقد وظيفتي".

وتبحث العراقية نور أحمد عن وسيلة للمطالبة بالحضانة القانونية لابنها الأصغر سنا غير المسجل، من أجل الحصول على المساعدات الغذائية والوقود للعائلة، في مكتب قانوني وعيادة مدعومين من المجلس النرويجي للاجئين.

وقالت إن زوجها خطفته قبل سنتين في الموصل مجموعة من رجال الميليشيات المواليين للحكومة والذين اعتقدوا على الأرجح أنه عضو في تنظيم الدولة الإسلامية. تصر نور على أنه لم يكن كذلك. وهو في عداد المفقودين حتى يومنا هذا.

وولد ابنها في عام 2016 في مستشفى يديره تنظيم الدولة الإسلامية، وحصل ابنهما على شهادة ميلاد موثقة من التنظيم. بما أن العراق لا يعترف بوثائق التنظيم، فإن الطفل البالغ من العمر ثلاثة أعوام ليس لديه أم أو أب قانونيان.

وأبلغت نور أنها بحاجة للعثور على زوجها لإعادة تسجيل ميلاد ابنها، إذا قدمت بلاغا عن شخص مفقود، فسوف يثير ذلك أسئلة حول نسب الطفل ، ما يعرض حقه في الجنسية للخطر.

وقال القاضي في محكمة استئناف عدنان شلبي، إنه ينظر في أكثر من 12 قضية كل يوم تتعلق بالوثائق المدنية، والتي ترفعها إلى حد كبير زوجات أو أرامل أو مطلقات لمشتبهين بأنهم من التنظيم، وقال إنه دون تغيير القانون أولا فلا يوجد الكثير مما يمكنه عمله للمساعدة.

(أ ب)

وأضاف شلبي "سيطر داعش على المدينة لمدة ثلاثة أعوام. هل توقف الناس عن الزواج والطلاق وإنجاب الأطفال خلال هذه الأعوام الثلاثة؟ ... نحن بحاجة إلى حل تشريعي".

وقال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إن هناك رغبة لتغيير قوانين الأسرة والميراث، رغم وجود اقتراح بفتح السجلات المدنية لفترة محدودة لتسجيل الأطفال غير المسجلين. وقال: "هذه العائلات بحاجة إلى الرعاية. لا يمكن تركها لتذوب في المجتمع".

وخارج مسجد في الموصل، حيث كانت أم يوسف تبيع الخبز مع أطفالها، قالت الأرملة الأم لسبعة أطفال إنها تفقد قوتها لرعاية أسرتها. وأضافت: "نحن محرومون من كل شيء ... تم تدمير الأسرة بأكملها".

التعليقات