سلامة: مجتمعنا بأمس الحاجة لتطوير التوجيه الدراسي ومأسسته

الأسس والمعايير التي تستوجب النظر إليها حين يقف الطالب أمام اختيار الموضوع الدراسي، ليست عبارة عن قائمة مُحددة ومُغلقة، بل وأكثر من ذلك ممكن أن تختلف بين إنسان وآخر أو بيئة وأخرى

سلامة: مجتمعنا بأمس الحاجة لتطوير التوجيه الدراسي ومأسسته

للتوجيه الدراسي أهمية بالغة في دفع عجلة التنمية العلمية والاقتصادية في مجتمعنا العربي، وضعف الوعي حوله يتسبب بالعديد من الأضرار على صعيد الفرد خاصة، وعلى صعيد المجتمع عامة، وإذا ما رغبنا بالمساهمة في تحقيق نهضة علمية واقتصادية شاملة، فمن الأمور التي تستوجب الاهتمام البالغ العمل على إيجاد توجيه دراسي ومهني متخصص يسهم في الكشف عن احتياجات المجتمع وسوق العمل، والقدرة على كشف عن الميول والرغبات والقدرات والمواهب عند طلابنا، والتوفيق بين الأمرين، ليشق كل شاب وفتاة في المجتمع طريقه وليحقق ذاته بالمساهمة الفعالة في تحقيق التنمية العلمية والاقتصادية.

وصدق قول القائد الراحل جمال عبد الناصر 'الخائفون لا يصنعون الحرية، والمترددون لن تقوى أياديهم المرتعشة على البناء'.

أهمية اختيار الموضوع الذي تحبه

المحامي راني سلامة من بلدة مجد الكروم، أحد الشباب الناشطين في مجال التوجيه الدراسي، يقول لـ'عرب 48' حول توجيه الطالب العربي لاختيار الموضوع الأكثر ملاءمة له لدراسته في الجامعة أو الكلية، إن 'الأسس والمعايير التي تستوجب النظر إليها حين يقف الطالب أمام اختيار الموضوع الدراسي، ليست عبارة عن قائمة مُحددة ومُغلقة، بل وأكثر من ذلك ممكن أن تختلف بين إنسان وآخر أو بيئة وأخرى، ولكن هناك ثلاثة أمور غاية في الأهمية بنظري، أحاول نقلها دومًا للطلاب الثانويين المقبلين على الجامعات في كل مقام، الأول أن يكون الاختيار خالص لك وحدك، بمعنى أن تختار موضوعك الدراسي دون تأثير أي عامل من العوامل الخارجية كنظرة المجتمع، أحلام العائلة، الظروف البيئية، شروط القبول وأمور أخرى. والثاني، أن تفهم ما هي المواصفات المطلوبة للنجاح في هذا الموضوع خلال فترة التعليم وبعد التخرّج والخروج إلى سوق العمل، على الطالب أن يسأل نفسه هل هذه المواصفات متواجدة لدي؟، وهل بإمكاني اكتساب أو تحسين هذه الصفات؟. والثالث، عليك اختيار مهنة تلائم تطلعاتك وآفاقك'.

وأضاف: 'لا شك أن أحد أهم أسرار النجاح هو أن تفعل أشياء تجعلك سعيدًا وتجلب لك الاكتفاء الذاتي، فإن اخترت موضوعا لا تحب دراسته أو مهنة لا تحب ممارستها، فستكون بعيدًا كل البعد عن الاكتفاء الذاتي، ومن هنا ممكن أن يؤدي ذلك لنوع من الإحباط أو اليأس'.

*هل ترى أن التوجيه الدراسي يحظى باهتمام لدى الطلاب العرب؟

أدركت الأهمية القصوى للتوجيه الدراسي حين بادرت من خلال نشاطي في التجمع الوطني الديمقراطي، إلى إقامة أيام للتوجيه الدراسي على شكل مشروع سنوي. لمست بشكل عام عدم وجود بوصلة محددة لدى معظم الطلاب لكيفية اختيار موضوعهم الدراسي. زد على ذلك عدم الدراية لأهمية وجود أهداف واضحة المعالم في هذه الفترة الحساسة بالذات.

*كيف بالإمكان فتح آفاق جديدة أمام الطالب في ظل وجود الكثير من المعوقات والصعوبات التي تقيده، وفرض مواضيع معينة لدراستها بالجامعة؟

لا شك بأن مجتمعنا بأمس الحاجة لتطوير فكرة التوجيه الدراسي ومأسستها، بالذات في ظل العراقيل الكثيرة التي تواجه الطالب العربي بدايةً بسياسات تشويه الهوية التي تنعكس في المنهاج الدراسي خلال سنواته الدراسية في المدرسة مرورًا بالتمييز الواضح الذي يلاقيه في شروط القبول للجامعات، كتحديد جيل القبول لمواضيع عديدة، طريقة امتحان البسيخومتري وما شابه.

*ما هي صورة الوضع الراهن لآليات التعاون بين الأطر والجمعيات العربية الفاعلة في هذا المضمار؟

موضوع التوجيه الدراسي هو أمر في غاية الأهمية. مما لا شك فيه أن غياب إطار ممثل جامع يليق بمجتمعنا العربي وغياب الحكم الذاتي الثقافي يُصعب المهمة. وهنا يأتي دور  الأحزاب، الأطر والجمعيات الفاعلة في بلداتنا العربية التي تقع عليها مهمة إقامة المشاريع والفعاليات في هذا الصدد، وهذا أضعف الإيمان. هذا من شأنه أن يفتح آفاق الطالب العربي في هذه الفترة الحساسة من عمره وأن يجعل مهمة اختياره للمسار الدراسي الذي يلائم شخصيته وتطلعاته أسهل وأنجع، وبالتالي سيعود هذا بالنفع على المجتمع ككل.

النجاح الكبير التي تلاقيها أيام التوجيه الدراسي التي نقوم في التجمع الوطني الديمقراطي بتنظيمها سنويًا في مجد الكروم بمشاركة طلاب جامعيين ومستشارين مختصين كالمدرب أشرف قرطام والمستشار عودة شحبري هي أكبر إثبات للحاجة الكبيرة لدى طلابنا لمثل هذه الفعاليات، ومن هنا أناشد الأحزاب، الجمعيات والأطر الفاعلة أن تقوم بمثل هذه الفعاليات في كافة بلداتنا العربية.

التعليقات