20/01/2020 - 18:01

"رُباعي الجليل"... إخوة يَروون الموسيقى

"رُباعي الجليل"؛ عمر، غاندي، طيبة، مصطفى سعد

 

افتتحت "مجموعة الروزنا الشبابيّة"، وهي مجموعة تطوّعيّة مستقلّة تشكّلت من كتّاب وباحثين فلسطينيّين، تعمل على إثبات الحضور الفلسطينيّ في الخارج، افتتحت الموسم الفلسطينيّ الرابع لها هذا الشهر، في "مسرح كتارا" في الدوحة، وهو يستمرّ من كانون الثاني (يناير) حتّى نيسان (أبريل) 2020. ويُعَدّ مشروع "الموسم الفلسطينيّ" من أهمّ ما تعمل عليه المجموعة، إلى جانب مشروع "الجامعة الشعبيّة" وغيرهما.

وقد بدأت فكرة الموسم عام 2016، وهو عبارة عن سلسلة من النشاطات الّتي تتنوّع مضامينها الثقافيّة بين الفنّ والأدب والتراث والبحث العلميّ، وتهتمّ باستضافة المثقّفين والفنّانين الفلسطينيّين من الأرض المحتلّة ودول العالم.

في عرضهم على "مسرح كتارا"، قدّم "رُباعي الجليل" عشر أغنيات ومقطوعات شرقيّة وغربيّة. وعلى الرغم من صعوبة التمكّن من ألوان موسيقيّة عدّة، إلّا أنّ الرباعي كان يقفز من لحن إلى آخر، بل من آلة إلى أخرى أيضًا، مثلما تتقافز الأغصان بين العصافير

وفي أولى فعاليّات هذا الموسم، استضافت "الروزنا" فرقة "رُباعي الجليل"، الّتي تتكوّن من أربعة أفراد لعائلة واحدة، لتكون هذه المشاركة الأولى للفرقة في بلد عربيّ غير فلسطين.

التقت فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة أعضاء "رُباعي الجليل" في العاصمة القطريّة - الدوحة، بعد العرض الّذي قدّموه، لتُغطّي الحفل وتتعرّف قصّة الفرقة، الّتي تتكوّن من أربعة إخوة لعائلة سعد: عمر (24 عامًا) عازف الفيولا والإيقاع، ومصطفى (22 عامًا) عازف الكمان والعود، وطيبة (21 عامًا) عازفة تشيلو والمغنّية، وغاندي (19 عامًا) عازف الكمان والمغنّي.

 

"تنقصكم آلة واحدة"

يروي مصطفى أنّ أمّه موهوبة بالرسم، لكن لأنّها من عائلة محافظة لم تستطع أن تُكمل مشوارها في الطريق الفنّيّ، وقد ورثوا موهبة أن تكون فنّانًا منها. أمّا أبوه فدرس العلوم السياسيّة في الاتّحاد السوفييتيّ، وخلال دراسته هناك، رأى كيف يُنَشَّأ الأطفال على حبّ الرياضة والموسيقى بجانب العلم، وكان في بال الوالد أن يُذوّت هذا النهج مع أبنائه. ويذكر مصطفى أوّل علاقة نشأت بينه والآلة الموسيقيّة، حين صادف وجوده في أحد أيّام الطفولة في منزل عمّه، وابنة عمّه كانت تتمرّن على آلة الكيبورد، وعندما انتهت أخذ مصطفى يقلّدها ويعزف بنفس الطريقة، وعندما عاد إلى المنزل أخبر والده بقراره: "أريد تعلّم الموسيقى"، وبدوره شجّعه أبوه، وسجّله في "معهد الصافي" في قرية عيلبون لتعليم الموسيقى، وبعد فترة سأل الأستاذ والده إن كان لديه إخوة آخرون؛ فانضمّ إليه أخوه عمر ليبدأ تعلّم العزف على البيانو، ومصطفى على الكمان. وبعد عام سأل مدير المعهد إن كان لديهم إخوة آخرون لاعتباره العائلة موهوبة؛ فانضمّ إليهما غاندي وطيبة.

