"ثقافة الإلغاء": تغيير إيجابي أم فعل عنصري؟

يقع مشاهير وماركات ومسؤولون كبار وأناس عاديون ضحية "ثقافة الإلغاء"، وهي حركة تسعى إلى التنديد بالتصرفات غير المناسبة، لكن بعض النقاد يعتبرون أنها تقع في المغالاة وتساهم في زيادة الاستقطاب السياسي.

توضيحية (Pixabay)

يقع مشاهير وماركات ومسؤولون كبار وأناس عاديون ضحية "ثقافة الإلغاء"، وهي حركة تسعى إلى التنديد بالتصرفات غير المناسبة، لكن بعض النقاد يعتبرون أنها تقع في المغالاة وتساهم في زيادة الاستقطاب السياسي.

فرواد وسائل التواصل الاجتماعي يطالبون فورا بالمساءلة أكان الأمر يتعلق بتغريدة أو بمقطع مصور مثير للجدل. إلا أن منتقدي هذه النزعة يشيرون إلى أنها قد تستحيل نوعا من المضايقات عبر الانترنت.

(أرشيفيّة أ. ب.)

وتقوم "ثقافة الإلغاء" على جهود منظمة لسحب الدعم من شخصية أو ماركة قامت بتصريح أو بتصرف يثير جدلا حتى يقدم اعتذارا أو يبتعد.

وقد أصابت هذه الموجة شخصيات معروفة، مثل الكاتبة ج.ك. رولينغ، بسبب تعليقات اعتبرت مهينة للمتحولين جنسيا والناشط عبر يوتيوب، شاين داوسون، بعد نشر فيديو قديم يظهره بوجه مطلي بالأسود والمغنية لانا ديل ري، بسبب رسالة عبر "إنستغرام" تشير فيها إلى الفروقات بينها وبين فنانين سود.

وتضطر ماركات معروفة إلى التفاعل حتى لا تخسر الزبائن مثل "أنكل بنز" و"آنت جمايما"، بسبب استخدامهما شعارات ترمز إلى الأميركيين السود ما يعتبر اختزالا عنصريا.

وقال أستاذ القانون في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، ريتشارد فورد، إن "بعض النشاط عبر وسائل التواصل الاجتماعي بناء و مشروع" لكنه يحذر من "الحملات الانعكاسية".

وأضاف في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن "النشاط عبر تويتر سهل ففي ثوان معدودات يمكن مهاجمة شخص أو إطلاق عريضة لطرده أو نبذه".

وقالت الأستاذة في جامعة ميشيغن، ليز ناكامورا: "لم نعد في مرحلة ثقافية لا يمكن في ظلها للأشخاص الذين يعاملون بطريقة ظالمةالرد على الآراء الانكفائية والمؤذية".

وأضافت "في حال أرادت شخصية عامة إلغاء المتحولين جنسيا فما من سبب يمنع ان يتم إلغاؤها في المقابل".

و"ثقافة الإلغاء" انتشرت كجزء من حركة #مي_تو العام 2017 عندما اندلعت موجة غضب على وجوه بارزة في هوليوود بسبب اتهامات بالتحرش والانتهاكات الجنسية بقيت من دون عقاب.

وباتت هذه الثقافة تقتص أيضا من تصرفات تمييزية في الحياة اليومية على ما يفيد باحثون.

وذكرت ناكامورا على سبيل المثال إيمي كوبر، وهي امرأة بيضاء صورها رجل أسود في سنترال بارك في أيار/مايو، عندما أبلغت الشرطة بأنه يهددها وطلبت منهم توقيفه من دون أي سبب مشروع.

وشوهد الشريط، الذي بث عبر "تويتر"، 45 مليون مرة مع تنديد عارم، فيما طردت كوبر سريعا من شركتها التي حاولت أن تنأى بنفسها عن هذا الغضب.

وأكدت ناكامورا لوكالة فرانس برس أن "ثقافة الإلغاء" تحصل عندما يقرر ضحايا العنصرية والتمييز الجنسي فضخ المرتكبين".

إلا أن أستاذ الإعلام في جامعة ميشيغن، كيث هامبتون، قال "إن كانت الحركة تحاول عمدا إيذاء الأفراد فهي تاليًا أقل إيجابية".

وقال موقعو رسالة مجلة "هاربرز" إن التشدد في "ثقافة الإلغاء" يتسبب في حصر "التبادل الحر للمعلومات والأفكار".

واعتبر نقاد ان الرسالة مجرد أشخاص نافذين يشتكون من ردة فعل أشخاص لا يوافقونهم الرأي.

وقال فورد إن شبكات التواصل الاجتماعي "تشجع على الاستفزاز والتعبير عن التنديد وغير قادرة على إظهار الفروقات الصغيرة في المواقف" مشددا على ان "الهدف يكون احيانا الرضى العاطفي بإسقاط شخص ما".

وقال هامبتون من جامعة ميشيغن "الشعور بالذنب والتشهير الاجتماعي لا تغير الآراء بشكل ناجح جدا" مشيرا إلى ان هذا الجزء من الحركة من شانه ان يزيد الاستقطاب في المجتمع الأميركي.

وأوضح فورد ان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أجج "ثقافة الإلغاء" من خلال مهاجمة أفراد ومجموعات أراد النيل من صدقيتها مثل حركة "حياة السود مهمة".

وأكد أن "تعصب ترامب أدى إلى ظهور تصرفات مشابهة من قبل مؤيديه اليمينيين ما أدى بدوره إلى رد فعل معاكس من التقدميين".

وأضاف "ثمة نوع من مواجهة يكون فيها من المشروع والمبرر اتخاذ مواقف عقائدية صارمة وصلبة تقابل مواقف الأعداء الأيديولوجيين".

ورأت ناكامورا أن الظاهرة قد تطرح مشكلة عندما تقسم حركة اجتماعية "أو تستهدف أشخاصاً بطريقة غير دقيقة" لكنها في النهاية "قوة تغيير مهمة".

وختمت "حركة 'حياة السود مهمة' لكانت مختلفة جدا لولا توثيق العنصرية اليومية في متاجر مثل وولمارت وعلى مسارات الهرولة والدراجات الهوائية وفي أماكن عامة أخرى".

التعليقات