16/01/2018 - 16:12

الوالدية في ظل وجود أعاقة لدى واحد/ة من الأبناء (2)

الأخوة والأخوات هم مورد دعم وممكن أن يكونوا شركاء بالمسؤولية بحال تمت بمشاركة وملاءمة بين أفراد العائلة

الوالدية في ظل وجود أعاقة لدى واحد/ة من الأبناء (2)

(تتمة مقال- الوالدية في ظل وجود إعاقة لدى واحد/ه من الأبناء - سمر أبو قرشين)

تحديات يواجهها الوالدين بوجود إبن/ة مع إعاقة:

إعادة ترتيب الأولويات والمهام بين الزوجين:

بلا شك وجود أبناء لدى الزوجين يزيد من المسؤوليات والإلتزامات الملقاة على عاتق كل منهما تجاه أنفسهما وكل واحد تجاه الآخر، ووجود إبن/ة مع إعاقة يتطلب أحيانا بالفترة الأولى من الإعاقة على الأقل عناية خاصة، فحوصات طبية وغيرها، مما قد يؤثر على الحياة المهنية، والتعليمية وغيرها لدى الوالدين (من سيغيب عن عمله ليبقى مع الإبن/ة أو من سيصطحبه/ا للفحوصات. أو من سيتخلى عن مهنته أو تقدُمه المهني، تعليمه وغيرها...). بالإضافة للمهام العائلية والمنزلية الأخرى، لذا من المهم جدا تنسيق هذه الأمور منذ البداية وتوزيعها بشكل مدروس وواعٍ وليس بشكل عشوائي.

العلاقة الزوجية للوالدين:

المسؤوليات والإلتزامات والمهام اليومية المطلوبة من كلا الزوجين للقيام بها بحالات كثيرة تأخذ جل وقتهم وإهتمامهم وببعض الحالات تؤدي لمشاحنات وخلافات بين الزوجين، ممكن أن تؤدي لتباعد عاطفي بينهما. لذا من المهم جدا أن يتذكر الزوجين أنهما شركاء بالإهتمام بالقضايا والتحديات العائلية وبأن كل واحد منهما هو مصدر دعم للآخر، عليهم الإهتمام بأنفسهم وببعضهم كي يستطيعوا الإستمرار والحوار الفعال بينهما ومشاركة بعضهما البعض بالمشاعر والأفكار والتحديات والأحلام وهذا أساس لحياة زوجية ناجحة لمواجهة الصعوبات وتحقيق الذات.

الاهتمام بباقي الأبناء والبنات:

في غالب الأحيان يكون للإبن/ة مع الإعاقة أخوة وأخوات يحتاجون هم أيضا الدعم والرعاية، فانشغال الوالدين بالإبن/ة مع الإعاقة قد يُلهيهم عن باقي أبنائهم ، الأمر الذي قد يؤدي لغيرة بين الأخوة، وشعورهم بالإهمال وهذا الإهمال قد يكون له أبعاد أكثر تعقيدا وخلق مشاكل إضافية لديهم، هذا التحدي لن يتواجد بحال تم التعامل بشكل سليم ومدروس مع التحديين السابقين.

الحياة الإجتماعية:

هنالك أهل يختارون الإنقطاع عن الحياة الإجتماعية لأسباب مختلفة، منهم من لا يجد الوقت لانشغالهم بالأمور اليومية، منهم من يخجل من نظرات الناس التي كلها علامات إستفهام وشفقة تجاههم لوجود لديهم إبن/ة مع إعاقة، بينما الأزواج والعائلات التي تصل لمرحلة التقبل لا تعنيها تلك النظرات ولا تردعهم بل على العكس، قد تكون دافعا ومحفزا لهم لإحداث التغيير بالمجتمع وتغيير الأفكار النمطية تجاه أشخاص مع إعاقة، خاصة أن العلاقات والحياة الإجتماعية هي مصدر دعم آخر إذا كان عند الزوجين معرفة ودراية في كيفية إستخدامه.

إعطاء مسؤولية لأخوة والأخوات:

هنالك أهل يعطون مسؤولية لباقي الأخوة والإخوات للاهتمام بالأخ/ت مع الإعاقة، هذا الأمر قد يكون سيفا ذا حدين، من جهة ممكن أن يكون مصدرأ قويا لتطوير قوة الشخصية وتطوير حصانة بمواجهة تحديات الحياة وتعلم تحمل المسؤولية شرط أن تكون من منطلق إستعداد ورغبة من قبل الأخ/ت المعتني/ة، وأن تكون المساعده ملائمة لقدراته، ومن جهة أخرى ممكن أن يكون هذا عبءً ومصدر غضب وإنزعاج في حال أُسقِطت المساعدة من الوالدين على الأخ/ت دون مشاورته/ا وإبداء جاهزية وإستعداد ورغبة من قبله/ا لذلك، وأن لا يكون على حساب أولويات وبرامج هو/ي غير مستعد/ة للتنازل عنها ، مهم أن أكرر وأشدد على أن الأخوة والأخوات هم مورد دعم وممكن أن يكونوا شركاء بالمسؤولية بحال تمت بمشاركة وملاءمة بين أفراد العائلة.

رسالة للوالدين:

بهذا المقال أتوجه لكل الأزواج الذين لديهم إبن/ة مع إعاقة أن يساعدوا أنفسهم وأبناءهم وبناتهم بتقبل الإعاقة لأنها شرط أساسي للعيش بسلام داخلي والتقدم بالحياة، مهم جدا أن يتعرفوا بعمق على الإعاقة الموجودة عند الإبن/ة وعنها، الإعاقات تختلف من حيث نوعها وحدّتها، وهذا مهم حتى يستطيعوا ملاءمة توقعاتهم من الإبن/ة، دون أن يقللوا من قدراته/ا ومن دون أن يصابوا بخيبة الأمل من توقعات غير مناسبة، من ناحية أن يهتموا بالإبن/ة مع الإعاقة ويوفروا له/ا الحماية، وفي نفس الوقت لا يمنعونه/ا من خوض التجارب (حسب الجيل طبعا) لمعرفة وإكتشاف قدراته/ا.

أن يؤمنوا بقدراته/ا وأنه حقا ي/تستطيع ولا يقفوا عند أول فشل ويأخذونه ذريعة على أنه/ا لاي/تستطيع، تذكروا أن عدم النجاح من أول مرة ممكن أن يحدث مع كل شخص مع أو بدون إعاقة، فقط بهذا التوجه نساهم بصقل شخصية قوية تؤمن بذاتها وبقدراتها والسماء هي الحدود.

 

سمر أبو قرشين، عاملة إجتماعية، مُرَكِزة مشروع "نساء مع إعاقة" مركز "الطفولة" الناصرة

التعليقات