شارون "ملك إسرائيل" وصحافتها

كان هتاف "اريك ملك إسرائيل"، الهتاف الأكثر شيوعا تأييدا لشارون في أعقاب حرب لبنان ومجازر صبرا وشاتيلا، ردده آلاف رجال اليمين الإسرائيلي تضامنا مع شارون بعد اضطرار شارون بموجب تقرير لجنة "كاهان" حول مجزرة صبرا وشاتيلا ودوره فيها. وظل الهتاف يسمع بأصوات هادرة داخل مؤسسات حزب الليكود، في أيام بيغن، قبل اعتزاله السياسة، ولاحقا في أيام حكوماتن الوحدة الوطنية التي قادها شامير وبيرس، وأبعدا عن وزارة الأمن، أريئيل شارون... ومع الوقت تبنى "أنصار اليمين" ورجال الاستيطان الشعار أعلاه، كلما "دق الكوز في الجرة" منادين بإعادة شارون لصدارة الحكومات الإسرائيلية، لأنه الوحيد القادر على مواجهة العرب... لكن تعامل صحافة إسرائيل، صباح اليوم الأحد، مع شارون بعد رحيل شارون، يثبت أن "أريك" لم يكن ملك إسرائيل والرعاع فيها وأقطاب اليمين، بقدر ما هو ملك صحافة إسرائيل وكتابها....الصفحات التي امتلأت اليوم بالتقارير المصورة عن شارون، فضلت "التسامح مع من "ورط إسرائيل في أشنع حروبها ، حرب لبنان، ومن ارتكب أكبر كم من المذابح بتغطية رسمية : بدءا مذبحة قبية عام 53 التي أوقعت 69 شهيدا فلسطينيا مدنيا، وعمليات الرد والتوغل الإسرائيلية المختلفة، مرورا بصبرا وشاتيلا وانتهاء بحرب "السور الواقي عام 2002 وإعادة احتلال مدن الضفة الغربية وحصار الرئيس الشهيد ياسر عرفات... ولعل ما يثير في هذا السياق أن من "أبنوا" شارون في صحف إسرائيل محسوبون بشكل خاص على اليسار الإسرائيلي وليس فقط حزب العمل، بل حتى ميرتس، حيث أفرد النائب في الكنيست، عن ميرتس، والصحافي السابق في هآرتس،نيتسان هوروفيتس مقالا خاصا لم يذكر فيه ولو بكلمة واحدة مذابح شارون، لا في قبية ولا في لبنان...لكنه أبرز "خفة دم شضارون وروح الفكاهة التي تمتع بها، خلال أول زيارة له للولايات المتحدة في عهد بوش الأب. هكذا خرجت الصحف الإسرائيلية اليوم، كلها، دون استثناء، بمقالات وصفت شارون بأنه أخر رجالات إسرائيل من جيل حرب النكبة ، أي الذين حاربوا في العام 1948 ويعرفون في الثقافة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية بجيل "تشاح" أي جيل العام 48 وفق التقويم العبري. عاموس هرئيل وأمير أورن في هآرتس اختارا التركيز على "مدرسة شارون العسكرية، وكونه من وضع التصور لحدود إسرائيل، عبر جدار الفصل وعبر عملية الانسحاب من غزة. لم يأت الاثنان على ذكر مذابحه لكنهما اكتفيا بالإشارة إلى حرب لبنان إشارة عابرة، دون الوقوف عند جرائم شارون... اختفى تعبير مجرم الحرب في كافة التقارير التي صدرت اليوم في إسرائيل، باسثناء فقرة في مقالة لجدعون ليفي في هآرتس.. في يديعوت أحرونوت سارع إيتان هابر، صديق رابين ومدير ديوانه، ذرف دموعه على شارون واصفا إياه بالمهندس الذي خطط ورسم خرائط إسرائيل، خريطة الأمن، خريطة الحدود وخريطة الاستيطان . أهرون برنيع، المعروف بميوله اليسارية، كشف عمليا سر شارون فقال إن شارون، يمثل أكثر من أي إسرائيلي آخر، الإسرائيلي الجديد الذي حلم به آباء الصهيونية ؛ من مواليد البلاد، جميل الطلعة، قوي البنية، مزارع ، وجندي لمدى الحياة". برنيع الذي تجاهل ونسي تاريخ شارون الدموي فضل أن يتذكر "إنسانية " شارون...هكذا كتب بصريح العبارة" أذكر على نحو لافت إنسانيته، زيارتي له في مزرعته، حيث وافق أن يريني "أطلال القرية العربية التي تقوم عليها مزرعته، على نفس التلة التي دفن فيها شارون زوجته الثانية، ليلي، وحيث طلب أن يدفن أيضا"... هذه هي إنسانية شارون إذا وفق برنيع: مدفن له ولزوجته فوق أنقاض قرية فلسطينية هدمها الاحتلال الإسرائيلي ، وغير شارون اسمها لتصبح تلة شقائق النعمان... لكن البحث في ويكبيديا أظهر أن تلة شقائق النعمان الشارونية، تلة مصطعنة وارت ودفنت تحتها قرية تل الهوج.... برنيع يفضل أن يتذكر شارون بابتسامته التي امتاز بها في سنواته الأخيرة، ابتسامة الجد، وليس شارون بملابسه العسكرية وعصابة الشاش على جبهته التي اشتهر فيها خلال حرب الغفران... برنيع ليس وحيدا، فحتى شمعون شيفر، مؤلف كتاب "كرة الثلج" عن حرب لبنان، والذي شرح بتفاصيل دقيقة كيف خدع شارون بيغن وباقي وزراء حكومته، فضل هو الآخر أن يذكر اليوم أن شارون هو الذي بادر للمصالحة معه بعد ظهور كتابه المذكور... صحافيو إسرائيل الذين سارعوا للكتابة عن شارون، وجلهم من كتاب التيار المركزي، اكتشفوا، أو لربما كشفوا عن أنفسهم، وأن شارون كان عمليا يمثل بالنسبة لهم "إسرائيل" التي حلم بها الآباء، حتى وإن غضبوا عليه لأنه ورط إسرائيل إعلاميا، إلا أنهم عند ساعة الامتحان، عادوا بسرعة إلى حضن القبيلة، غفروا لشارون جرائمه كلها، لأن الضحية عربي، وفضلوا أن يبرزوا دور شارون في "محاربة الإرهاب"، وحفظ أمن إسرائيل، وأراحوا "ضميرهم " بعبارة فارغة المضمون اختاروها "للموازنة" فقالوا إن شارون كان موضع خلاف..لكن مساهمته لأمن إسرائيل وحدودها فوق كل خلاف.

