11/05/2015 - 14:19

الإشباع الحسيّ والتفرّد الإبداعي/ عدي محاميد

​في الإشباع الحِسي بما يتلقاه الفرد أسمى أنواع الفنون الحسيّة إجمالاً، يصل إلى تشعبات في المسالِك النفسية في بناء سيكولوجيته وفي أوجِ تقطبه الحسيّ-النفسي، كالفرح أو الاكتئاب الشديدين مما يعكس ذلك تباعاً على تصرفاته في بناء المجتمع وإنتاجا

الإشباع الحسيّ والتفرّد الإبداعي/ عدي محاميد

في الإشباع الحِسي بما يتلقاه الفرد أسمى أنواع الفنون الحسيّة إجمالاً، يصل إلى تشعبات في المسالِك النفسية في بناء سيكولوجيته وفي أوجِ تقطبه الحسيّ-النفسي، كالفرح أو الاكتئاب الشديدين مما يعكس ذلك تباعاً على تصرفاته في بناء المجتمع وإنتاجاته.

فحينَ الولوج لدرويش الفكرة والشعر، دواماته الشيّقة في الوطن والحبيبة، إلى حد الإشباع الحسيّ بجملة تلو الجملة يفقد الفرد نفسه بحاجتها لتعبير عن المشاهد اليومية البسيطة كجلوسك المقهى مثلاً، أو أن يستَرِقَ الفرد السمع لكفوري الإحساس والصوت، دندنته خلال أغانيه وتدريباته (البروفا)، حتى الرِضا والتماشي مع الحالة العاطفية الرومانسيّة المفرطة بإحدى قطبيها يؤول ذلك بالاحتمال القريب للمطلق إلى العُقم الإنتاجي للشعور اللحظي في التعبير العام للفرد.

وعن تأثير الإشباع الحسيّ نحو القولَبة المجتمعية لإحساس الأفراد وإن كان خيالياً في التصوّر العام، بالرغم من اختلاف الذوق الفردي للأفراد في حياتهم الشخصيّة، فإن الفنون الحِسيّة وما تصدره للفرد في المجموعة، أو المجموعة نفسها، وإن كان لحظياً في مداه القريب إلا أن تأثيره المتأخر على بناء سيكولوجيته في جميعِ زواياها، في حال توجيهها – الفنون الحسيّة- للمستهلك بطريقة تحمل أجندات شخصيّة أو عامة من المنتج ستؤدي بالضرورة إلى حصر الفرد في المجموعة العامة في قوالب التفكير المجموعاتيّة المشابهة له –الفرد- كمسلسل 'فوضى' الإسرائيلي وتوجهه للأسرلة بخطابه العام.

الإشباع الحِسيّ نحو تقليد الفرد للأنموذج والقدوة، ويتشكل الأنموذج القدوة غالباً من خلال البيئة، تشمل الافتراضيّة، التي تحيط بالفرد، ومن خلال القيم التي ترتبط بهذه البيئة. فمن المعلوم أن كل بيئة مهما كان نوعها (سياسية، دينية، فنية أو رياضية) تنتج غالباً قيماً خاصة بها، ويدفع الفرد نفسه في إنتاجيته الشخصيّة بقالب الأنموذج القدوة مما يجعله أسير غيره بالخلق والإبداع كآلاف الشعراء في الوطن العربي في تقليد مدرسة القباني ودرويش مما أبقاهم أشباه شعراء لا أكثر.

إنَّ الإشباع الحسيّ لحواس الفرد جميعها هو المانع الأكبر لكمية الانتاج الإبداعي للفرد، ويدفعه التعمّق به إلى الأنصهار في فكرة القطيع ودوائره المغلقة، قطيع الفكرة والممارسة، وبما أن الفرد هو الوحدة الأقل والأصغر واللُبنة ألأساسية لبناء ما يسمى بالمجتمع بصوره وأشكاله، التي تعود إليه الصور والأشكال المجتمعية بتأثيراتها السلبية عليه. كل ذلك يدفع الفرد في التفرّد في خلق إشباعه الحِسيّ لا في إشباعات القطيع على اختلافها وقوالبها.

التعليقات