14/05/2016 - 16:25

اتحاد الشباب بين الانطلاقة والاستمراريّة/ علي زبيدات

إن كنّا نودّ لفت النظر لسهواتٍ وكبوات، فَلا بُدّ لنا بدايًة من تعداد بعض المُنجزات التي تستحق الوقوف عندها دون إسهابٍ لألا نضطر لتقديم تقرير نبدأ بكتابته الآن وقد ننهيه بعد المؤتمر.

اتحاد الشباب بين الانطلاقة والاستمراريّة/ علي زبيدات

جاءت مقالات الرفاق عشيّة مؤتمر التجمع القريب مُثرية للنقاش، ملامسةً لمواقع ألمٍ ومطارح إشكالٍ، باعتقادي، لا بُدَّ لنا من التعامل معها واستبيان أسبابها وحيثياتها وتدارس سُبُلَ علاجها بأنجع طريقة لإنهاء حالة المخاض التي يعيشها التجمع الوطني الديمقراطي، وإن كانت كثافة الكتابة وجرأتها واختلاف أجيال كُتّابها يدل على شيء فإنما يدل لا محالة على أنَّ التجمع بعد توسعه بين الناس وانتشار خطابه واستقطاب الكثير من نُخب شعبنا اتجاهه، خاصةً الشباب منهم، بات حزبًا حيويًا ذا ديناميكيةٍ تُمكنه من التعرّض للنقد والنقد الحادّ سرًّا وعلنًا، وهي خاصيةُ تفتقر لها أحزاب وحركات كانت مهيمنةً في الساحة واتّسمت ببنيتها التنظيميّة المتماسكة والمعمّرة أيضًا إنْ صح التعبير.

إن كنّا نودّ لفت النظر لسهواتٍ وكبوات، فَلا بُدّ لنا بدايًة من تعداد بعض المُنجزات التي تستحق الوقوف عندها دون إسهابٍ لألا نضطر لتقديم تقرير نبدأ بكتابته الآن وقد ننهيه بعد المؤتمر.

فالاحتكاك بعشرات آلاف الشباب الفلسطيني في الداخل، وهو بالمناسبة ما عجزت عنه جمعيّات شبابيّة، خلال سنتين فقط بطرق مختلفةٍ كمواصلات امتحان البسيخومتري والأيام المفتوحة وأيام التوجيه الدراسيّ ودورات القيادة الشابّة في عشرات القرى والمدن، كذلك على سبيل الذكر لا الحصر، معسكرات اتحاد الشباب العاملة على تثقيف كوادر التجمع وطنيًّا وصقل وعيهم في وجه محاولات كيّ الوعي إضافة إلى الإضافة النوعيّة في العمل الميدانيّ في معسكريّ صمود الأول والثاني في قريتي الزرنوق والسرّة مسلوبتي الاعتراف وتشييد المهدّم وإحلال الأخضر مكان اليابس عدا منجزات كل فرعٍ على حدة، هي مُنجزاتٌ في أقل تقدير تستحق وقفة إجلال وإكبار لهذا الشباب الشامخ في وجه الاحتلال، المعتز بعروبته، الثابت على وطنيّته، الحيويّ في اتخاذ المواقف تجاه حيزه والمساهم مساهمةً فاعلةً في تطوير مجتمعه وإفادة شعبه، ولا ننسى طبعًا العاملين على هذه المشاريع والمرافقين للشباب خطوةً بخطوة لمجهودهم العظيم وتألق عطائهم.

وإن سُئلت عن رأيي الشخصي حوا أهم ما أنجزه التجمع والاتحاد خلال هذه الفترة فأقول دون شكٍّ أو مواربَةٍ، إنَّ عملية إعادة التأسيس وبناء هيكليّة الاتحاد مُجدّدا بعد فترة خمولٍ وضمورٍ عن الساحة لتكون ذراعًا، بل وقبضةً، للحركة الوطنيّة في الداخل الفلسطينيّ في وجه الاحتلال والأسرلة والطائفيّة والعائليّة وكل مظاهر الرجعيّة، هو أهم إنجاز حققه التجمع خلال هذه الفترة، إضافةً إلى كونه أوسع تنظيم شبابيّ في الداخل مناهض للأسرلة ومخططات تشويه الوعيّ يستقطب الشباب لإطاره الوطني التقدميّ، لا سيّما في ظل المشاريع الهادفة إلى إعادة صياغة "عربي جديد" على مقاس المؤسسة وأذرعها الأمنيّة، والأخطر من هذا هو جو اللامبالاة وتلبد المشاعر عند قطاعات واسعة من شعبنا استدخلت مظاهر الهزيمة ورسّختها، كما وعلقت على أطرافها قاصدةً أو غير قاصدة لوثة المصلحة الشخصيّة.

كما أضحى الاتحاد اليوم عنوانًا للشباب والشابات في مختلف القضايا والموضوعات، سياسيّةً كانت أم اجتماعيّة.

 لكن لا ضير ولا ضرار من الاعتراف أنّ في ثنايا هذه المنجزات ونشوةِ النجاح، علقت رواسب أخلّت بالتوازن التنظيميّ، كانت بدايتها بمعارك، بمعناها المجازيّ طبعًا، خاضها الاتحاد كانت فائضةً عن الحاجة، وليس آخرها معارك لم يحُسن إدارتها أو اختيار توقيتها المناسب، والأنّكى من هذا أنَّ الاتحاد خاض المعركة وشارك فيها الحزب بدلًا من المتعارف عليه وهو أن يخوض الحزب المعركة ويشارك فيها الاتحاد!

والسؤال هنا ليس هل حاربنا لأجل قضايا عادلة أم لا؟ فهو سؤال محسومةُ الإجابة عنهُ مُسبقًا بالإيجاب طبعًا، لكن السؤال "هل أجدنا خوض المعارك لنخرج منها رابحين أو على الأقل كنّا مدافعين ناجحين عن عدالة هذه القضايا؟ وهل أحسنّا رسم التكتيك لتدعيم الاستراتيجية؟ وهل الطريقة التي خضنا بها هذه المعارك ساهمت في رفع الظلم وإحلال الحق أم أنها لم تساهم سوى بضرب هيبة الحزب بين الناس؟ والأهم، هل خضناها بقناعاتنا التامّة أم من باب مُرغمٌ أخاكَ لا بطلُ؟

هي أسئلة يجب الوقوف عندها قبيل المؤتمر، لكن يجدر الإشارة الى أن شباب التجمع، حيثما خاضوا أي معركة، خاضوها بأخلاق الحركة الوطنيّة وكانوا مدافعين بواسل أشاوس عن الحق والعدل وكل القيم الإنسانيّة التي نمت بالفطرة.

ويمثُل امامنا الآن تحديات يجدُر بنا مجابهتها بالحكمة والتروي وبقبضةٍ من حديد إذا ما استدعى الأمر ذلك، أهمها توسيع قاعدتنا الشعبيّة ونفاذ خطابنا الوطني التقدمي لأكبر كم من الشباب ومواجهة مظاهر العمالة والرجعيّة، والأهم، عدم الاكتفاء بالانطلاقة، بل الكدّ للحفاظ على الاستمراريّة وأن نستمر في هذا الطريق القويم طريق العروبة بكبريائها واليسار بعدالته.

التعليقات