شارون

كان هتاف "اريك ملك إسرائيل"، الهتاف الأكثر شيوعا تأييدا لشارون في أعقاب حرب لبنان ومجازر صبرا وشاتيلا، ردده آلاف رجال اليمين الإسرائيلي تضامنا مع شارون بعد استقالة شارون من وزارة الأمن، بموجب تقرير لجنة "كاهان" حول مجزرة صبرا وشاتيلا ودوره فيها. وظل الهتاف يسمع بأصوات هادرة داخل مؤسسات حزب الليكود، في أيام بيغن، قبل اعتزاله السياسة، ولاحقا في أيام حكومات الوحدة الوطنية التي قادها شامير وبيرس، وأبعدا عن وزارة الأمن، أريئيل شارون...
ومع الوقت تبنى "أنصار اليمين" ورجال الاستيطان الشعار أعلاه، كلما "دق الكوز في الجرة" منادين بإعادة شارون لصدارة الحكومات الإسرائيلية، لأنه الوحيد القادر على مواجهة العرب...

لكن تعامل صحافة إسرائيل، صباح اليوم الأحد، مع شارون بعد رحيل شارون، يثبت أن "أريك" لم يكن ملك إسرائيل والرعاع فيها وأقطاب اليمين، بقدر ما هو ملك صحافة إسرائيل وكتابها....الصفحات التي امتلأت اليوم بالتقارير المصورة عن شارون، فضلت "التسامح مع من "ورط إسرائيل في أشنع حروبها ، حرب لبنان، ومن ارتكب أكبر كم من المذابح بتغطية رسمية : بدءا مذبحة قبية عام 53 التي أوقعت 69 شهيدا فلسطينيا مدنيا، وعمليات الرد والتوغل الإسرائيلية المختلفة، مرورا بصبرا وشاتيلا وانتهاء بحرب "السور الواقي عام 2002 وإعادة احتلال مدن الضفة الغربية وحصار الرئيس الشهيد ياسر عرفات...