 

وبعد سنوات من تعلّم أساسيّات الموسيقى، انتقلوا جميعًا إلى معهد أكثر احترافيّة، وفي طريق الصدفة غيّرت غالبيّتهم آلاتهم؛ فغاندي انتقل من البيانو إلى الكمان، وعمر من البيانو إلى الفيولا، وطيبة من البيانو إلى الكمان، ثمّ أشار عليهم الأستاذ بأنّ ثمّة آلة تنقصهم لكي يصبحوا رباعيّة كلاسيكيّة، وهي التشيلو، وبالفعل كانت طيبة قد قرّرت الانتقال إليها؛ وبذلك أصبحوا يعزفون معًا فرقةً واحدة، مشكّلين رباعيّة كلاسيكيّة من فيولا، وتشيلو، وكمانين.

 

لماذا "الجليل"؟

شارك الإخوة معًا في العديد من الفرق المحلّيّة، بدءًا بعام 2010؛ فقد شاركوا مع "أوركسترا فلسطين الشابّة"، و"أوركسترا رام الله"، و"أوتار فلسطينيّة"، والعديد من الجوقات المحلّيّة. وبعد سنين من دراسة الموسيقى منذ الطفولة، ومجموعة المشاركات، والوصول إلى درجة من الاحتراف، قرّر الإخوة - بدعم من الأب - تشكيل "رُباعي الجليل" عام 2011. وأوّل مشاركة دوليّة لـ "رُباعي الجليل"، كانت بدعوة من "منظّمة العفو الدوليّة" عام 2014، لتقديم عرض في بريطانيا، والحديث عن تجربة اعتقال عمر في السجون الإسرائيليّة، لرفضه التجنيد في الجيش الإسرائيليّ، ومن ثَمّ قاموا بجولة في العديد من الدول الأوروبّيّة. أمّا أوّل عرض قدّموه في دولة عربيّة، فكان على "مسرح كتارا" في دولة قطر.

وفي سبب اختيار "رُباعي الجليل" لفرقتهم، تُجيب طيبة: بسبب ما يمثّله المكان لهم من هويّة؛ فهم ينحدرون من قرية المغار الّتي تقع في الحدّ بين الجليل الأعلى والجليل الأسفل، ويرون في ذلك نوعًا من الرسالة الّتي ينبغي للفنّان حملها، وهم يؤمنون بدور الثقافة - والموسيقى جزء منها - في إحداث تغيير اجتماعيّ - سياسيّ، وفي حالتهم التأكيد عالميًّا أنّ الجليل فلسطينيّ، وأنّ بإمكان الفلسطينيّ أن يكون فنّانًا عالميًّا.

 

انسجام وانتماء

ويمتاز الرباعيّ بأنّ أعضاءه دارسون للموسيقى – ولا سيّما الغربيّة -، وأنّ مواهبهم متعدّدة؛ فعمر يعزف على آلتَي الفيولا والدفّ، ومصطفى يعزف على الكمان والعود ويلحّن، كما ألّف العديد من الأغنيات والمقطوعات الموسيقيّة، وطيبة تعزف التشيلو وتغنّي، وغاندي يعزف على الكمان ويغنّي، وألّف أيضًا مقطوعات موسيقيّة، وبعض الأغاني بالإنجليزيّة.

وتُشير طيبة إلى أنّه على خلاف كثير كمن الفرق الموسيقيّة الأخرى الّتي تعزف معها، إلّا أنّ ثَمّ اندماجًا موسيقيًّا بين أعضاء "رُباعي الجليل"، يجعلهم يفهمون بعضهم بعضًا على المسرح، ويطوّرون من ألحانهم وأغنياتهم باستمرار، إضافة إلى شعور الانتماء

وتُشير طيبة إلى أنّه على خلاف كثير من الفرق الموسيقيّة الأخرى الّتي تعزف معها، إلّا أنّ ثَمّ اندماجًا موسيقيًّا بين أعضاء "رُباعي الجليل"، يجعلهم يفهمون بعضهم بعضًا على المسرح، ويطوّرون من ألحانهم وأغنياتهم باستمرار، إضافة إلى شعور الانتماء؛ لأنّهم بأدائهم في عروضهم يرمون إلى ما هو أبعد من أداء مهمّة، بل يفخرون ببعضهم بعضًا وباسم فرقتهم.

وعن مستقبل الفرقة، يروي غاندي أنّ "الرباعي" يخطّط إلى إنتاج ألبومهم الأوّل في الصيف القادم، ليشمل مجموعة من مقطوعاتهم وأغنياتهم. وعبّروا عن اهتمامهم بالعودة إلى فلسطين بعد الانتهاء من دراستهم، وتدريس الموسيقى، والعمل على التوعية الثقافيّة بالموسيقى في بلدهم.

