"حرب لبنان هي التي صاغت فترة أولمرت، وإعلانه تأخر سنتين"..

-

كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" أن حرب لبنان كانت هي الحدث الذي صاغ فترة ولاية أولمرت، وأن مدة ولايته التي دامت سنتين ونصف، كان منها سنتان أكثر من المطلوب. كما يهاجم أولمرت لعدم تطرقه إلى الحرب ولو بكلمة واحدة، وينقض ادعاءاته بشأن قوة الردع الإسرائيلية، ويشير إلى عدم اعتذار أولمرت لعائلات القتلى الذين سقطوا في الحرب على لبنان، علاوة على كونه لم يتطرق بتاتا إلى الجندي الأسير في قطاع غزة.

وقال إنه بالنسبة للكثير من الإسرائيليين فإن إعلان رئيس الحكومة، يوم أمس، قد جاء متأخرا مدة سنتين، لأنه بعد أن تصبح تفاصيل التحقيق والفساد ضد أولمرت في بحر النسيان، وبعد المعارك القضائية المتوقعة وبعد المحكمة، سوف يبقى ذكر حرب لبنان فقط. ويبقى جذر المسألة هو الأيام الـ34 البائسة التي قاد فيها أولمرت إسرائيل إلى الحرب، في أحد أسوأ مظاهر القيادة، حيث حصلت أزمة ثقة بينه وبين الجمهور، وفقد التأييد الشعبي نهائيا بحيث لم يستطع أن يستجمع قواه إلى حين خطابه الأخير.

ويضيف أن لبنان هي الحدث الذي صاغ فترة ولاية أولمرت. وهي الحرب التي لم يأت أولمرت على ذكرها ولو لمرة واحدة في خطابه الذي استمر عشر دقائق، والذي بادر فيه مرة أخرى إلى الاشتباك مرة أخرى مع الواعظين في الصحافة وتوجيه الضربات للشرطة والنيابة. وحسبما أمكن فهمه فإن أولمرت تحدث عن أخطاء ارتكبها، وتطرق إلى إدارته على المستوى المالي. وذكر لبنان بشكل مباشر، عندما تفاخر بالهدوء الذي يسود الشمال، بدون أن يذكر أنه سقط هناك، تحت قيادته، 4200 صاروخ كاتيوشا طوال مدة تزيد عن الشهر، وأن الجيش الأقوى في الشرق الأوسط شوهد وهو عديم الحيلة تجاه سقوط الصواريخ.

كما تفاخر أولمرت بتحسين الجيش وضخ موارد جديدة، بدون التطرق إلى حقيقة أن الأزمة في الجيش قد انكشفت بكاملها في حرب بادرت إليها الحكومة بقيادته، وبدون أن يدرك وضعه الحقيقي للجيش، وبدون أن يستوعب أن ذلك يشير إلى بداية الحرب. ومن يشأ يستطيع أن يجد بعض الرمزية في توقيت خطابه. وبنظرة إلى الوراء يتبين أن أولمرت قد اختار أن يعلن استقالته، وبالتأكيد بالصدفة، في الذكرى السنوية الثانية للمجزرة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في قانا. وهو حدث آخر لم تبادر إسرائيل، بقيادته، إلى التحقيق فيه بعمق أو الاعتذار عنه. وهو حدث أدى نهائيا إلى "فرار الحرب من بين أصابعه" عندما تأجل اتفاق وقف إطلاق النار معقول لمدة أسبوعين، لصالح استمرار القصف الجوي غير المجدي، وبعدها العملية البرية المتأخرة الزائدة عن الحاجة والتي أدت إلى المزيد من الإصابات.

وبحسبه فإن صورة الحرب ليس سوداء كلها. فقد صدق أولمرت عندما قال إنه في الماضي كان له أيضا إنجازات، مثل تدمير صواريخ "فجر" وإظهار قدرة التدمير لدى سلاح الطيران، إلا أن ادعاءه في خطابه بأن "قدرة الردع قد تحسنت بما لا يقاس" لا أساس لها. فالجبهة الداخلية انكشفت خلال الحرب بكامل ضعفها، تماما مثل ضعف الحكومة، وتم استخلاص الدروس جيدا لدى الجيران، أصدقاء وأعداء. ولا يمكن للغارة الجوية على سورية أن تمحو كل ما حصل قبلها.

ويضيف هرئيل أن التحليل التاريخي الذي كان مطلوب لخطاب أولمرت هو استحضار خطاب الاستقالة التلفزيوني لرئيس الولايات المتحدة، ليندون جونسون في آذار/مارس 1968، في أوج حرب فيتنام "لن أطلب ولن أقبل ترشيح حزبي للرئاسة". إلا أن جونسون استقال بسبب الحرب، ولم يخف مسؤوليته عن ذلك. وفي المقابل فإن أولمرت قد تمكن من التملص من المسؤولية عن حربه. وأدار حرب استنزاف قضائية وسياسية محكمة، ربح من خلالها فترة أخرى عندما لم يجد أعضاء اللجنة التي قام هو بتعيينها الجرأة الكافية المطلوبة لإقالته.

ويتابع هرئيل أن أولمرت لم يتطرق ولو بكلمة واحدة عن الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة، غلعاد شاليط، والذي من الممكن أن يبقى محتجزا في الأسر مدة طويلة بعد أن يغادر أولمرت مكتبه. وربما يكون هناك شيء إيجابي في هذا الشأن من جهة أن هناك أمل بأن يكون لدى الحكومة الجديدة القوة السياسية المطلوبة لاتخاذ قرار مثل توقيع اتفاق على صفقة تبادل أسرى مع حماس لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، نفذوا عمليات قتل فيها إسرائيليون، مقابل شاليط. وينهي أولمرت خطابه بدون أن يعتذر لـ 163 عائلة قتل أبناؤها في الحرب على لبنان، وبدون أن ذكر واجبه الواجب تجاه عائلة شاليط، وعليه فإن هذا الخطاب هو استمرار مباشر لولاية دامت سنتين ونصف، منها سنتان كانتا أكثر من المطلوب، ولا يمكن مسامحته عليها.

التعليقات