24/03/2012 - 17:11

الناصرة حقل شبابي خصب/ نايف أبو أحمد

مثالا على ذلك اللغة التي أصبحت كالهوية مشوهة، والعادات والتقاليد التي بدأت بالتلاشي رغم أن لذلك جانبا ايجابيا ايضا لكن لا يجب انكار دور هذه العادات كروابط اجتماعية ميزت شعبنا عن الشعوب الاخرى. ويبقى السؤال كيف يمكن المحافظة على هوية شبابنا وفي آن واحد مع التخلص من الاعراف التي شكلت قيدا لبلورة الهوية والشخصية لدى الشباب النصراوي ؟ وكيف يمكن فرض الهوية النقية من جديد في رؤوسهم؟؟

الناصرة حقل شبابي خصب/ نايف أبو أحمد

- نايف أبو أحمد -

تعتبر الناصرة أكبر مدينة عربية في الداخل الفلسطيني وأهم المدن اقتصاديا وثقافيا بمرحلة معينة، لكنها وللأسف من أكثر المدن التي تعاني من المشاكل الاجتماعية ليس من منطلق أنها الاكثر عددا للسكان، لكن لعوامل اخرى كثيرة اهمها الاقتصاد الرديء فيها والكثافة السكانية على مسطح ارض صغير ما جعل الاحتكاك بين سكانها زائدا عن حده وبالتالي ولد هذا حالات اجتماعية سيئة .
 
كل ما ذكر حتى الآن هو عوامل بيئية أثرت اجتماعيا على شباب الناصرة من عدة جهات لكن يجب أن يذكر ايضا أن هنالك عوامل اخرى وهي نتاج سياسة الدولة بحق هؤلاء الذين يدفعون ثمنا لرفض الظاهر من هذه السياسة التي ميزت ضدهم بشكل واضح وصريح وأرادت أسرلتهم ليتحولوا من عدد شبابي كبير حامل للثوابت الوطنية الى شباب فاقد الهوية غير قادر على تعريف ذاته. ما لا يمكن انكاره أن هذه السياسة نجحت بمرحلة معينة ولو كان نجاحا جزئيا في فرض سياستها المغلوطة ويمكن ملاحظة ذلك في عدة أمور بسيطة وظاهرة للعيان.
 
اللغة
مثالا على ذلك اللغة التي أصبحت كالهوية مشوهة، والعادات والتقاليد التي بدأت بالتلاشي رغم أن لذلك جانبا ايجابيا ايضا لكن لا يجب انكار دور هذه العادات كروابط اجتماعية ميزت شعبنا عن الشعوب الاخرى. ويبقى السؤال كيف يمكن المحافظة على هوية شبابنا وفي آن واحد مع التخلص من الاعراف التي شكلت قيدا لبلورة الهوية والشخصية لدى الشباب النصراوي ؟ وكيف يمكن فرض الهوية النقية من جديد في رؤوسهم؟؟
 
كيف نفرض الهوية النقية
للاجابه على هذا السؤال يجب أن نذكر اولا أن المجتمع النصراوي بطبقته المثقفة، شكل مجتمعا مدنيا علمانيا قبل الاحتلال وبذات الوقت تمسك بالعادات والتقاليد العربية للشعب الفلسطيني، إلا أنه وبسبب الضغوط التي تعرض لها اكثر من سائر المدن الفلسطينيه تمسك بالتمدن والعلمانية وابتعد عن الاعراف جزئيا ليتمكن من خلق موازنة اقتصادية، تمكنه من الصمود في وجه العواصف والأزمات التي مر بها المجتمع ككل فمثلا: اصبح للمرأة دور اكبر في سوق العمل وحافظت الطبقة المثقفة على قيادة المجتمع رغم كل ما تعرضت له من مضايقات الدولة وسياستها مثل التقليصات في الوظائف ومنع عمل المثقفين بوظائف معينة. بشكل عام ما تعرضت له الطبقة المثقفة بالداخل الفلسطيني شكل مثقفو الناصرة جزء لا يتجزء منه الى أنه وللأسف نسبة الشباب الذي ظهرت عليه شوائب الأسرله لا يستهان به حتى من الشباب المثقف، وبالسنوات الاخيرة الطبقة المثقفة بدأت تفقد توازنها الثقافي وبالتالي فقدت دورها السياسي والاجتماعي ايضا بشكل جزئي أو لنكن أكثر دقة بدأت تفقد من مصداقيتها، لأنها غير قادرة على الانتاج لصالح الطبقات الاخرى المقصود هنا طبعا الانتاج الفكري القابل للتطبيق على الارض وليس التنظير بنظريات مثالية غير قابلة للتطبيق. هنا كان دور الشباب الوطني الذي لم يتأثر بالأسرلة ولا بالبيئة الصعبة ورغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي فرضت عليه أو في بعض الاحيان فرضها على نفسه ليحافظ على نقاء الروح الوطنية الا أنه شكل نواة صلبة للثوابت الوطنية التي فرضها على الارض بطرقه المحدودة لكنه على الاقل أبقى على وجود ثوابته متحديا بذلك نظام الابرتهايد والبيئة الاجتماعية الآخذة بالتلوث والتفتت والابتعاد عن قيم الانسان العربي، وبالتالي شكلت النواة الصلبة من الشباب الوطني المثقف دورا مهما في بلورة الهوية للاجيال المتصاعدة على اسس نضالية لا تخلو من التشوه طبعا لكنها اكثر حزما في الحفاظ على نفس النضال واستمراريته في عقول الشباب من خلال حملات توعوية ونشاطات سياسية واجتماعية أما كانت مختارة من قبلهم وعلى حسب الجو العام المتقلب للمجتمع أو اجبروا عليها وسيروا نحوها من قبل النظام السياسي السائد.
 
الطبقة الكادحة
دور الطبقة المثقفة الذي بدا يتعافى بشكل ملحوظ لا يلغي دور الطبقة الكادحة والعامله التي ازدادت رقعتها نتيجة التمييز العنصري وسياسة التجهيل ضد العرب وهؤلاء رغم ضعف قدراتهم لضعف الوسائل لديهم والانهماك المفروض عليهم لكسب لقمة العيش ما يمنعهم حتى بمجرد التفكير في فرض سياسه مقاومة أو مجرد التعبير ولو بشكل رمزي عن استغلالهم إما لخوفهم من العقاب في لقمة عيشهم أو لاقتناعهم أو لفرض القناعة على انفسهم بالرضى والقبول في السياسة المتبعة من قبل النظام والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ قيام دولة اسرائيل، بمعنى آخر جزء كبير من هذه الطبقة رضخ جزئيا لسياسة الترهيب بفقدان لقمة العيش أو الترهيب بفقدان التعايش السرابي وبالتالي فقدان العمل والقدرة على اعالة الذات وهذا ما اصبح طموحا لهؤلاء .
 
انعدام الأطر الشبابية
كل ما ذكر حتى الآن خلق حالة من انعدام الأطر لدى الشباب العربي في الناصرة أو حالة من عدم قدرة الأطر من استيعاب اعداد كبيرة من الشباب لضيق الامكانيات المتاحه أو للاستغلال الخاطئ للامكانيات المتاحة من قبل السلطة المحلية في المدينة وما كان متوفرا هو اطر اجتماعية بسيطة شكلتها جمعيات شبابية بقدرات محدودة أو أطر حزبية بدا الشباب الوطني الواعي يأخذ دوره بشكل متوارث من جيل لآخر للتمكن من استيعاب اكبر عدد من شباب واعٍ مثقف يحمل فكرا وهوية نقية من شوائب الاسرلة.

التعليقات