 

غرب وشرق

بعد أن أنهى كلٌّ منهم الثانويّة العامّة، اختار أعضاء "رُباعي الجليل" أن يتعلّموا الموسيقى؛ فدرس عمر البكالوريوس في "المعهد العالي للدراسات الموسيقيّة  - أخيل بيري" بريدجو إميليا في إيطاليا، وأكمل الماجستير في "المعهد الملكيّ" في إسكتلندا، ويعمل الآن أستاذ موسيقى في "معهد Barenboim Said". أمّا مصطفى فبدأ في "معهد أستراخان الحكوميّ" في روسيا، ثمّ انتقل إلى "المعهد العالي للدراسات الموسيقيّة - أخيل بيري" أيضًا. وطيبة تدرس حاليًّا البكالوريوس في "المعهد الملكيّ" في إسكتلندا، أمّا غاندي فيدرس البكالوريوس في "المدرسة العليا للموسيقى" - جنيف في سويسرا. ويخطّط الرباعيّ بعد انتهائهم من الدراسة الجامعيّة، أن يلتحقوا بمعهد عالميّ معًا للحصول على لقب بوصفهم رُباعيًّا.

 

على "مسرح كتارا" في الدوحة

 

ويُشير مصطفى إلى أنّ كلّ ما تعلّمه أعضاء "رُباعي الجليل" من موسيقى ينتمي إلى المدرسة الغربيّة، وما يؤدّونه من موسيقًى شرقيّة؛ فهو نِتاج أذنهم الموسيقيّة وتعلّمهم الذاتيّ، وقد شاركوا عازفين في العديد من الفرق الشرقيّة في مختلف أنحاء فلسطين، بشكل فرديّ وجماعيّ. وإضافة إلى أنّهم فرقة، إلّا أنّ كلًّا منهم منخرط في مشاريع موسيقيّة أخرى؛ فغاندي يعمل في مشروع "أوبرا" تابع لمؤسّسة "آكس أون بروفانس" الفرنسيّة، ومصطفى يعمل في فرقة الموسيقار العالميّ نايجل كينيدي، وقد شارك معه في عروض في اليونان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنمسا، وشارك معه في بعض العروض عمر وغاندي، وقاد مصطفى "أوركسترا فلسطين" في أكبر جولة لها في أوروبّا، ويعزف مع "أوركسترا ناي" في فيينّا، أمّا طيبة فشاركت في العديد من الجوقات والعروض، ومن مشاركتها الفنّيّة مشاركتها عازفةَ تشيلو في أغنية زهير فرنسيس وتامر النفّار "يا صمتي"، وشارك أعضاء الفرقة عازفي صولو في العديد من المهرجانات والفرق، في فلسطين، والأردنّ، واليونان، وألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، ومالطا، والنمسا، وفرنسا، وإنجلترا، وإسكتلندا، وبولندا، والنرويج، والسويد، وهولندا، والدنمارك.

وتعبّر طيبة عن وجود صراع ثقافيّ بتعلّمهم الموسيقى في المعاهد الغربيّة، فقد تربّت أذنها الموسيقيّة على الأغاني الكلاسيكيّة العربيّة - وخاصّة فيروز - كما أنّ الموسيقى العربيّة تعبّر عنها أكثر، وتُشكّل هويّتها وثقافتها بصفتها فنّانة. وهم فرقة تحاول دمج هويّتها العربيّة والموسيقى الغربيّة. ويقول عمر إنّ الموسيقى الّتي تأثّر بها هي الكلاسيكيّة القديمة؛ فعربيًّا تربّى على أغاني فنّاني الزمن الجميل، ولا سيّما أمّ كلثوم ومحمّد عبد الوهّاب، أمّا في الموسيقى الغربيّة، فببتهوفن وباخ. وبالنسبة إلى غاندي، فمن العرب تأثّر بمحمّد عبد الوهّاب وكاظم الساهر، وغربيًّا تأثّر بالملحّن يوهانس برامس وموزارت وشتراوس.

