"جِبْ الذِّيب": العام الدراسي يبدأ على أنقاض مدرسة هدمها الاحتلال

أزال جيش الاحتلال، مساء أمس الثلاثاء، غرفاً صفّية "متنقلة" وصادر محتوياتها، بعد أن تم تجهيزها في قرية "بيت تعمر"، شرق بيت لحم، استعداداً لاستقبال 64 طالبًا وطالبة من الصف الأول وحتى الرابع الابتدائي.

(الأناضول)

صور كثيرة رسمها الطفل الفلسطيني، محمد إياد، ابن العشرة أعوام، في مخيلته، لليوم الأول في مدرسته الجديدة "جِبْ الذِّيب"، شرق بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، قبل أن تستولي قوات الاحتلال الإسرائيلية على غرفها "المتنقلة"، عشية بدء العام الدراسي الجديد في فلسطين.

وأزال جيش الاحتلال، مساء أمس الثلاثاء، غرفاً صفّية "متنقلة" وصادر محتوياتها، بعد أن تم تجهيزها في قرية "بيت تعمر"، شرق بيت لحم، استعداداً لاستقبال 64 طالبًا وطالبة من الصف الأول وحتى الرابع الابتدائي.

وافتتح اليوم، الأربعاء، العام الدراسي في أراضي السلطة الفلسطينية، حيث توجّه قرابة مليون و250 ألف طالب، إلى حوالي ثلاثة آلاف مدرسة حكومية وخاصة وأخرى تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ومع صبيحة اليوم الأول من العام الدراسي، توجّه طلبة "جِبْ الذِّيب"، والهيئة التدريسية وأهالي الطلبة لمكان المدرسة، مصطحبين معهم بعض المقاعد، ليجد الأطفال ما يجلسون عليه، تحت سقف خيمة تم نصبها مكان المدرسة.

وبكلماته البسيطة، يقول الطفل محمد: "أنا بالصف الرابع الابتدائي، لقد هدموا مدرستنا، مش من حق اليهود أن يهدموها، هذه مدرستنا، الأرض ليست لهم، هم يقتلونا".

يتابع بينما تجمّع الأطفال حوله: "هدموا مدرستنا ولا يجب أن يهدموها، هي مدرستنا، وليست لهم نحن بنيناها، الآن ندرس بالخيمة، ونتمنى ألا يهدموها كما هدموا المدرسة".

وتواجد أحد سكان القرية، وليد زواهرة، صباحًا في موقع المدرسة، إلى جانب عشرات الطلاب وأهاليهم وجمع من المسؤولين والصحفيين الفلسطينيين.

يقول زواهرة: "تم وضع خمس غرف صفّية بتمويل من الدول المانحة، بعد حصول أهالي القرية على موافقة مبدئية، بإنشائها من جانب الاحتلال على هذه الأرض".

وأضاف: "تفاجأنا مساء أمس الثلاثاء، باقتحام قوة عسكرية كبيرة للاحتلال، مدعومة بالجرافات، وأزالوا الغرف الصفية وصادروا محتوياتها كافة، ولم يتركوا أثرا لها".

وحاول أهالي القرية التصدي للقوات الاحتلال وحماية المدرسة، إلا أن الجنود منعوهم من التقدم، وأزالوا الغرف الصفية بالقوة.

ويقول زواهرة، وهو يشير إلى الأطفال الذين تصببوا عرقا جراء مكوثهم تحت أشعة الشمس: "نحن نخشى على مستقبل أطفالنا، فالمدرسة الوحيدة الموجودة بالقرية صغيرة جدا ومستأجرة، ولا تكفي لأعداد الأطفال المتزايدة".

وكان أطفال "بيت تعمر" يضطرون لسلوك مسافة 5 - 7 كيلو مترًا، للوصول لمدارس في قرى ومناطق أخرى خارج قريتهم.

وقال زواهرة: "تواجهنا مشكلة كبيرة دون هذه المدرسة".

وداخل الخيمة التي نُصبت في موقع المدرسة، انشغلت المعلمة بشرى حماد، في تجميع الطلبة داخل الخيمة.

وقالت حماد: "حضرنا يوم الثلاثاء للمدرسة، كانت مبنية من الصفيح والغرف المتنقلة".

وأضافت: "اليوم لم نر شيئًا من المدرسة سوى الأرض التي كانت تقام عليها، وقد امتلأت ببقايا ذخيرة فارغة من قنابل صوت وغاز ورصاص حي، أطلقها الجيش الإسرائيلي أمس خلال هدمه للمدرسة والاستيلاء على محتوياتها".

وتشير إلى مستوطنة إسرائيلية قريبة من المدرسة وتقول: "في هذه المستوطنات مدارس لا يمكن مقارنتها بمدارسنا، نحن نبني المدارس من الصفيح، ونتحدى كل الظروف لنعلم أطفالنا، وهم يعلمون أطفالهم بمدارس مجهزة بأحدث الأجهزة والأدوات".

ووصفت المعلمة حال الطلبة في يومهم الأول، قائلة: "جاء الأطفال سعداء في بداية الأمر، لكنهم تعبوا تحت الشمس، وعطشوا، عدا عن عدم وجود وحدات صحية لقضاء حاجتهم".

وقالت: "أحضر الأطفال مصروفهم لشراء حاجيات لهم، لكنهم بحثوا عن مقصف المدرسة ولم يجدوه".

من ناحيته، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية)، وليد عساف، إن إسرائيل ارتكبت "مجزرة بحق التعليم".

وأضاف خلال تواجده في قرية بيت تعمر: "شهد الأسبوع الأخير ثلاثة اعتداءات إسرائيلية على المدارس، الأول كان بسرقة لوحات شمسية من إحدى المدارس، والثاني هدم روضة (جبل البابا) في العيزرية قرب القدس المحتلة، وهدم هذه المدرسة ومصادرة محتوياتها بشكل كامل".

وأشار الوزير إلى أن ما يجري هو "هجمة إسرائيلية ضد التواجد الفلسطيني، في أراضيه وضد حقه بالحياة والتعليم".

وأضاف: "ندرك أن هذا احتلال، وأنه لا يملك سوى وجهًا قبيحًا، ونحن نصر على مواجهة هذه القباحة والعنصرية الإسرائيلية".

وتابع: "الاحتلال يستهدف التعليم ووجودنا في هذا المكان، ولا يريد أن نطوّر البنى التحتية من منشآت وطرق وخدمات، لأنه لا يريد وجودنا هنا، هو يهدف لاقتلاعنا من هذه الأرض، لكننا نقول له أن جذورنا أعمق من أي وجود عليها".

وختم حديثه بالقول: "سنقتلع كل من يريد أن يقتلعنا، وسنواجه ممارسات الاحتلال ببناء مؤسساتنا من جديد، وستبنى هذه المدرسة، وكل مدرسة ومنزل يهدم سنعيد بناؤه رغم أنف الاحتلال".

وكان الجيش الإسرائيلي قد هدم روضة أطفال في بلدة العيزرية وصادر محتوياتها قبل أيام.

وتهدم السلطات الإسرائيلية منشآت فلسطينية بالضفة الغربية، بحجة عدم وجود تراخيص للبناء.

التعليقات