علاقات الـ"فيسبوك" .. حقيقة أم وهم؟

مع انتشار الإنترنت، سعى كل شخص في اكتشاف هذه الشبكة العنكبوتية للتواصل مع الآخرين، والتعرف على أشخاص من بلدان مختلفة، خاصة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي من فيسبوك وخلافه، حيث عمل على تقريب المسافات

علاقات الـ

مع انتشار الإنترنت، سعى كل شخص في اكتشاف هذه الشبكة العنكبوتية للتواصل مع الآخرين، والتعرف على أشخاص من بلدان مختلفة، خاصة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي من فيسبوك وخلافه، حيث عمل على تقريب المسافات، وإزالة الحواجز الجغرافية والفكرية والثقافية، مما جعل الأمر يتطور من مجرد علاقات اجتماعية وصداقات، إلى تكوين علاقات عاطفية وحب وزواج من خلال الإنترنت وعبر مواقع التواصل.

تقول د. ليزا مكاي، الطبيبة النفسية الأمريكية، والمتخصصة في العلاقات طويلة المسافات، في مقال لها بموقع “لايف هاك”: الأبحاث الحديثة تشير إلى أن المرتبطين بعلاقة طويلة المسافات يتحدثون أكثر من الذين يعيشون في مدينة واحدة ولكنهما يتفاعلان بشكل أعمق وأكثر وضوحا من الآخرين، ويساعدهم ذلك على التعرف ببعض أكثر وبشكل جيد وأعمق، لافتة إلى أن العلاقة التي تقوم على بعد المسافات تعتمد في المقام الأول على الحميمية العاطفية والتقارب الروحي أكثر من الحميمية الجسدية، وبهذا فإن الحب هو الذي يحرك هذه العلاقة، وهو ما يجعلها تستمر أكثر من العلاقة التي تبنى على الانجذاب الجسدي أو الشكلي.

وتضيف مكاي: أنه عندما تقوم العلاقة بين اثنين بعيدين عن بعضهما البعض، فهنا تقوم العلاقة على أساس الثقة بين الطرفين والتوافق الفكري، لأنك تكون مطمئنا وواثقا في أن شريكك لن يخونك أو يعبث بكرامتك وأنت بعيد، مشيرة إلى أن ما يميز العلاقات بعيدة المسافة أنها تمنح المرء سعة من الوقت لنفسه يقضيه مع الأصدقاء والأقارب، ويستطيع ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية ويستمر في علاقات إنسانية أخرى، على عكس العلاقات القريبة التي تحكم عليك في بعض الأحيان بالتفرغ لها فقط، كذلك فإن الحياة بمفردك تعلم الشخص كيف يواجه تحديات الحياة والصعوبات بمفرده دون الاعتماد على أحد؟ ويكون على شريكك أن يدعمك عاطفيا فقط لتكون قادرا على مواجهة هذه التحديات مما يكون له أثر إيجابي على شخصية الفرد في الاعتماد على نفسه.

ويعقب على ذلك د.أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، قائلا: إن كثيرا من الشباب يدخلون في علاقات عاطفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أو مواقع الدردشة باعتبارها أحد السبل الحديثة للتعرف على أشخاص آخرين وتفريغ الطاقة الداخلية الكامنة من خلال هذه العلاقات، وربما تنتج عن هذه العلاقة زواج في نهاية المطاف، لكن أغلب هذه العلاقات تكون مزيفة وتعتمد على الأهواء الشخصية والتلاعب بمشاعر الآخرين، لافتا إلى أن بعض العلاقات العاطفية التي تنشأ عبر الإنترنت وتنتهي بالزواج تنجح بسبب وجود نوايا طيبة وصادقة بين الطرفين، كما أن لديهما جدية في معرفة كل شخص للآخر، لذلك لابد أن يكون هناك مصارحة متبادلة، أما إذا كانت الأمور تسير عكس ذلك، فمن الطبيعي أن نعرف أن الطرفين يقضيان وقتا جميلا مع بعضهما دون تعرف كل منهما على الآخر.

ويوضح عبدالله أنه من أسوأ العلاقات التي تنشأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي تلك التي تقوم على الخداع بين الطرفين، من خلال إخفاء كل طرف لحقيقته عن الطرف الآخر وربما هويته وصورته، ففي بعض الأحيان يتحدث الشاب مع فتاة ويكتشف في آخر المطاف أنها ذكر مثله، فيكتشفا أن أحدهما ضحية الآخر ولكن بعد فوات الأوان، مؤكدا أن هذه الحالات من شأنها أن تؤثر على الحالة النفسية للشخص بشكل كبير ولا تزول بسرعة، أما العلاقات التي تنتهي بالزواج فنسبة نجاحها تكون متفاوتة على حسب طبيعة الشخص والأسرة والتنشئة الاجتماعية، وما إذا كانت العلاقة مبنية على الصراحة منذ البداية أم لا؟.

وعن أسباب اللجوء لمثل هذه العلاقات، توضح د.أميرة بدران، المتخصصة في العلاقات الاجتماعية، أن لجوء الشباب إلى إنشاء علاقات عاطفية من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي يرجع إلى الفراغ النفسي، وعدم توفر أنشطة مفيدة لهم، فالفطرة تدفعهم إلى الحب والارتباط من خلال هذه الطريقة، بالإضافة إلى وجود مشكلات داخل الأسرة وعدم الاهتمام النفسي وغياب لغة الحوار، فيلجأ الشاب والفتاة إلى عالم الشبكة العنكبوتية الواسع ليستمع إلى أي شخص ويحدثه عما يدور في ذهنه وتتطور العلاقة إلى أن تأخذ شكل الحب بالتزوير، كما أن الحالة الاقتصادية السيئة وزيادة متطلبات الزواج وانتشار البطالة من عوامل انتشار تلك العلاقات، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يكون الشخص يعاني مشكلات نفسية واجتماعية لذلك يلجأ إلى علاقات الإنترنت لكي يفرغ طاقته، ويعالج مشاكله النفسية.

وتشير بدران إلى أن العلاقات العاطفية التي تقوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي غالبيتها غير حقيقية وتقوم على الكذب والخداع، مؤكدة أن كل شخص لديه شخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي ليست شخصيته الحقيقية ولكنها الشخصية التي يتمنى أن يكون عليها، موضحة أن الوقاية من هذا الخطر لا تكمن في الرقابة ولكنها تتمثل في ملء وقت الفراغ وخاصة الفراغ النفسي والاجتماعي الذي يلاحق الشباب، وفي حالة وجود علاقة قوية بين الشباب وأسرهم، يدعمها واعز ديني، فستكون لديهم رقابة من الداخل تمنعهم من الوصول إلى احتياجاتهم العاطفية بطريقة خاطئة وتمنعهم من خداع الآخرين والتلاعب بمشاعرهم، كذلك عندما تكون هناك علاقات اجتماعية ناجحة قائمة على الحوار والتبادل المعرفي فلن يلجأ الشاب لمثل هذه العلاقات المضطربة.

اقرأ/ي أيضًا| أين تتفوق المرأة على الرجل؟

التعليقات