 

لكلّ لحن حكاية

من نافلة القول أنّ كتابة الموسيقى مهمّة مستحيلة، وأنّ الموسيقى يفهمها مَنْ يستمع إليها ولو كان بلا لغة، وأنّها تحكي ولو في صمت الانتقالات بين الألحان. في عرضهم على "مسرح كتارا"، قدّم "رُباعي الجليل" عشر أغنيات ومقطوعات شرقيّة وغربيّة. وعلى الرغم من صعوبة التمكّن من ألوان موسيقيّة عدّة، إلّا أنّ الرباعي كان يقفز من لحن إلى آخر، بل من آلة إلى أخرى أيضًا، مثلما تتقافز الأغصان بين العصافير؛ فغاندي بدأ العرض مغنّيًا، ومن ثَمّ انتقل إلى عزف الكمان، وطيبة بدأت عازفة تشيلو وذهبت لتغنّي، وعمر ظلّ ينتقل بين الدفّ والفيولا، ومصطفى بين العود والكمان.

والقصّة السابعة "أوزورديو"، وهي كلمة إيطاليّة تعني الانطلاقة الفنّيّة، وتعكس المقطوعة بداية الفرقة الموسيقيّة. والقصّة الثامنة "إشراق"، من تلحين الأعضاء الأربعة، وعلى خلاف اسمها يبرز صوتها كأنّها الآلات تبكي.

لكن ما أراه مميّزًا حضور الفرقة على المسرح، وحديثهم في تقديم كلّ أغنية/ مقطوعة، حتّى بات الجمهور ينتظر الحكايات الّتي تقف وراء الأغاني، ويرى الموسيقى تحكي وترسم مشاهد تأخذ الجمهور إلى الجليل؛ ولهذا أسمّي ما قدّمته الفرقة قصصًا لا أغنيات/ مقطوعات، وشخوصها: كمانان وفيولا وتشيلو وعود ودفّ. وأرى من الطريف روايتها.

القصّة الأولى الّتي افتتح بها الرباعي عرضهم، كان بطلها غاندي، الّذي غنّى كلمات الشاعر الفلسطينيّ أبو عرب (1931 - 2014):

"هدّي يا بَحر هدّي ... طوَّلنا في غيبتنا

ودّي سَلامي ودّي ... للأرضِ اللي ربّتنا".

 

ومن ثَمّ تبادل غاندي الدور مع طيبة، ليجلس عازفًا للكمان، ولتترك هي التشيلو وتغنّي فيروز:

"وطني يا جبل الغيم الأزرق

وطني يا قمر الندي والزنبق".

 

والقصّة الثانية "على كيفها" يسردها مصطفى؛ إذ ألّف مقطوعة موسيقيّة بعد مكالمته مع أخته طيبة، ومثلما تقع جدالات/ قتالات الإخوة الودودة، اختلف مصطفى مع طيبة بشأن ما، وبعد محادثة طويلة، أخبرها مصطفى بأنّه لا يتّفق معها، وهذا ما أغضبها، وبعد أن لحّن المقطوعة، هاتَفَ أخاه عمر وأخبره بما حدث؛ فنصحه بتسميتها "على كيفها"، وهي عبارة عن لعبة إيقاعيّة سريعة، يركض فيها الرقّ مع الكمان والتشيلو والعود.

وفي القصّة الثالثة - الّتي كتبها مصطفى ويغنّيها غاندي - يروي مصطفى أنّه كان لديه صديقة، كانا قد قرّرا إنهاء العلاقة، لكن في نهاية اليوم وصلته رسالة منها: "اشتقتلك... وعتبانة عليك"، وبدل أن يردّ عليها كتب أغنية ثمّ لحّنها، متأثّرًا بأسلوب زياد الرحباني الساخر:

"اشتقتلك وعتبانة عليك وعلى هاليوم إللّي قلتلّي:

أنا تعبت وبدّي أفِل بدّي أرتاح شويِّ

إنتِ قلبي وروحي ومنّي حتّى لو بعدتِ عنّي

ولا مرّة قلبي طاوعني أتعلّق في غيرك أنتِ

أيّام الحبّ إللّي عشناها والضحكات يلّي ضحكناها

ما بعطيني حدا ايّاها إلّا عيونك وبسمة منِّك

لمسة إيدك يا حنونة بتنسّيني كلّ همومي

حتّى لو غمّضت عيوني الحلم مش أحلى منّك".