ولعل ما يثير في هذا السياق أن من "أبنوا" شارون في صحف إسرائيل محسوبون بشكل خاص على اليسار الإسرائيلي وليس فقط حزب العمل، بل حتى ميرتس، حيث أفرد النائب في الكنيست، عن ميرتس، والصحافي السابق في هآرتس،نيتسان هوروفيتس مقالا خاصا لم يذكر فيه ولو بكلمة واحدة مذابح شارون، لا في قبية ولا في لبنان...لكنه أبرز "خفة دم شضارون وروح الفكاهة التي تمتع بها، خلال أول زيارة له للولايات المتحدة في عهد بوش الأب.

هكذا خرجت الصحف الإسرائيلية اليوم، كلها، دون استثناء، بمقالات وصفت شارون بأنه أخر رجالات إسرائيل من جيل حرب النكبة ، أي الذين حاربوا في العام 1948 ويعرفون في الثقافة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية بجيل "تشاح" أي جيل العام 48 وفق التقويم العبري.

عاموس هرئيل وأمير أورن في هآرتس اختارا التركيز على "مدرسة شارون العسكرية، وكونه من وضع التصور لحدود إسرائيل، عبر جدار الفصل وعبر عملية الانسحاب من غزة. لم يأت الاثنان على ذكر مذابحه لكنهما اكتفيا بالإشارة إلى حرب لبنان إشارة عابرة، دون الوقوف عند جرائم شارون...

اختفى تعبير مجرم الحرب في كافة التقارير التي صدرت اليوم في إسرائيل، باسثناء فقرة في مقالة لجدعون ليفي في هآرتس..

في يديعوت أحرونوت سارع إيتان هابر، صديق رابين ومدير ديوانه، ذرف دموعه على شارون واصفا إياه بالمهندس الذي خطط ورسم خرائط إسرائيل، خريطة الأمن، خريطة الحدود وخريطة الاستيطان .

أهرون برنيع، المعروف بميوله اليسارية، كشف عمليا سر شارون فقال إن شارون، يمثل أكثر من أي إسرائيلي آخر، الإسرائيلي الجديد الذي حلم به آباء الصهيونية ؛ من مواليد البلاد، جميل الطلعة، قوي البنية، مزارع ، وجندي لمدى الحياة". برنيع الذي تجاهل ونسي تاريخ شارون الدموي فضل أن يتذكر "إنسانية " شارون...هكذا كتب بصريح العبارة" أذكر على نحو لافت إنسانيته، زيارتي له في مزرعته، حيث وافق أن يريني "أطلال القرية العربية التي تقوم عليها مزرعته، على نفس التلة التي دفن فيها شارون زوجته الثانية، ليلي، وحيث طلب أن يدفن أيضا"...

هذه هي إنسانية شارون إذا وفق برنيع: مدفن له ولزوجته فوق أنقاض قرية فلسطينية هدمها الاحتلال الإسرائيلي ، وغير شارون اسمها لتصبح تلة شقائق النعمان... لكن البحث في ويكبيديا أظهر أن تلة شقائق النعمان الشارونية، تلة مصطعنة وارت ودفنت تحتها قرية تل الهوج....

برنيع يفضل أن يتذكر شارون بابتسامته التي امتاز بها في سنواته الأخيرة، ابتسامة الجد، وليس شارون بملابسه العسكرية وعصابة الشاش على جبهته التي اشتهر فيها خلال حرب الغفران...

برنيع ليس وحيدا، فحتى شمعون شيفر، مؤلف كتاب "كرة الثلج" عن حرب لبنان، والذي شرح بتفاصيل دقيقة كيف خدع شارون بيغن وباقي وزراء حكومته، فضل هو الآخر أن يذكر اليوم أن شارون هو الذي بادر للمصالحة معه بعد ظهور كتابه المذكور...

صحافيو إسرائيل الذين سارعوا للكتابة عن شارون، وجلهم من كتاب التيار المركزي، اكتشفوا، أو لربما كشفوا عن أنفسهم، وأن شارون كان عمليا يمثل بالنسبة لهم "إسرائيل" التي حلم بها الآباء، حتى وإن غضبوا عليه لأنه ورط إسرائيل إعلاميا، إلا أنهم عند ساعة الامتحان، عادوا بسرعة إلى حضن القبيلة، غفروا لشارون جرائمه كلها، لأن الضحية عربي، وفضلوا أن يبرزوا دور شارون في "محاربة الإرهاب"، وحفظ أمن إسرائيل، وأراحوا "ضميرهم " بعبارة فارغة المضمون اختاروها "للموازنة" فقالوا إن شارون كان موضع خلاف..لكن مساهمته لأمن إسرائيل وحدودها فوق كل خلاف.
 

التعليقات