يديعوت أحرونوت: هل يتراجع أوباما في الملف الإيراني

من وجهة نظر إسرائيل، فمن الصعب تجاهل العبر. فعجز "اليد الدولية" سار أيضا على من يبحث عن التزام في السياق الإيراني. لقد صدق نتنياهو عندما طالب بعملية إسرائيلية مستقلة. لن يقوم آخرون بالمهمة.

يديعوت أحرونوت: هل يتراجع أوباما في الملف الإيراني

ركزت الصحف الإسرائيلية، كما العالمية بطبيعة الحال على إعلان الرئيس الأمريكي براك أوباما بأنه سينتظر مصادقة الكونغرس الأمريكي على شن هجوم ضد إيران، لتجري مقاربة بين الملفين السوري والإيراني من وجهة النظر الإسرائيلية. واعتبر بعض الكتاب أن قرار أوباما يجب أن يشكل عبرة لإسرائيل بأنه لا يمكن بالضرورة الركون إلى دعم أمريكي أو قرار أمريكي عندما تحين ساعة إيران ، فيما اعتبر آخرون أن منظومة عامل الوقت والجدول الزمني في دولة كالولايات المتحدة يختلف كليا عما هو الحال في إسرائيل.

ففي صحيفة يدعوت أحرونوت، على سبيل المثال اعتبر ناحوم برنيع أن إسرائيل التي تعاني من حالة "الإلحاح والميل لإنجاز الأمور بأسرع وقت ممكن"، لا تدرك أوجه الخلاف في هذا السياق مع دولة عظمى مثل الولايات المتحدة التي تملك "وتيرة خاصة بها" لإنجاز الأمور. وبعد أن يستعرض برنيع مجريات الأمور على الصعيد الدولي، والعقبات التي اعترضت أوباما، مع تراجع الدول الحليفة عن إعطائه شرعية دولية مباشرة، فإن أوباما ، الذي كان وضع قاعدة ضرورة العودة للكونغرس الأمريكي، عندما كان سيناتورا، إبان حرب بوش على العراق، يجد نفسه اليوم مضطرا للسير على نفس القاعدة التي وضعها، لأنه يبحث أيضا عن شرعية داخلية، وتأييد من الأمريكيين أنفسهم لخطوة كهذة.

ويرى برنيع أنه من المحتمل أن تكون إيران وسوريا وروسيا قرأن  خطاب أوباما أمس بشكل خاطئ واعتبرته دليل على ضعف ووهن عند أوباما وترخيص لمزيد من القتل. فتحول الزمن إلى عامل في اللعبة الآن من شأنه أن يؤثر على العملية ومستقبلها بطرق مختلفة. ، فمن شأنه أن يفتح الباب أمام تسوية وحل سياسيين، ومن شأنه أن يدفع الأمريكيين إلى اتخاذ قرار لخطة عسكرية أكير وأكثر نجاعة.

ويلاحظ برنيع أنه خلافا للولايات المتحدة، فإن إسرائيل تعتبر عامل الوقت عدو لها يعترض طريقها، فعامل الزمن من شأنه إذا تأخر تنفيذ الهجوم أو العملية ، فسوف تختفي الضربة التي وجها العدو من عناوين الصحف وستتهم إسرائيل بعمل استفزازي، وتخشى إسرائيل (عادة) من إنها إذا لم تنجز العملية وتنهها على وجه السرعة فسوف يضطرها العالم إلى وقف العملية  قبل إنهائها. ويخلص برنيع إلى القول إن هذين "التهديدين" غير قائمين في منظومة الاعتبارات الأمريكية، ولو كنت مستشارا للأسد لما نصحته  بالمسارعة إلى الاحتفال .

ولا يفوت برنيع في سياق مقالته أن ينتقد وسائل الإعلام الإسرائيلية واصفا إيها بأن أصابعها على الزناد "زناد الآخرين" سريعة للغاية، فكل الصحافيين يريدون أن يكونوا كلينت استويد وشفارتسينجر، حتى ولو أنهم بالكاد أدوا خدمتهم العسكرية في إذاعة الجيش، من حظنا أن أصحاب القرار في أمريكا  كما في إسرائيل هم السياسيون وليس الصحافيين. فأصبع الصحافيين سريعة في الضغط على الزناد.

سنذهب لوحدنا


في المقابل، فإن د. يوعز هندل من شغل في العام الماضي، منصب رفيعا في ديوان نتنياهو وكان مديرا لديوانه، اعتبر أن العبرة من القرار الأمريكي هو في الملف الإيراني وكيفية تصرف أوباما عندما تحين ساعة اتخاذ القرار بشأن إيران.

هندل الذي اعتبر أن الحروب تفتقر إلى الأيديلوجية وأن ما يسيرها هو البعد الاجتماعي، قال إن أوباما بدأ مسعاه الحربي بالطريقة الصحيحة، فقد اعتمر اللباس العسكري وألقى الخطاب الصحيح لكنه عند الهجوم وج نفسه وحيدا في الميدان، ففي الطريق إلى ساحة الوغى سقطت بريطانيا، واختفت ألمانيا، وقررت فرسنا ألا تقرر. نعم يستطيع أوباما اتخاذ القرار ولكن لم يعد واضحا ما إذا كان يريد ذلك.

ويرى هندل أن إدارة أوباما بذلت كل ما بوسعها حتى لا تتدخل في الحرب الدائرة في سوريا ، وقد ظل ضميره هادئا على مدار عامين من القتل وذبح مائة ألف مواطن سوري. الدول الكبيرة لا تريد حروبا صغيرة، فهي تريد التأثير دون أن تدفع الثمن. لقد تورط أوباما عندما فتح فاه. لقد وضع خطا أحمر قام الأسد بتجاوزه.

لقد كان أمام إدارة أوباما، منذ البداية  خيارين: الأول هو القضاء على نظام الأسد، الثاني هو توجيه ضربة محدودة. لا تعاني الولايات المتحدة من أية قيود على قوتها في الشرق الأوسط، لكن لديها مخاوف. لقد اختار براك أوباما  الخيار الثاني. فخلافا لأقواله أمس عند التخطيط لعملية محدودة توجد لعامل الوقت أهمية ودلالة، فإلى أن يجتمع الكونغرس الأمريكي ويصادق على الهجوم(إذا صادق)سيتم نقل مخازن الأسلحة السورية لمكان آخر، وسيتم تغيير مكان القواعد العسكرية والقيادات الميدانية، وستتحول الأهداف التي تم تحديدها إلى مباني متروكة، وستتقلص إنجازات هذا الهجوم، بينما سيتواصل سفك الدماء وستكون الولايات المتحدة خاسرة.

من وجهة نظر إسرائيل، فمن الصعب تجاهل العبر. فعجز "اليد الدولية" سار أيضا على من يبحث عن التزام في السياق الإيراني. لقد صدق نتنياهو عندما  طالب بعملية إسرائيلية مستقلة. لن يقوم آخرون بالمهمة. على إسرائيل أن تسأل نفسها ماذا تريد  وليس ماذا ستفعل الولايات المتحدة.الخطوط الحمراء هي أمر قومي، أما المجتمع الدولي فيملك خطوطا مرنة.

التعليقات