04/12/2017 - 21:28

الوالدية في ظل وجود أعاقة لدى واحد/ة من الأبناء (1)

ولادة طفل/ة مع إعاقة تُحدث أزمة عند الوالدين وصاحب/ة الإعاقة وأيضًا عند الإخوة والأخوات إن وجدوا

الوالدية في ظل وجود أعاقة لدى واحد/ة من الأبناء (1)

الوالدية هي مهمة يطمح لها غالبية الأزواج، بالرغم من أنها مهمة ليست بسهلة. تتطلب من الأهل على إعادة ترتيب سلم أولوياتهم بمختلف مناحي الحياة: الزوجية، والمهنية، والتعليمية، والاجتماعية، والترفيهية وغيرها، كما أنها لا تخلو من التحديات خلال مسار التربية بكل مرحلة من حياة الأولاد، بدون شك التحديات تتضاعف وغالبًا تزداد صعوبة عند ولادة طفل/ة مع إعاقة أو حدوث إعاقة عند أحدهم نتيجة مرض أو تعرض لحادث، في هذه الحالة تربية الطفل/ة مع الإعاقة يتطلب من الوالدين أولاً فهم ومعرفة الإعاقة الموجودة، وبالتالي تقبل الوضع القائم حتى يستطيعوا التعامل بالطريقة الأفضل معه/ا والتعايش بشكل صحي وسليم كأفراد عائلة مع إعاقة لاحد الاولاد.

التعامل مع الأزمة:

ولادة طفل/ة مع إعاقة تُحدث أزمة عند الوالدين وصاحب/ة الإعاقة وأيضًا عند الإخوة والأخوات إن وجدوا.

مراحل الأزمة: (هذه المراحل تنطبق على صاحب الإعاقة والأهل والإخوة)

الصدمة: يُصاب الزوجان وجميع أفراد العائلة على حدٍ سواء بذهول، لا يفهمون، لا يدركون، ولا يستطيعون استيعاب وإدراك الذي يحدث معهم، ويستولي عليهم الشعور بالعجز لحد "الشلل".

الإنكار: يتعامل الشخص في هذه المرحلة بإنكارالمشكلة، ولا يعترف بالوضع القائم، يتصرف ويتعامل وكأنَ شيئًا لم يكُن ويمني النفس وكأن كل شيء سوف يكون على ما يرام قريبًا، بناءًا على ذلك يقوم بتجاهل الوضع، يرفض طلب وتلقّي المساعدة، هنالك من يستمر بهذا السلوك لمرحلة طويلة أو قصيرة، وعندما تبدأ التساؤلات: لماذا يحدث لي هذا؟ فهذا مؤشر للانتقال للمرحلة القادمة.

البحث عن السبب "لماذا؟" ماذا فعلت ليحدث لي هذا؟ ما ذنبي؟ كل هذه التساؤلات المستمرة هي وسيلة الشخص الأولى للتعامل مع "الفقدان" - الأزمة ، لهذا من المهم هنا دعم الشخص في تعزيز التفكير المنطقي لديه وعدم تذنيب ذاته، وحينما نشهد مؤشرات الغضب فهي بداية للمرحلة القادمة (هنالك من لا ينتقل للمرحلة القادمة ويبقى لسنوات في هذه المرحلة وتدعى مرحلة التجمُد).

الغضب: تتميَز هذه المرحلة بالشعور بالغضب من كل شيء وعلى كل شيء. فالشخص يشعر بالغضب على نفسه، على الظروف التي وضعته في هذه الوضعية وعلى الآخرين. بالتالي يُلقي مسؤولية ما حصل على الآخرين، كما وينتظر من الآخرين مساعدته وتقديم التسهيلات له من دون أن يطلب ذلك، وفي حال لم يفعلوا يلقي اللوم عليهم ويُكثر من التذمر بدل أن يُبادر ويأخذ مسؤولية مساعدة نفسه وتحسين وضعه، يُسيطر بهذه المرحلة خطاب الضحية ولوم الأخرين، من الجدير ذكره أن العديد من الأشخاص مع إعاقة يبقون بحالة تجمُد بهذه المرحلة.

التعايُش مع الإعاقة: غالبية الأشخاص يصلون لهذه المرحلة، فمنهم من يتعايش مع الإعاقة بشكل سلبي- أي أنهم يعترفون بوجود الإعاقة لكنهم لا يتقبلون الوضع، وبناءًا على ذلك يعيشون مع شعور بالنقص، وبعدم الرضا، وبالغضب ويرون أن الإعاقة (إعاقة الإبن/البنت) تُعيق تحقيق أحلامهم وطموحاتهم. ومنهم مَن يتعايشون بشكل إيجابي- أي أنهم يلائمون أحلامهم وطموحاتهم لقدراتهم وظروفهم، يؤمنون بوجود قدرات لدى الإبن/ة مع الإعاقة ويعملون على تحقيق ذواتهم. هؤلاء هم الذين يصلون إلى المرحلة التالية والأخيرة.

تقبُل الإعاقة: بهذه المرحلة يصل الشخص لتقبل الذات وتقبل الإعاقة، يشعر بالرضا وبالقناعة يأخذ مسؤولية على حياته، ويبادر بالبحث عن بدائل وحلول للتحديات التي يمر بها.

بهذه المرحلة تتحول رؤية الشخص من شخص معاق (بدون قدرات) إلى شخص مع إعاقة محددة (جسدية، نفسية، عقلية، بصرية، سمعية، الخ..) مع كثير من القدرات.

عدم معرفة هذه المراحل والتعامل معها، وعدم الأخذ بالحسبان بأن أفراد العائلة يتأثرون هم أيضا بوجود الإعاقة ويمرون بالمراحل التي يمر بها الشخص مع إعاقة، يصعب المشكلة ،ولكل هذه العوامل التي ذكرت تقف العديد من الصعوبات والأزمات والتحديات بين جميع أفراد العائلة، ولدى كل فرد منها مع العالم الخارجي أيضًا، وبالتالي يمنعهم من الوصول إلى مرحلة "التقبُل"، ومهم الأخذ بعين الاعتبار هنا أن الوتيرة قد تختلف من شخص لآخر بين أفراد العائلة، فهنالك عائلات تُجند أفرادها للتغلب على الوضع القائم "الأزمة"، وعائلات أخرى يكون لهذا الحدث تأثيرا سلبيا، مما يزيد من المشاكل والصراعات داخلها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفككها وانهيارها عند مواجهة الأزمات. إن التعامل مع الأزمات بشكل عام وأزمة وجود إبن/ة مع إعاقة بشكل خاص يتطلب، دعما نفسيا من قِبل مهنيين مختصين، ودعما من العائلة الموسعة والأصدقاء، معرفة واستخدام الخدمات المتوفرة بالمجال، والتعرف على عائلات شبيهة في المشكلة من أجل الدعم أيضا، وتبادل الخبرات ومعرفة أنهم ليسوا لوحدهم، بالإضافة إلى تعزيز الصفات الشخصية كالثقة بالنفس، والإيمان بالقدرات كأفراد وكعائلة مترابطة.

(يتبع)

سمر أبو قرشين، عاملة إجتماعية، مُرَكِزة مشروع "نساء مع إعاقة" مركز "الطفولة" الناصرة

 

التعليقات