 

والقصّة الرابعة بعنوان "مطار"، يعبّر فيها مؤلّفها مصطفى عن معاناة سفر الفلسطينيّ، بناءً على تجربته الشخصيّة؛ حين يقول: "كلّ مرّة أسافر فيها أعاني، في كلّ مرّة يكون استثناء عن باقي المسافرين، ويأمرونه أن يتّجه إلى بوّابة أخرى، ويكون التفتيش مضاعفًا"، ويُكمل ساخرًا أنّه في المرّة الوحيدة الّتي لم يفتّشوه شخصيًّا، أُجِّلَت الرحلة؛ فما كان منه إلّا أن بدأ بالعزف على العود وتلحين مقطوعة تتخيّل أنّه لا حدود في العالم، إذ شعر بأنّه - بوصفه فلسطينيًّا - يجلس في المكان الوحيد في العالم الّذي بلا حدود، فيمشي الهنديّ، وبجانبه الصينيّ والعربيّ والأستراليّ وغيرهم. ورُسِمت المقطوعة بعديد من النقلات الموسيقيّة، لتكون مثل طائرة، تمرّ من ثقافة إلى أخرى، ومن لون إلى آخر.

كلّ ما تعلّمه أعضاء "رُباعي الجليل" من موسيقى ينتمي إلى المدرسة الغربيّة، وما يؤدّونه من موسيقًى شرقيّة؛ فهو نِتاج أذنهم الموسيقيّة وتعلّمهم الذاتيّ، وقد شاركوا عازفين في العديد من الفرق الشرقيّة في مختلف أنحاء فلسطين، بشكل فرديّ وجماعيّ

أمّا القصّة الخامسة "غموض Mystery" فألّفها غاندي، متأثّرًا بالموسيقى التصويريّة السينمائيّة، وهي عبارة عن رباعيّة يلعبها كمانان وفيولا وتشيلو.

والقصّة السادسة "جولة في الجليل" ألّفها مصطفى قبل خمس سنوات، وهي تحكي كيف يُجبَر الفلسطينيّون الدروز على الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، وأنّ عائلاتهم ترفض ذلك؛ وإثر ذلك اعتُقل عمر لمدّة سبعة أشهر، وبعد ذلك مرّت العائلة في ظروف صعبة، إلّا أنّها وجدت سلواها في الموسيقى، ورأت أنّ الجليل تستحقّ منهم أن يحملوا اسمها ويُغنّوها. وكان الهدف من المقطوعة اصطحاب الجمهور الغربيّ عندما يلتقونه، إلى رحلة في الجليل، كأنّهم يعيشون فيها، حيث تبدأ المقطوعة هادئة عاكسةً صوت الطبيعة، ثمّ يحتدّ اللحن، لتعود نهايةً بالانسجام.

والقصّة السابعة "أوزورديو"، وهي كلمة إيطاليّة تعني الانطلاقة الفنّيّة، وتعكس المقطوعة بداية الفرقة الموسيقيّة. والقصّة الثامنة "إشراق"، من تلحين الأعضاء الأربعة، وعلى خلاف اسمها يبرز صوتها كأنّها الآلات تبكي.

وقد غنّى الرباعي كلمات محمود درويش وألحان مارسيل خليفة "أحنُّ إلى خبز أمّي"، وختموا العرض مع طيبة لتغنّي "يُمّا مويل الهوا".

وعبّرت الفرقة عن فخرها بوجود ورش صناعة آلات موسيقيّة في فلسطين، وأنّها تحمل خشب فلسطين أينما ذهبت، للعزف في أرجاء العالم؛ فالكمان الّذي يحمله مصطفى، كما الفيولا الّتي يحملها عمر، صناعة فلسطينيّة من قِبَل شحادة شلالدة من رام الله، والعود الّذي يحمله مصطفى أيضًا صناعة فلسطينيّة من قِبَل بيتر صايغ من الرملة، والدفّ من صناعة مجد زيادة.

 

 

مجد أبو عامر

 

شاعر وقاصّ من مواليد غزّة عام 1996. حاصل على بكالوريوس الحقوق من جامعة فلسطين، ويدرس ماجستير العلاقات الدوليّة والعلوم السياسيّة في معهد الدوحة للدراسات العليا. عضو اتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين، صدر له المجموعة الشعريّة "مقبرة لم تكتمل"، ويعمل محرّرًا في "مجلّة 28" الغزّيّة.

 

 

التعليقات